منذ عودته إلى مصر، منتصف التسعينيات من القرن الماضى، يحرص الأديب الكبير بهاء طاهر على المشاركة الفاعلة فى الحياة السياسية.. ورغم تقدم السن، كنت تجده فى ميدان التحرير، وعلى سلم نقابة الصحفيين، وأمام الجامع الأزهر.. وإلى جانب إبداعاته الأدبية المترجمة إلى مختلف لغات العالم، من «خالتى صفية والدير» إلى «شرق النخيل» و«بالأمس حلمت بك» و«واحة الغروب»، لم يتوقف قلمه عن توجيه سهام النقد الحاد إلى نظام الرئيس المخلوع، وجماعات الإسلام السياسى، ومواجهتهم بصراحة ووضوح شديدين طوال سنوات ما قبل 25 يناير.
وفى هذا الحوار يرى أديبنا الكبير أن المشهد السياسى فى مصر حاليا أقرب إلى مسرحية هزلية، هدفها إلهاء الناس عن الأهداف الحقيقية للثورة، يؤكد أن تخلص مصر من التبعية للنفوذ الغربى والوهابى طريقها الوحيد لاستقلال الإرادة السياسية، ويقول إن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور على النحو الحالى يصيبه بالرعب على مدنية الدولة، ساخراً من تجاهل كل كتاب وأدباء مصر فى هذه اللجنة، متهما الإخوان والمجلس العسكرى بإخفاء المعلومات، وإرباك الشعب، مؤكدا أن الثورة تعرضت لمؤامرة منذ اليوم الأول، متمنيا على الشباب والثوار أن يوحدوا صفوفهم وراء الأهداف التى قامت من أجلها الثورة.. العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية.. وقبل كل هذا «الاستقلال الوطنى».. وإلى نص الحوار:
■ دعنى أبدأ معك من نقطة الخارج، حيث قال الدكتور محمد حبيب إن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يأتى فى مصر رئيس جمهورية يعارض مصالحها، وإن حدث فسيفرضون عقوبات اقتصادية عليها ويجعلون الشعب «يلبس فى الحيط».. فهل سيترك الغرب مصر تتأرجح يميناً ويساراً دون أن يعرف من رئيسها القادم؟
أول خطوة لتحقيق أهدافنا الثورية والوطنية هى الاستقلال الوطنى، فتهريب المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى أثبت أننا مازلنا فى حالة تبعية للخارج ولدول الغرب وأمريكا بوجه التحديد، وهذا التراث باق منذ عهد مبارك.
■ إذن هل سيتدخلون فى الانتخابات الرئاسية أو اختيار الرئيس القادم؟
- المؤكد أن لهم أدوات للضغط على الإدارة المصرية، منها الاقتصاد والحديث عن قرض صندوق النقد الدولى، ولا يشترط التزوير المباشر، فهناك وسائل مؤكدة للضغط، وإن لم ننل استقلالنا الوطنى الكامل، لن نستطيع تحقيق أى هدف من أهدافنا الثورية، وأقصد بالاستقلال.. الاستقلال عن النفوذ الغربى والنفوذ الوهابى معا.
■ ماذا تعنى بالاستقلال عن النفوذ الوهابى؟
- أقصد أن النفوذ الوهابى السعودى تغلغل فى مصر منذ سنوات طويلة، وملأ الفراغ الذى خلفه التخلى عن الدولة المدنية، رويداً رويداً فى العهود السابقة حتى أصبح للدعاة الكلمة الأولى والأخيرة فى التأثير على الرأى العام، وتم استبعاد المثقفين والأدباء والعلماء.
■ هل تقرأ تصريحات محمود غزلان عن فكرة الخلافة الإسلامية فى هذا السياق؟
- قرأت بالفعل عدداً من التصريحات فى هذا السياق، منها أن مصر ستكون فى البداية دولة إسلامية، وبعد ذلك خلافة إسلامية، ثم تحدثوا عن أستاذية العالم.. نحن نعيش مرحلة غريبة جداً من الشعارات لا الأفعال.
■ هناك تخوف كبير من أموال قطر والسعودية التى تم ضخها فى العمليات الانتخابية؟
- لماذا يندهش البعض ويخافون من هذه الأموال وكأن المسألة جديدة؟ ألم يتم رفع علم السعودية خلال مليونيات متكررة واضحا وصريحا؟ المشهد كان واضحاً وجليا منذ أشهر مضت.
