لم يكتف أحمد مكى بالتمثيل والإخراج والإنتاج فقط، بل قرر أن يكون مطرباً لفن «الراب»، وأطلق ألبومه الأول «أصله عربى»، الذى كتب كلماته، باستثناء أغنية واحدة للشاعر مصطفى إبراهيم، وصور واحدة من أغنياته بعنوان «قطر الحياة». يؤكد «مكى» أن تعدد المواهب ليس عيباً، المهم أن يجيد الفنان فى المجال الذى يسلكه، كما يؤكد أن التمثيل - رغم نجاحه فيه - يعتبر فى المرتبة الثانية بالنسبة له بعد الغناء والإخراج.
وقال لـ«المصرى اليوم»: إنه فضل أن يكون الألبوم بعيداً عن السياسة، وأن يكون إنسانياً 100%، تتناول أغنياته قضايا إنسانية مهمة، وأن الأحداث السياسية المتلاحقة جعلت من الصعب التوقع بالسيناريوهات المقبلة.
■ «مكى» ممثلاً ومؤلفاً ومطرباً وشاعراً.. ألا تؤمن بالتخصص؟
- ليس عيباً أن تكون متعدد المواهب.. المهم أن تجيد أى مجال تسلكه، وفى موسيقى «الراب» يفضل طبعاً أن يكون المطرب هو كاتب الأغنيات، لأن فن «الراب» هو كلمات بالأساس، ثم بعد ذلك صوت ولحن، وكل الأغنيات من تأليفى، عدا أغنية واحدة عنوانها «مية مية كانت هتفرق» للشاعر مصطفى إبراهيم.
■ هل ترى نفسك مؤهلاً للدخول فى عالم الغناء والمنافسة؟
- أتمنى ذلك، أنا أحب «الراب» ودرسته، و«الراب» فن إلقائى ويتطلب إحساساً عالياً بالإيقاع، وفى الوقت نفسه، لازم تكون بتعرف تكتب كويس وملم بفن الإلقاء، ودرست كل أنواع الموسيقى قبل دراستى الإخراج.
■ كليب «قطر الحياة» مؤثر جداً.. هل هناك قصة حقيقية وراء كتابتك تلك الكلمات؟
- هناك 8 قصص حقيقية حدثت فى محيطى بين أصدقائى وجيرانى وزملاء لى فى التعليم، وفى النادى، وللعلم نسبة مدمنى الهيروين كبيرة جداً ومفزعة، وتجار الهيروين يبتكرون طرقاً جديدة باستمرار لاصطياد ضحاياهم، ويركزون أكثر على أبناء الطبقة الراقية، وقد حاولت تقديم تصور مقنع لمن مروا بتلك التجربة، وأسعدتنى جداً التعليقات على الفيديو بموقع يوتيوب، ومن أجمل ما قرأت تعليق كتبه شاب يقول :«أنت أقنعتنى فى 8 دقايق إنى أمتنع عن المخدرات وسأفعل»، وقال آخر يدعى «مايكل» من لندن :«لقد أعجبنى الكليب وحين شاهدته فكرت جدياً فى تعلم اللغة العربية حتى أستطيع أن أفهم الكلمات»، وهذه التعليقات وغيرها أعطتنى ثقة وجعلتنى أتأكد أن ما قدمته كان واقعياً.
■ هل تريد إرسال رسالة محددة فى هذا التوقيت تحديداً من الكليب؟
- بالتأكيد، رسالتى هى أن ارتفاع معدل الجريمة سببه الرئيسى إدمان الشباب، والحقيقة أن الكيميا والترامادول (بهدلوا مصر)، ونسمع أحياناً عن شاب يرتكب جريمة اغتصاب ثم قتل، وهو لا يدرى ما يفعله، وحين يفيق على هذا الكابوس يعود للتعاطى، لأنه لا يريد هذا الواقع المأساوى الذى صنعه فى لحظات غيابه عن الوعى، والرسالة طبعاً تحذيرية لأن الإدمان لا ينتج عنه سوى الجريمة والضياع وتبديد المال والصحة.
