ليس الأول لكنه الأوسع من نوعه في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، إذ يشمل كل سجون ومعتقلات الاحتلال، فرغم أن الأسرى الفلسطينيين خاضوا العديد من الإضرابات الشهيرة، من إضراب 1980 «المفصلي»، وإضراب 1992 الذي عُرف باسم «أم المعارك»، إلا أن إضراب هذا العام يأتي في وقت كَسَر فيه الأسير خضر عدنان رقمًا قياسيًا بإضرابه 66 يومًا احتجاجًا على اعتقاله الإداري، ومن بعده الأسيرة هناء الشلبي و10 آخرين لايزالون في إضرابهم المفتوح عن الطعام.
وتحت شعار «سنحيا كرامًا»، بدأ أكثر من 2700 أسير فلسطيني إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، توقع مراقبون أن يكون «حاسمًا في تاريخ الحركة الأسيرة»، وذلك بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف 17 أبريل من كل عام، احتجاجًا على ظروف اعتقالهم وسياسة الاحتلال الصهيوني بحقهم، مطالبين بتحسن ظروفهم اعتقالهم بما كفلته القوانين والشرائع الدولية.
ويقول وزير الأسرى وشؤون المحررين، عيسى قراقع، إن مطالب الأسرى في هذا الإضراب تتركز على تحسين ظروفهم الاعتقالية وإعادة ما تم سحبه من قبل مصلحة السجون من إنجازات حصلوا عليها خلال نضالاتهم المتعاقبة.
من هذه المطالب، كما قال قراقع لـ«المصري اليوم»، إنهاء سياسية العزل الانفرادي، واستئناف برنامج الزيارات للأسرى خاصة أسرى قطاع غزة، وإلغاء العمل بما عرف بـ«قانون شاليط»، وإنهاء سياسة التفتيش العاري واقتحام الغرف ومنع إدخال الصحف والمجلات ووقف استكمال التعليم.
ويطالب الأسرى بتحسين العلاج الطبي لهم، ووقف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز، ووقف العقوبات الفردية الجماعية بحقهم، وكان الأسرى قد أعلنوا عن تشكيل هيئة قيادية للإضراب وإدارته في كل السجون، مكونة من قادة الفصائل الفلسطينية في سجون الاحتلال.
ويقول الباحث المختص في شؤون الأسرى، أيمن كراجه، إن أكثر من 2700 أسير سيخوضون الأضراب من أصل 4600 أسير، يستثنى منهم الأطفال والموقوفين بلا تهمة والنساء والمرضى، والبالغ عددهم قرابة 1500 أسير.
وتوقع كراجه أن تشكل خطوة الإضراب هذه حافزًا لمشاركة جماعية للأسرى في السجون، وأن يكون حاسمًا في تاريخ الحركة الأسيرة، خاصة أنه لا مجال للتراجع فيه في ظل ما تعانيه الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال مؤخرًا.
وقال كراجه في حديث خاص مع «المصري اليوم»، إن سياسة إسرائيل تحتم على الأسرى الدخول في معركة معها، فلا مفر من الإضراب والمواجهة، خاصة أن هناك قرارًا سياسيًا واضحًا بالتضييق عليهم من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وبحسب كراجه فإن نجاح هذا الإضراب يتطلب مساندة جماهيرية وشعبية قوية، في كل المناطق بفعاليات نوعية وفي كل التوزيعات الجغرافية، وعلى الفصائل تحمل مسؤولياتها أيضا، وعلى المستوى الرسمي تفعيل دور الممثليات والسفارات في الخارج لشرح قضية الأسرى ومعاناتهم.
ولا يعد هذا الإضراب هو الأول من نوعه الذي يخوضه الأسرى في سجون الاحتلال، ففي تقرير أعده عبد الناصر فروانة، مدير دائرة الإحصاء بوزارة شؤون الأسرى والمحررين، أشار إلى أول إضراب بدأ عام 1969، حيث خاض الأسرى مجموعة من الإضرابات في سجون متفرقة.
لكن الإضراب الأبرز كان في عام 1976 لمدة 45 يومًا، تلاه إضراب عام 1980، وكان يوصف بأنه «مفصلي» في تاريخ الحركة الأسيرة، إذ استمر 32 يومًا، واستشهد خلاله الأسيران راسم حلاوة وعلي الجعفري، تلاهما إسحق مراغة، ورافقت هذا الإضراب حملة شرسة لقمع الأسرى من قبل إدارة مصلحة السجون بإشراف وزير الداخلية الإسرائيلي، لذلك عرف بأنه الأشرس والأكثر عنفًا.
وبعد سلسلة إضرابات تلت إضراب عام 1980 جاء إضراب 1992 الذي استمر15 يومًا، وعرف باسم «أم المعارك» إذ شكل مرحلة مهمة، وشارك فيه نحو 7 آلاف أسير، وحظي بمساندة جماهيرية واسعة في الوطن والشتات، وحقق العديد من الإنجازات واستشهد خلاله الأسير المقدسي حسين عبيدات.