■ هل تعتقد أن الإخوان المسلمين قادرون على تحقيق الاستقلال لمصر؟
- الذى يحكم الأمور كلها هو الاقتصاد، والإخوان يؤمنون ويسيرون فى مجال الاقتصاد وفق النظام الرأسمالى، والمرشح الرئاسى الذى يتبعهم هو فى الأصل ملياردير ورجل مال من الطراز الأول.
■ إذن لن يطبق الاقتصاد الإسلامى فى مصر؟
- ممكن أن يطبق شكلياً، وبدلاً من أسماء البنوك العادية سيتغير اسمها إلى مصارف إسلامية، أما تحولها تماماً فهذا كلام لا يصدقه عقل.
■ لو نجح مرشح معروف عنه أنه أخذ أموالاً من السعودية أو قطر هل تعتقد أنه سينفذ مصالح هذه البلاد فى مصر؟
- التخوف ليس من الرئيس القادم إذا ما كانت ميوله وهابية فقط، لأن النفوذ الوهابى فى مصر قوى جداً، وهذا شىء واضح، ولا يشمل حزباً واحداً أو شخصاً، بل فى القنوات الفضائية أيضاً.. والدعاة المتواجدون فيها لهم تأثير هائل على الرأى العام.
■ هل تتوقع الرد عليه بنفوذ شيعى إيرانى؟
- لا إطلاقاً.. لأن الشيعة ليس لهم نفوذ فى مصر، حتى عند إنشاء الدولة الفاطمية لم يستطيعوا أن يصنعوا نفوذاً لهم وسقطت الدولة الفاطمية.. مصر دولة إسلام وسطى معتدل سنى.. من الصعب على أحد أن يغير هذه العقيدة، وهذا لحسن الحظ والحمدلله.
■ وكيف يمكن أن يتحقق الاستقلال الوطنى عن الغرب؟
- بالإرادة والإدارة.. أن يكون هناك إرادة سياسية تريد الاستقلال، فلم يعد ينفع ما كان يحدث فى العهد السابق، فحسنى مبارك كان يبين للناس أن هناك نزاعات وخلافات، بينما أسفل الطاولة كانت هناك محادثات، نحن غير مستقلين حتى الآن، لأننا مازلنا نعتمد على المعونة الأمريكية، والدبلوماسية الأمريكية تتدخل فى شؤوننا الداخلية والخارجية.
■ هل تخشى على كتابة الدستور فى وجود الجمعية التأسيسية بتشكيلها الحالى؟
- أنا مرعوب من أن يتم تحويل مصر فى الدستور إلى دولة دينية، والقضاء على كل مكتسبات الدولة المدنية التى تبلورت على مدى قرنين من الزمان.. منذ أيام محمد على ورفاعة الطهطاوى وطه حسين، والتى أسفرت عن الاعتراف بحقوق المرأة، وحق التعليم للجميع، وإقرار مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية.. إلى آخره.
■ هل تم الاتصال بك للمشاركة فى كتابة الدستور؟
- وضع اسمى ضمن قائمة من الأدباء والمثقفين اقترحها اتحاد الكتاب.. ولكن لم يأخذوا منها أحدا، وتجاهلوها تماماً.
■ وهل المثقفون قائمون بدورهم؟
- سؤال موجع.. لابد للمثقفين من توحيد صفوفهم، والسؤال هل هم فى طريقهم إلى ذلك أم كل فرد منحاز للفكر السياسى والتيار الذى يمثله؟ لابد من استراتيجية الدفاع عن ثقافة الحداثة فى مصر.
■ وجهت خطابا من قبل إلى المجلس العسكرى وإلى تيار الإسلام السياسى وإلى شباب الثورة كطليعة للقوى المدنية مناشدا الجميع التآلف للخروج بالوطن من محنته فهل كنت حالما وقتها؟
- لم يجر المجلس العسكرى التغيير الداخلى الطوعى الذى تمنيته بحيث يستبقى الوجوه المقبولة ويستبعد الوجوه المرفوضة سياسيا وشعبيا، وكان لديهم للاستنارة بشأن هذا التغيير مجلس استشارى يضم عدداً من عقلاء الأمة يمكن أن يفتيهم فى شأن التغيير المطلوب لصالح الأمة، بدلاً من عاصفة تدمر كل شىء، لكنهم لم يفعلوا.
ولم يستجب تيار الإسلام السياسى بقيادة الإخوان المسلمين لدعوة التخلى عن محاولة الاستئثار بالسلطة وإقصاء المخالفين لهم.
