حظ سعيد.. فيلم يسىء للثورة.. والإفيهات مكررة

كتب: رامي عبد الرازق الأربعاء 18-04-2012 18:33

تأخر أحمد عيد عاماً كاملاً عن اللحاق بعملية لملمة النقوط من تحت أقدام الثورة التى أصبحت أشبه براقصة فى أفلام المشتغلين بصناعة السينما، الكل يحاول أن يدفع أكبر عدد من الجمهور ليقوم برمى النقطة أسفل أقدامها على اعتبار أنها الموضة الرائجة، بداية من صرخة نملة، وسامى أكسيد الكربون، مروراً بتك تك بوم، وحتى فى شارع الهرم.

الفيلم كعادة الأفلام المصرية فى السنوات العشر الأخيرة أن تتم تسمية البطل باسم ما يصلح لكى يكون جزءاً من العنوان، وبعد مشاهدة الفيلم سوف تجد نفسك لا تدرى ما المقصود بحظ سعيد، هل المقصود هو تمنى الحظ السعيد للثورة بشكل ساخر أم التآسى على حال سعيد وحظه السيئ كشاب يعمل بائعاً متجولاً ومتزوجاً من فتاة لعوب لا يجد شقة ليستقر فيها وعندما يأتى اسمه فى كشوف المحافظة للحصول على شقق–وهى تسمية قديمة نشك فى أنها لا تزال موجودة حتى الآن أو حتى قبل الثورة.

سعيد نموذج للبطل النمطى أو بالأصح الأبطل، لأنه يتلقى الفعل طوال الوقت ويقوم فقط برد الفعل، فهو شخصية ضعيفة الإرادة دراميا لا تحرك أى شىء بل تتحرك وفقاً لقرارات وإرادات الشخصيات التى حولها ويبدو أن المؤلف لا يدرك الفرق بين أن تكون الشخصية ليس لها انتماء سياسى أو فكرى معين وبين أن تكون لا بطل، ولكن حتى لو كان سعيد بطلاً درامياً ذا إرادة وقرار فليس ثمة ما يمكن أن يفعله وسط هذه الأحداث الكرتونية الساذجة بداية من مشهد ذهابه للحصول على قرار علاج على نفقة الدولة من عضو مجلس شعب ودخول رجل أعمال عليهم وإعطاء العضو له آخر استمارة علاج، لأن «عنده كحة» بينما أم سعيد تعانى من التهاب رئوى وتليف كبدى، مروراً بعملية فتح المظاريف الغريبة ومنح مسؤول المحافظة المتدين رشوة بطريقة خائبة من قبل المقاول الجشع الشهوانى الذى لا يزال يتصور صناع الفيلم أن أسلوب اللعاب السائل على زوجة البطل والهجوم عليها أمامه إفيه يستحق الضحك أو حتى الابتسام.

ناهيك عن عملية السخرية من الثورة نفسها للدرجة التى يتحول فيها شباب التحرير إلى مجموعة من المطنطنين بشعارات «كلنا إيد واحدة فى الميدان»، ثم الخوض الجاهل جدا فى شرح طبيعة التيارات الفكرية المختلفة كالعلمانية والليبرالية والديمقراطية وهو ما يستوجب التوقف أمامه وسؤال صناع الفيلم عن حقيقة مقصدهم! فلا مانع من عمل فيلم ضد الثورة إذا كان الكاتب أو المخرج يملك ما يقوله ضدها، ولكن ما شأن التيارات الفكرية بهذه التوصيفات الأمية التى يسوقها السيناريو عن الليبرالية والعلمانية! وعن محاولة إظهار أن الميدان لم تكن تجمعه وحدة فكرية انسجامية رغم الاختلاف الأيديولوجى، بل تغييب الشباب البسيط والذى ذهب فقط من أجل مصر! إلا إذا اعتبرنا أن شخصية وفاء أخت سعيد هى نموذج لهذا الشباب! فهى فى الحقيقة نموذج دعائى فج شديد السذاجة يتحدث بشعارات فارغة بل إننا نجدها على عكس ما شاهدنا فى موقعة الجمل تقف فى الصفوف الأمامية وتتلقى حجر فى رأسها لمجرد أن يجعل السيناريو سعيد تتقمصه روح نور الشريف فى مشهد الفينال بفيلم سواق الأتوبيس ويقوم بإلقاء التوكيلات التى حصل عليها صارخاً يا ولاد الكلب.

أميز ما فى التجربة على المستوى الإخراجى هو القدرة على إعادة بناء ميدان التحرير بشكله أثناء الثورة عن طريق استخدام الجرافيك والكرومات (الخلفيات التى يتم إسقاط الصور عليها) وهو الشىء الوحيد الذى يحسب لطارق عبدالمعطى وفريق العاملين معه على مشاهد الميدان، فالنسب واضحة وجيدة وسليمة إلى حد كبير كما أن تفريغات وجوه وأجساد الشخصيات متقنة على الخلفيات، أما باستثناء ذلك فهو مخرج متواضع الإمكانيات فيما يخص تحريك ممثليه وصناعة الإفيه البصرى وإبراز الإفيه اللفظى. كذلك يعتبر «أحمد صفوت» اكتشافاً حقيقياً بالفيلم من خلال شكل مختلف وروح تشخيصية فطرية وحية حتى إن مشاهده ولقطاته القليلة سحبت البساط كثيراً من تحت أقدام أحمد عيد الذى يقف ضعيفاً ومشوشاً وحائراً فى هذا الفيلم تختلط على لسانه اللهجة الفلاحى لشخصية سكر التى قدمها بالتليفزيون منذ عامين مع اللهجة القاهرية لسعيد مع بعض الإفيهات الملامحية والجسدية التى حققت شهرته فيما مضى، ولم تعد مجدية فى إضحاك الجمهور أو جذبهم لمتابعته.