■ لديك أغنية أخرى اسمها «أصله عربى» تؤكد أن «الراب» فن عربى بالأساس، فما دليلك على ذلك؟
- الأدلة كلها ذكرتها بالأغنية، وهى قصة شيقة وموثقة 100% ومن يبحث للتأكد من صحة معلوماتى سيجد تلك الحقيقة فعلاً، وهى أن «الراب» فن عربى بالأساس، بدأ فى شبه الجزيرة العربية فى سوق للمبارزات الكلامية والهجاء والارتجال، وهذه الثقافة وصلت إلى أفريقيا عن طريق التجارة، فوضع الأفارقة هذا الكلام على الإيقاع لأنهم بارعون فى الإيقاع واستخدام الطبول، وحين اكتشف كولومبوس أمريكا ذهب الأفارقة - كعبيد لبنائها، وهناك كانوا يبارز بعضهم البعض كلامياً حتى تطور فن «الراب» بالشكل الذى نشاهده الآن.
■ لماذا لم يتضمن ألبومك أغنية سياسية تناقش أحوال مصر الآن؟
- فضلت أن يكون الألبوم بعيداً عن السياسة، وأن يكون إنسانياً 100%، هذه كانت وجهة نظرى، الأغنيات تتناول قضايا إنسانية مهمة، وكل أغنية تحمل رسالة محددة، هناك أغنية مثلاً عن الصديق الوفى، وأغنية أخرى اسمها «طرقت بابك»، وهى عبارة عن «راب» صوفى تقول كلماتها «مهما مراكبك عطلت وقفت متكتئبش.. سيبها على الله واتوكل صدقنى بكره هتمشى»، وهناك أغنية عن الوحدة بيننا، لأننا بيننا فرقة شديدة وكراهية متبادلة غريبة، ليست فى مصر فقط، وإنما فى الوطن العربى كله، هناك أغنية أخرى اسمها «أيام زمان»، تتحدث عن ذكريات الماضى الجميلة، وأغنية كوميدية أخرى اسمها «حلة محشى»، عن الازدحام غير الطبيعى والموضوعات كلها إنسانية.
■ ما الذى تريد تحقيقه من ألبوم «أصله عربى»؟
- هدفى ليس تجارياً طبعاً، لأن «الراب» لا يحقق ربحاً تجارياً، ولو كنت أريد الربح لغنيت أى لون آخر، لكن هدفى التأكيد على مصرية فن «الراب»، وأيضاً مناقشة مشكلاتنا وأحوالنا بشكل يفهمه الشباب، وللعلم كلمات صلاح جاهين تعتبر «راب»، لكن دون موسيقى، نجاح الألبوم بالنسبة لى هو تأثر الناس به.
■ بعض الفنانين لا يتحمسون لوضع رسائل فى أعمالهم الفنية باعتبار أن الفن ليس منبراً للمواعظ فما رأيك؟
- أفضل أن يكون أى عمل له رسالة، وهذا لا يعنى أن الفن منبراً للمواعظ، لكن أى قالب فنى سواء كليب أو فيلم يشاهده الناس ويتأثرون به، وصغار السن يقلدونه، وهذه الفرص التى أعطانى الله إياها أفضل استثمارها فى إيصال رسالة إيجابية هادفة تنفع الناس، حتى يدعوا لى بعد مماتى، ويتباهى بها أولادى من بعدى، هذه هى فلسفتى فى صناعة أى عمل فنى.
■ هل لديك مشروعات سينمائية أو تليفزيونية فى مرحلة التحضير؟
- لا توجد مشروعات تليفزيونية، أريد أن أعطى وقتاً أطول لفيلم سأشارك فيه بالتمثيل فقط، بينما يخرجه شخص آخر، وهناك مشروعا سينما تكتبهما ورشة، ومازلنا نفاضل بينهما وسنبدأ بأحدهما قريباً.
■ كيف ترى الأحداث السياسية التى تمر بها مصر؟
- أعتقد أن أى دولة أخرى فى العالم لو ظلت لأكثر من عام دون رئيس سيحدث بها كوارث، لذا أرى أن الشعب المصرى لديه ثقافة وحضارة ويستطيع التعايش حتى فى الظروف الاستثنائية، صحيح هناك أزمات وهناك مجموعات عملت كوارث، لكنها الحمدلله قليلة وبسيطة بالنسبة لتغيرات الوضع السياسى.