■ وأين شباب الثورة من هذا المشهد؟
- حتى الشباب الذين أنحاز إليهم دائماً، لم يستجيبوا لدعوة توحيد صفوفهم أو التنسيق فيما بينها وإدراك حقائق الواقع السياسى التى تفرض عليهم ضرورة الاعتراف بحدود قوتهم وإدارة الصراع مع القوتين الآخريين- ما دام ضرورياً- بطريقة تضمن الحفاظ عليهم وعلى الوطن.. وأتساءل هل الناس مازالت تذكر أن هناك ثورة؟ أنا شخصياً أتذكر وأعرف أن هذه الثورة مثل الثورات الأخرى تمر بمراحل صعود وهبوط، تقدم وتأخر، لكنها بالفعل موجودة، وهناك حالة ثورية موجودة فى المجتمع، ولكن إذا أغفلها الناس بحجة أنها ليس لها تأثير واضح سيقعون فى خطأ شديد.
■ بعض قادة شباب الثورة أعطوهم برامج تليفزيونية وآخرين فى السجن هل هذا أثر فى الثورة أم أنها لا تحتاج قيادة؟
- الثورة تعرضت إلى تآمر من أول يوم، وجزء منه شق الصف بين الثوار، وأتمنى من كل من يحمل قلماً توجيه للدعوة لهم بأن يوحدوا صفوفهم وراء الأهداف الأساسية، وهى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وقبل كل هذا الاستقلال الوطنى.
■ الشاعر عبدالرحمن الأبنودى قال إن الثورة أمامها 15 سنة لكى تحقق أهدافها فهل تتفق معه؟
- أنا شخصياً معه فى أن الثورة لن تحقق أهدافها لا غداً ولا سريعاً، ولكن ربما لا تطول كل هذه المدة.
■ هل لديك قناعة بأن المجلس العسكرى سيسلم السلطة فى الموعد المحدد؟
- ليس لدى معلومة.. كل شىء وارد، ولكن يجب أولاً أن يصلح أخطاءه الفادحة قبل أن يرحل، وأن ينظم خروجه بحيث لا تتكرر بصورة مضاعفة المأساة الأمنية التى عانينا منها بانسحاب الشرطة.. لابد للمجلس أن يبقى فترة انتقالية قصيرة قدر الإمكان يصلح خلالها أوضاعه، كما اقترحت ويصلح- بالتعاون مع القوى السياسية- الأوضاع الداخلية قدر المستطاع، حتى يتم تسليم السلطة إلى الرئيس المدنى المنتخب بصورة منظمة تضمن عودة الثورة إلى الانطلاق لاستكمال مهامها التى عطلها المجلس طويلاً.
■ ما رأيك فى فكرة وضع خاص للجيش المصرى مقابل تسليم السلطة؟
- أنا شخصياً منحاز للجيش المصرى ومنحاز لفكرة أن يكون لهذا الجيش وضعه فى المعادلة المصرية. كما كان طوال عمره، باعتباره جيشاً وطنياً، أما تفاصيل ما يمكن أن يوضع فى الدستور، وإذا ما سيكون له وضع خاص أم لا؟ فهذه مسألة سيحسمها التطور التاريخى للأمور، فلو أتى رئيس له خلفية عسكرية، فمن المؤكد أن الجيش سيكون له وضع خاص فى المجتمع، أما لو نجح مرشح مدنى، فالحل سيكون موضع أخذ ورد.. ولكن يبقى للقوات المسلحة هيبتها.
■ هل أنت مع وجود كيان اقتصادى منفصل يتبع لمؤسسة الجيش؟
- فى حدود خدمة المصلحة الوطنية ليس لدى مانع، بمعنى أن يكون لهذه المؤسسات الاقتصادية دور وطنى.
■ ما رأيك فى حكومة الجنزورى؟
- قيل عند تولى دكتور الجنزورى رئاسة الوزراء إنه يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية، فلو كان هذا صحيحاً فليعترف بأنه فشل فى مهمة قيادة الدولة، وإن لم يكن صحيحاً، فقد أخطأ بعدم مصارحته للشعب بالحقيقة.. ويجب عليه وعلى مجلس وزرائه تحمل مسؤولية الفشل.. على حكومة الدكتور الجنزورى أن ترحل من تلقاء نفسها، لأنها بدلاً من أن تقود البلاد إلى الإنقاذ الموعود.. انحدرت بها درجات فى درك التخبط والانهيار.
