سعدالدين إبراهيم : قلت لـ«الغنوشي» «ليت الإخوان مثلكم» فقال: «أمامهم 20 سنة» (حوار)

كتب: غادة عبد الحافظ الأربعاء 04-04-2012 23:45

قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسى فى الجامعة الأمريكية، إن الثوار أخطأوا لعدم اختيار قيادة تتحدث باسمهم بسبب زهدهم فى السلطة، ما جعل الساحة خالية أمام 3 قوى خطفت الثورة هى المجلس العسكرى والإسلاميون وعلى رأسهم الإخوان والسلفيون، وفلول الحزب الوطنى المنحل.

ووصف «إبراهيم» خلال حواره لـ«المصرى اليوم» أداء مجلس الشعب بـ«الهزيل» مؤكداً أن الطرف الثالث هو «الداخلية» وأعوانها ويقدرون بنحو 300 ألف بلطجى.. وإلى نص الحوار.

■ كيف تقرأ قرار جماعة الإخوان المسلمين بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، رغم إعلانها السابق عدم ترشيح أحد أعضائها؟

- هم قالوا كلاماً كثيراً فى السابق وتراجعوا عنه، فهم يعملون كل ما يمكنهم من أجل السيطرة على الشأن العام، مثلما قالوا إنهم لن يرشحوا لمجلس الشعب إلا 30٪ من المقاعد، وانتهوا إلى ترشيح 100٪، فنفس الشىء بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية، قالوا إنهم لن يرشحوا أحداً وأصدروا قراراً بعدم ترشيح أى من أعضائهم وفصلوا أحد القيادات «عبدالمنعم أبوالفتوح»، لأنه ترشح وبعدها بشهرين فعلوا نفس الشىء الذى نهوا آخرين عن فعله.

■ هل تعتقد أن «الإخوان» كانوا يخططون منذ البداية لإحكام قبضتهم على كل المناصب؟

- لا أعتقد، إلا أن السعى للسلطة مشروع سواء لهم أو لغيرهم.

■ ماذا عن مبدأ المشاركة لا المغالبة الذى رفعته الجماعة عقب الثورة؟

- هذا كلام كان يقال لكسب الشعبية واستمالة الناس، لكن فى النهاية هم يريدون أن يكسبوا الشعبية لكى يسيطروا ويتمكنوا أكثر وهذا هو هدف أى واحد بيمارس السياسة.

■ بعد محاولة «الإخوان» الاستئثار بالسلطة، لجأت بعض القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى للمجلس العسكرى تطالبه بالبقاء فى السلطة لمدة عامين، لحين كتابة الدستور وإعادة الانتخابات.. فما رأيك فى ذلك؟

- أرفض تلك الأفكار، ولا أريد أن يتلاعب أحد بقواعد الديمقراطية، ورغم اختلافى مع الإخوان وممارساتهم، لكن لا ننكر أنهم حصلوا على الأغلبية ويجب أن نعطيهم الفرصة وحين يتجاوزون الحدود يتصدى لهم الرأى العام، وأرجو أن يتعلموا من المجلس العسكرى ويتراجعوا عند الخطأ.

■ ما رأيك فيما يدور حول المادة الثانية من الدستور؟

- المادة الثانية من الدستور كثر الحديث عنها وتتنافس القوى الإسلامية فى التشدد فيها، فإما أن يتم إلغاؤها نهائياً، أو على الأقل بقاؤها كما هى دون تغيير، لكن التشدد والمغالاة فيها سوف يؤدى إلى المزايدة والمتاجرة بالدين ويدفعنا إلى الخراب، ومن يزايد عليها الآن، سيأتى من يزايد عليه غدا، وينتهى الأمر إلى محاكم التفتيش كما حدث فى العصور الوسطى، كما يجب النص فى الدستور على أن الحكم للأغلبية مع احترام حقوق الأقلية وهذا هو المبدأ الديمقراطى المعمول به فى العالم كله.

