خدم رومان باكا، ثماني سنوات في صفوف سلاح مشاة البحرية الأمريكي، قضى منها ثمانية أشهر في مدينة الفلوجة بغرب العراق بين عامي 2005 و2006.
وعاد «باكا» في الآونة الأخيرة إلى العراق، في مهمة جديدة مختلفة تماما، هي كسب ود أبناء الجيل الجديد في العراق من خلال فن الباليه.
و«باكا» راقص محترف للباليه، وكان خلال وجوده في العراق عضوًا في فريق دعم العمليات القتالية في الفلوجة.
وأصيب «باكا» بعد عودته إلى الولايات المتحدة بالاكتئاب والقلق والغضب، لكنه أسس فرقة للباليه انضمت في وقت لاحق إلى فرقة أخرى في مانهاتن لبدء مشروع لتدريب شبان وفتيات من أربيل وكركوك على أشكال مختلفة للتعبير.
وأدار «باكا» بالاشتراك مع معلمة الرقص، روبن كانتريل، ورشة عمل استمرت أسبوعاً في أربيل عاصمة إقليم كردستان بشمال العراق لتدريب مجموعة من الشبان والفتيات على الحركات التعبيرية.
وشارك في الدورة في مطلع أبريل زهاء 35 شاباً وفتاة، تعلموا التعبير بحركات الحسم عن أي مواضيع تهمهم.
وذكر «باكا» أن التدريبات كان لها تأثير إيجابي جداً على المتدربين والمعلمين على السواء.
وقال: «وجودي هنا دون دروع ولا أسلحة لأقدم فناً غير مواقف الناس وتفاعهلم معنا. الابتسامة والعناق والمصافحة جعلتنا نشعر بأنهم لم يفتحوا قلوبهم لنا ويرحبوا بنا فحسب، بل علمونا الكثير أيضا عن ثقافتهم وعن الناس وعن مشاعرهم».
كما ذكر «باكا» أن التدريبات ليس هدفها تعليم العراقيين فن الباليه، بل تدريبهم على التعبير عن أنفسهم من خلال الحركة.
وقال: «لم نحضر لنعلمهم الرقص بل جئنا لنساعدهم في التعبير عن أنفسهم، من خلال الحركة والإبداع. هذا العمل هو إبداعهم. جمعنا أجزاء منه ووضعنا لها موسيقى. كل هذا جاء من آمالهم ومخاوفهم وأحلامهم وتطلعاتهم ومشاعرهم نحو وطنهم».
وأوضح «باكا» أن الدورة تولى ترتيبها جوناثان هولاندر، المدير الفني لفرقة باتري للرقص، الذي اتصل بالسفارة الأمريكية في بغداد فأحالته إلى القنصل الأمريكي في كركوك، الذي ساعده في تنظيم الدورة في أربيل.
وكان معظم المتدربين في الدورة طلاب يدرسون فنون المسرح، ومنهم أربعة مدربين على فنون الأداء ويعملون أيضاً في مجال التمثيل والإخراج المسرحي.
وقال «باكا»: «لقد أبدوا نشاطاً حماساً منقطع النظير. أبدوا تعطشاً لمثل هذا العمل وألهموني أنا وشريكتي روبن، وأبدوا رغبة حقيقية في التعبير عن أنفسهم من خلال الفن والمسرح.. من خلال الإخراج والرقص، وهم ممتنون إلى أقصى حد للعمل الذي نؤديه».
كما أثنى الجندي السابق على قدرة المتدربين على التواصل مع المعلمين، وعلى استعدادهم لتجربة الاختلاط بين الجنسين في حدود من خلال العمل الفني.
وقال: «كان القلق يساورنا بخصوص الاختلاط بين الشبان والفتيات.. لا بين المتدريبن فحسب، بل بينهم وبين المدربين أيضاً. معلم الرقص يجب أن يؤدي أقصى ما يمكن من التدريبات العملية. لكننا نعاملنا معهم ببطء وبالتدريج.. اللمس والتفاعل بين الشاب والفتاة.. وتقبل المتدربون ذلك إلى حد معين وعندما كانوا لا يشعرون بالارتياح كانونا يقولون ذلك وكنا نمضي قدما».
وشارك في التدريب خلال ورشة العمل في أربيل، صباح حسين، مدرس فن المسرح بمعهد كركوك للفنون الجميلة، الذي وصف المشروع بأنه فرصة نادرة لاكتساب الخبرات والتقنيات من معلمين محترفين.
وقال: «هم ناس بسطاء.. ناس متمكنين من أداء الدور المطلوب منهم.. متمكنين من مهنتهم جيدا. حبذا لو يكون عندنا طالب أو طالبان يستطيع أن يصل إلى ربع الذي وصلوا له. بالإضافة إلى ذلك أن رومان كان مشارك في حرب الفلوجة وأثرت بنفسه كثيراً، فعندما رجع إلى أمريكا لم يستطع أن يستمر بالحياة الطبيعية فالتجأ إلى الرقص، لأن الرقص ينفس. الموسيقى غذاء الروح. يستطيع أن يخرج من مشاكله بالرقص. وهكذا نفس الشيء سينعكس علينا. ما نعاني من مشاكل والمشاكل التي يعاني منها طلابنا سوف نخرجها بالرقص».
وأدارت فرقة باتري للرقص من خلال مشروع «بناء الفريق»، ورش عمل مماثلة في 24 بلدا مختلفا منذ عام 2006.