■ ما رأيك فيما تردد مؤخراً عن التصالح مع رموز النظام السابق مقابل استرداد المليارات المنهوبة ومن أبرز مؤيدى هذه الفكرة ممدوح حمزة؟
- أنا ضد رأى الأستاذ ممدوح حمزة، وأرى أن هذه الرموز التى قامت عليها الثورة، ومن أجل أفعالها، لابد أن تقصى من المجتمع تماماً، وأن تحاسب محاسبة عسيرة على ما فعلوه ضد هذا الوطن.. المسألة ليست مسألة أموال نهبت، إنما وطن تم تدميره، فليحاسب من دمر هذا الوطن.
كما أنه يوجد مليون طريقة لتحسين الاقتصاد المصرى، وليس ضرورياً أن نحايل على من سرقوا هذه الأموال، أولاها محاكمة سياسية لهؤلاء بحيث يرغمون على الاعتراف بما فعلوه ورد هذه الأموال.. أما الطبطبة والمحاكمات الهزلية فلن تأتى بنتيجة.
■ لكن كثيراً من المحامين يؤكدون عدم وجود أدلة كافية ضدهم؟
- المسألة من البداية كانت خطأ، فلا توجد ثورة فى الدنيا تقوم، ثم تحاسب من قامت عليهم وكأنهم متهمون فى قضايا كمبيالات، لابد أن تكون محاكمة سياسية.
■ وماذا لو أخذوا براءة؟
- وقتها ستكون كارثة، أنا شخصياً سأرفض هذا، وسأصر على أن من أخطأ لابد أن يدفع ثمن خطئه.
■ ما رؤيتك للمشهد السياسى الحالى؟
- أعتقد أن كل الناس بمن فيهم أنا، لا نفهم أى شىء مما يدور حولنا، فالمشهد أقرب إلى مسرح اللامعقول، شخصيات تتحرك لا نعرف لماذا، وتقول كلاماً لا نفهم معناه.. لأن الحقائق الأساسية التى يمكن على أساسها أن نحكم على ما يدور محجوبة.. أنا شخصياً لا أعرف طبيعة العلاقة بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى.. هل هى فعلاً متوترة وبها مشاكل وتوتر كما هو واضح على السطح.. أم أن هناك تفاهمات أخرى لا نعلم عنها شيئاً؟ على الجانب الآخر، نجد أنفسنا أمام عدد من القرارات المتضاربة الصادرة عن جماعة الإخوان المسلمين، فهناك تصريحات تؤكد أن ترشيح خيرت الشاطر جاء للى ذراع المجلس العسكرى.. فهل هذا صحيح؟ أم أنهم كانوا مبيتين النية من قبل لترشيح «الشاطر» وانتظروا فقط اللحظة المناسبة؟ هناك بعض الأمور الغريبة جداً منها أقاويل أن الأحكام القضائية ضد خيرت الشاطر مازال بعضها سارى المفعول، وأن هذا يحرمه من الترشح للانتخابات، لكن المتحدث الإخوانى يقول إنهم استخرجوا الصحيفة الجنائية ولا توجد بها مشكلة.. ما الصحيح فى ذلك؟ أيضاً هناك طعون كثيرة ضد شرعية مجلس الشعب نفسه، وطعون على الانتخابات، ولم يتم الفصل فيها، وإذا تم ذلك وكانت النتيجة سلبية للإخوان، فما يترتب على ذلك أسئلة لا حصر لها، ولا يوجد لدينا إجابة عليها، فهل لديهم إجابات؟ ولماذا لا يطلعوننا عليها؟ إذا لم يكن لدينا المعلومات كيف يمكن أن نحكم على الأحداث؟ أنا شخصياً واحد من الناس لا أعرف أى شىء.. وأى واحد يقول إنه يعرف شيئاً سيكون كاذباً.
■ هل تعتقد أن الإرباك مقصود أم هو نتيجة ارتباك المجلس العسكرى؟
- مقصود بكل تأكيد، وليس الآن فقط، وإنما منذ قامت الثورة.. فإرباك الناس وإخفاء المعلومات عنهم أمر مقصود، إضافة إلى السلبيات التى أدت إلى الانهيار الاقتصادى والأمنى الذى نراه الآن.
■ من صاحب المصلحة فى حجب المعلومات؟
- المجلس العسكرى والإخوان.. فهما يقولان نصف الحقيقة ويخفيان نصفها الآخر.. فمثلاً عمر سليمان ترددت أقاويل إنه سيرشح نفسه، ثم نفى، ثم عادت الأنباء، ثم نفى، ثم عاد ليعلن نيته فى الترشح، ثم ترشح، فما الذى نفهمه من ذلك؟ كذلك قبل إعلان خيرت الشاطر ترشيح نفسه، ظل ينفى هو والإخوان المسلمون نيتهم فى ذلك، وبعد تسريب الأنباء أعلنوا ترشحه، نحن أمام إخفاء للمعلومات من الطرفين.