■ أصحاب الأغلبية فى الجمعية التأسيسية يقولون إن معظم دساتير العالم وضعها البرلمان؟

- عمرى ماشفت خبراء فى دساتير العالم، زى اليومين دول، وكل من هب ودب يقول دساتير العالم وبرلمانات العالم وهم لا يعرفون برلمانات العالم بتشتغل إزاى، ولا يعرفون دساتير العالم وضعت أصلاً إزاى، وكله أصبح بيفتى ويقول «جرت العادة فى برلمانات العالم» وكله كلام ولا حد بيراجع عليهم.

■ يقولون إن هناك دراسات تؤكد هذا الكلام؟

- هناك بالفعل دراسات حول وضع الدساتير فى العالم، لكن اللى يقول فيه دراسة بتقول كذا لازم يقول الدراسة دى مين اللى عملها ومنشورة فين، علشان الناس تطلع عليها وتراجعها، وهل اللى استند على هذه الدراسة، كان أمين فى عرضه ولا اقتطع منها ما يدعم وجهة نظره.

■ طرحت فكرة أنه يمكن الاستعانة بممثلين من النقابات المهنية فى الجمعية التأسيسية للدستور، بينما العديد من النقابات سيطر عليها «الإخوان» من خلال الانتخابات، وذلك سيعيدنا إلى نفس المشكلة الحالية؟

- حتى ولو حصل ذلك على الأقل يجب أن يكون هناك معيار موضوعى للاختيار، وأعضاء النقابات المهنية على قدر كبير من الوعى، ويمكن حل ذلك من خلال الإعلان عن انتخابات داخل النقابات لاختيار ممثليها فى الجمعية التأسيسية، والناس بعد الأحداث الأخيرة أصبحت أكثر وعياً، وستخرج لانتخاب الأفضل، ولو ظلت كما هى ولم تع الدرس ولم تخرج للمشاركة، فإنها تستحق ما يحدث، وعلينا أن نتحمل نتيجة تقاعسنا ومن حق «الإخوان» أن تسيطر لأنها لم تجد من يفرمل سيطرتها.

■ العديد من الشخصيات والقوى السياسية انسحبت من الجمعية التأسيسية للدستور، والبعض يرى أنه كان من الأفضل لها البقاء والقتال من أجل مواد ونصوص الدستور؟

- المقاطعة سلاح سياسى شرعى، والانسحابات ألقت بظلال الشك على شرعية الجمعية التأسيسية وشرعية الاختيار، وهى بمثابة ناقوس خطر يوضح نزعة «الإخوان» للاستئثار بالسلطة، والانسحاب يدفع الأغلبية الباقية إلى أن تراجع نفسها، وهذا حدث إلى حد ما، لأنهم مازالوا يريدون أن تكون لهم الأغلبية، وهذا هو الخطأ القاتل الذى سيجعل الناس تنفض عنهم وتنفر منهم، وأذكر حديثاً لـ«راشد الغنوشى» زعيم حركة النهضة التونسية معى، الذى سارع بعد حصول حزبه على الأغلبية بمد يده للحزبين الثانى والثالث بعده، وقاموا بتقسيم المناصب الكبيرة بين الأحزاب الثلاثة، فقلت له «ياليت الإخوان المسلمين فى مصر كانوا مثلكم»، ولأنه رجل مهذب رد قائلاً «أمامهم 20 سنة» فقلت له «دول العشرين سنة اللى إنت عشتهم فى لندن» فوجوده فى مجتمع تعددى ديمقراطى علمه الكثير، فالديمقراطية الحقيقية هى روح وقيم ومشاركة، فلو فريق واحد فقط هو الذى يلعب لانفض المشاهدون، ولذلك فـ«الغنوشى» كان حريصاً جداً على أن تظل روح المنافسة فى التجربة الديمقراطية التونسية، ومن هنا كان النضج الشديد فى ممارسة السياسة والعمل الوطنى.

■ وهل تعتقد أن التجربة التونسية أكثر نضجاً من المصرية؟         

- طبعاً التجربة التونسية أكثر نضجاً من نظيرتها المصرية، فـ«راشد الغنوشى» أرسى قواعد الديمقراطية وشارك بقوة فى التغيير الحقيقى، ولكنه لم يشغل منصباً عاماً، ولم يسع إلى السلطة، واكتفى بكونه الأب الروحى لحركة النهضة، وساعده على إحداث الاستقرار وجود رأى عام ناضج قوى، لا يقبل أن يستأثر طرف وحيد بالسلطة، ولذلك النهارده تونس تتحول إلى الأفضل، وكل الاستثمارات العالمية تتجه إليها، لكن عندنا الاستثمارات بتهرب.