■ والصراع بين مرشحى الرئاسة؟
- جو الإحباطات موجود طبعاً، لذا ليس لدى مرشح مستقر عليه حتى الآن، الرئيس يجب أن تتوافر فيه مواصفات كثيرة، أهمها أن يكون دبلوماسياً فعلاً، ومديراً بمعنى الكلمة وكاريزما، فهى صفة مهمة جداً، وفى أمريكا الكاريزما عليها درجات، فلو وجدوا شخصاً لديه كل مواصفات الرئيس عدا الكاريزما.. لا ينتخبونه لأن الرئيس سيكون رمزاً لبلدهم وهيبة البلد من هيبة رئيسها.
■ هل ممكن أن تختار رئيساً ذا مرجعية إسلامية؟
- ممكن طبعاً، المهم تتوافر فيه مواصفات الرئيس، أنا لا أعبأ كثيراً بالكلام عن المرجعية، مرجعيته تخصه كشخص، المهم أن تكون أفكاره يتقبلها المجتمع كله، ولا يتخذ قرارات تغضب فصيلاً معيناً، أو تحرم فئة معينة من حقوق معينة، لو هو إسلامى بالمعنى الصحيح سيكون وسطياً جداً ويتعامل مع كل الناس دون أدنى مشكلة، والدولة الإسلامية كانت قوية لأنها راعت العدل.
■ هل من الممكن أن تختار رئيساً كان محسوباً على النظام السابق؟
- لا.. هنا الأمر مختلف، حتى لو توافرت فيه كل مواصفات الرئيس فلن أختاره، لأننا عملنا ثورة حقيقية وليست لعباً، وبالتالى أفضل أن يكون الرئيس الجديد بعيداً تماماً عن النظام السابق، نحن ننتخب بعد ثورة، يجب أن نعى هذا المعنى تماماً، مع احترامى لبعض الشرفاء المحسوبين على النظام الفاسد، لن اختار منهم أحداً.
■ هل يقلقك نهم جماعة الإخوان المسلمين ومحاولتهم السيطرة على المجالس النيابية وتأسيسية الدستور وانتخابات الرئاسة؟
- نحن شعب متدين بطبيعته، لكن فى السياسة يجب ألا نضع فرضيات، بل نتعامل مع الواقع، ونحاول تحقيق الوضع الأفضل، وإذا وجدنا فصيلاً يحاول فعلاً السيطرة على كل شىء يجب أن نتصدى له بالطرق السياسية والقانونية، لأننا لو تركنا سنسمح بديكتاتورية جديدة، وعموماً أنا متفائل لأن مدة الرئاسة 4 سنوات فقط، وهذا إنجاز كبير للثورة مهما كان الرئيس سيئاً فلن يستمر معنا أكثر من مدته القانونية.
■ ما أكثر شىء يقلقك فى المرحلة الحالية؟
- الجهل المتفشى وحالة «التخويخ»، التى أصابت شريحة كبيرة من المجتمع بسبب فساد التعليم، لأنه تلقينى نحفظ كلاماً ونضعه فى ورقة الإجابة، دون أن نعطى وجهة نظر، فى ألمانيا مثلاً يعلمون الطفل منذ الصغر أن تكون لديه وجهة نظر، لقد فشلنا فى أول اختبار، وهو استفتاء تعديل الدستور، وقلنا «نعم»، وتم ترقيع الدستور، والآن ندفع الثمن، طالما هناك ثورة كان ينبغى أن نقول «لا»، ونكتب دستوراً جديداً بدلاً من ترقيع القديم.
■ هل تؤمن بنظرية المؤامرة؟
- نسمع هذا الكلام منذ فترة، وبالتاكيد به شىء من الحقيقة، لكننا لدينا مشكلة كبيرة قد تساعد على هذا، وإن لم تكن هناك مخططات، وهى مشكلة التعصب، فى الدين وفى الرياضة وفى السياسة وحتى فى الجغرافيا، فكل منا يتعصب أكثر لمنطقته ويعتبرها أفضل من منطقة غيره، وهذا تمييز غير مقبول، ويخالف الدين، لذلك نحتاج إلى ثورة أخرى يقوم بها كل شخص داخل نفسه من أجل القضاء على هذا التعصب.