■ هل ترى أن هناك تلاعباً بالنخب السياسية ورؤساء الأحزاب.. أم أنهم طرف فى العملية السياسية والصفقات المخفية؟
- هناك بعض الأحزاب التى أخذت مواقف صريحة وحاسمة من مسألة تأسيسية الدستور، مثل الحزب المصرى الديمقراطى، وأحزاب أخرى أخذت مواقف روحانية، مثل حزب الوفد والأحزاب السياسية ليست جبهة واحدة.. فيها كل المواقف وكل التذبذبات الموجودة فى الشارع والرأى العام.
■ هل يتم استخدام الإعلام من الطرفين لإطلاق بالونات اختبار وجس النبض قبل إعلان القرارات النهائية؟
- بكل تأكيد.. هناك مسرحية عبثية تدور أمامنا، لا نفهمها ولا نعرف الشخصيات الرئيسية ولا الثانوية، والأحداث الحقيقية وغير الحقيقية، فكيف سنحكم؟
■ هل تراجع الإخوان فى موقفهم وترشيح خيرت الشاطر أفقدهم مصداقيتهم أم أن قواعدهم ثابتة وستحسم الرئاسة لصالح مرشحهم؟
- لا أعرف إلى أى سند يستند الإخوان المسلمون فى قراراتهم.. هل هم واثقون بمسألة ملكية الرأى العام وقدرتهم على توجيهه كما يشاءون؟ ولماذا كل هذه الثقة فى أن مرشحهم ستكون لديه الفرصة الأكبر فى الفوز بمقعد الرئاسة؟
■ هل لديك إحساس أنه بترشح اللواء عمر سليمان ستتغير خريطة السباق الرئاسى؟
- إطلاقاً.. هناك رفض لكل فلول النظام السابق ورموزه من الشارع.
■ حتى لو دعمه المجلس العسكرى؟
- هذا وضع آخر.. لكن لا أعتقد أن المجلس العسكرى سيتجاهل الرأى العام، ويدعم مرشحاً مرفوضاً من الشارع.
■ مازال الانفلات الأمنى موجوداً كالسطو على البنوك وسيارات المواطنين والاختطافات المتكررة للأجانب فى سيناء إضافة إلى ما حدث فى بورسعيد فهل أبرزت الثورة أسوأ ما فينا؟
- ليست هذه الصورة هى صورة مصر فى أى وقت، وهى أبعد ما تكون عن صورتها المضيئة التى أعطتنا أملاً واعداً يفوق أجمل الأحلام بعد الثورة - عشنا وحدة وطنية كاملة لم تعرفها مصر منذ ثورة 1919، وتفجرت طاقات من الأمل والعمل بدأها شباب الثورة بتنظيف ميدان التحرير الذى طهروه من قبل، وطهروا معه الوطن بدمائهم، وحذا الناس حذو الشباب فى أحياء كثيرة، ينظفون الشوارع والميادين، وكأنهم يكنسون من مصر ركام عصر كامل من الخبث يتمنون زواله إلى الأبد، وبلغ النجاح ذروته بتشكيل اللجان الشعبية التى حمت العاصمة والمدن بعد الانسحاب أو السحب التآمرى للشرطة.. وكنت أتمنى أن تستمر هذه الروح لتبلغ منتهاها.
غير أن العيد كما قلت من قبل، كان قصيراً مع الأسف، إذ سرعان ما امتدت يد غدر سوداء أطلقت المجرمين والبلطجية ليعيثوا فى الأرض فساداً.. وراحت توجه سهامها وسبابها وسمومها نحو شباب الثورة النبيل، للفتك به، وتحتضن خصومهم من أبناء المخلوع وأشباههم من أعداء الثورة، وتؤلف تجمعات وميادين مناوئة للتحرير، عملاً على شق الصف وإشاعة الفرقة، تطبيقاً للدرس القديم البذىء «فرق تسد».. وهذه اليد تحاول الآن عملية اختطاف أخطر لوطن بأكمله.. وسط محاكمات هزلية لرؤوس الفساد والتخريب من النظام السابق.
■ ما الحالة التى لو حدثت ستؤدى إلى ثورة جديدة فى مصر؟
- الأحداث هى التى تفرض الوقائع، وإذا حدثت أحداث تقتضى أن الناس تثور ستثور، فالثورة ليست لها ساعة أو تاريخ، والثورات لا تتم بمواعيد محددة، لكن بتفاعل الأعضاء فى المجتمع.