الكلب أوفى صديق للإنسان.. هذا ما يؤمن به الكثيرون في مختلف أنحاء العالم، بل إن بعض الدراسات ذهبت إلى أن العلاقة بين الإنسان وكلبه تصل في بعض الأحيان إلى مستويات أكبر من تلك التي تجمعه بعائلته، لدرجة أن أي شيء يصيب أحدهما يؤثر في الآخر، ولكن الأمور لا تسير هكذا في أفغانستان.
وعلى الرغم من قدسية يوم الجمعة لدى المسلمين، إلا أن الأفغان لا ينفضوا من أداء الصلاة في سهول «مير باشاكوت» بشمال أفغانستان بولاية كابيسا، إلا ويتوجهوا لمشاهدة مصارعة الكلاب التي تسعى السلطات لمنعها.
ففي «مير باشاكوت» التي يبدو اسمها مناسبا لساحة معارك حربية، يتصارع من 10 إلى 20 كلبا أحيانا حتى الموت، في معركة دموية أمام جمهور من المئات يضع مراهناته على كلبه المفضل.
ويحكى وليد الله رحيمي (30 عاما) والذي يعمل في مجال تربية الكلاب وتدريبها على المصارعة لوكالة الأنباء الإسبانية قائلا: «بدأت في هذا الأمر منذ كان عمري 10 سنوات، في بعض الأحيان قد يصل حجم المراهنات إلى 10 آلاف دولار» .
وتابع رحيمي: «الأمر بالنسبة لي طريقة لتحقيق الأرباح، ولكن في نفس الوقت أستمتع بهذه اللعبة ورؤية هذا الصراع» .
ويأخذ رحيمي كلابه الخمسة كل أسبوع إلى سهول «مير باشاكوت» من أجل عمله، الذي يتنوع جمهوره فمنهم أشخاص ينتمون إلى أدنى طبقات المجتمع وعلى العكس تماما يوجد رجال أعمال بل ورجال شرطة يعشقون متابعة هذه المعارك.
يقف الحكم في منتصف الحلبة المرتجلة والتي يُكّونها المشاهدون بوقوفهم في صورة دائرية ويشير لكلب رحيمي قائلا: «هذا الكلب جاهز للصراع من يرغب في مواجهته فليأت للحلبة» .
تمر عدة دقائق حتى يظهر الحاج برات الذي يظهر ممسكا بكلبه معلنا الموافقة على التحدي وسط تدافع من الحضور لمشاهدة هذا العرض الدموي.
هكذا تسير الأمور.. يتأكد الحكم من أن كلا الكلبين في وضعية المواجهة ويضع قطعة من القماش الأخضر بينهما ثم يرفعها فجاة ليبدأ الصراع على هذه الأرض الترابية وسط صراخ من الحضور والمدربين: «هيا أيها النمر، فلتقم بعضه، فلتصرعه، لا تتركه يهرب» .
وفي الوقت نفسه يزداد عدد الحضور ومعهم المراهنات، في الوقت الذي لا يتواني خلاله الحكم عن دفع أو سب أي شخص تسول له نفسه دخول الحلبة.
وربما يكون لتاريخ أفغانستان الطويل مع الحروب أثره في عشق بعض مواطنيها لهذه العروض الدموية بل وإنه خلال فترة من الزمان كانت تقام عروض لمصارعة الديوك بل وحتى الجمال، والتي تم تحريمها خلال حكم طالبان في الفترة بين (1996 و2001) .
انتهت المعركة السابقة بفوز كلب رحيمي بعد 10 دقائق من العراك، أثبت خلالها قوته وثبت منافسه بين فكيه دون رغبة منه في تركه حتى تدخل الحكم بعصاه ويضعها بين أسنانه ويفتح فكه ليترك المنافس المهزوم المصاب يهرب.
وبعد نهاية الصراع قال رحيمي لـ(إفي) وملامح السعادة تبدو على وجهه: «تكلفة كل كلب تتراوح من ألفين لـ10 آلاف دولار، لذا فليس من الغريب أن يكون أغلب من يمتلكونها من رؤساء الميليشيات أو الأثرياء».
ولكن كيف تصل الكلاب إلى هذا القدر من الوحشية؟، الإجابة عند رحيمي حيث أشار إلى ان المدربيين يخضعونها لخطة تدريبية تشمل العدو وتسلق الجبال هذا بخلاف تغذيتها بطعام مليء بالطاقة، على الرغم من أن جزءا كبيرا من الشعب الأفغاني يعاني من سوء التغذية.
ويقول المتحدث باسم الشرطة في العاصمة « حشمت ستانيكازي»: «نحاول منع هذه العادة في كل أنحاء البلاد، وألقينا القبض على البعض، الإسلام يحرم الصراع بين حيوانين من أجل المتعة، وتركهما بعد ذلك مصابين ليموتا» .
وعلى الرغم من هذا الكلام، يوجد كثير من رجال الشرطة يشاهدون العروض ويستمتعون بها، بل إن منهم أيضا من يأتى بكلبه للمشاركة في المصارعة.