■ ما أخطاء المجلس العسكرى خلال المرحلة الانتقالية؟

- أهمها طريقة التعامل مع القوى الثورية، فبأى منطق يضع 1200 من الشباب الثائر فى السجون والمعتقلات بمحاكمات عسكرية صورية لا تستغرق أكثر من دقائق، هذا خطأ جسيم، فهو لم يشارك فى الثورة وركب عليها، ووضع الثوار فى السجن، وهذا يعتبر مهزلة تاريخية، وهذا الخطأ يستوجب المحاسبة عليه تاريخياً وقضائياً، يضاف إلى ذلك أخطاء المجلس فى التعامل مع كثير من الأحداث مثل محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرهما، وكلها أخطاء يراها الرأى العام أنه المسؤول عنها ولا يمكنه أن يتنصل منها ويلقيها على أى طرف آخر لأن بيده جميع السلطات.

■ إذن ما هى أخطاء الثوار من وجهة نظرك؟

- خطؤهم الأكبر، أنهم تركوا الميدان، 12 فبراير الماضى، وما كان لهم أن ينفضوا إلا بعد تنفيذ مطالبهم السبعة التى أعلنوها أثناء الثورة، وهذا التصرف أدى إلى اختطاف الثورة، والخطأ الثانى أنهم ظلوا بلا قيادة تتحدث باسمهم تقودهم، وجزء من هذا كان سببه الزهد فى السلطة، ما جعل الساحة خالية، وخرجت ثلاث قوى تسعى لخطف الثورة وهى، المجلس العسكرى والإسلاميون، وعلى رأسهم الإخوان والسلفيون، وفلول الحزب الوطنى، فأصبح الإرث الثورى على المشاع، وخطفه هؤلاء الثلاثة، الذين لم يشاركوا فى الثورة، فالسلفيون مثلا، وهم أخطرهم بسبب تبنيهم الفكر الوهابى المتشدد، كانوا ضد الثورة حتى يوم 12 فبراير.

■ «الإخوان» تؤكد أنها أكثر فصيل دفع الثمن فى عهد النظام السابق وأن شبابها شارك فى الثورة منذ اليوم الأول؟

- هم دفعوا الثمن فى الماضى أيام عبدالناصر، والقليل أيام السادات، لكن خلال الثورة ماذا دفعوا؟ لا يوجد شهيد واحد ممن ماتوا فى الثورة من الإخوان! لكنهم يجيدون استغلال تضحيات الآخرين، وأذكر أن بعض الجهاديين تعرفت عليهم فى السجن، زارونى فى عيد الأضحى الماضى، وكانوا يريدون الانخراط فى السياسة، فعرضت عليهم الانضمام لحزب الحرية والعدالة بحجة أنه الأقرب لهم كإسلاميين، فقالوا «أعوذ بالله» وعندما تعجبت قالوا: «نحن لانثق فى (الإخوان) فهم يعبدون الجماعة من دون الله» فالإخوان عندهم الجماعة أهم من مصر ومن الإسلام.

■ ما رأيك فى قضية التمويل الأجنبى والاتهامات التى وجهت لبعض المنظمات الحقوقية؟

- مجرد زوبعة فى فنجان استخدمت سياسيا بشكل سيئ، لأن الدولة هى أكبر متلق للمنح، فإذا كان بيتك من زجاج أيها المجلس العسكرى وأيتها الحكومة، فلا تقذفا المجتمع المدنى بالطوب، فالدولة تحصل على 3 مليارات دولار، الثلثان من أمريكا والثلث من الاتحاد الأوروبى، فكيف تقذفان من يأخذ القروش بالحجارة، وتتهمانه بأنه عميل أجنبى؟ إذن فالمجلس والحكومة بهذا المنطق هما العميل الأجنبى الأول، وهذا دليل على أنهما بقايا نظام مبارك، ويسيران على نفس النهج، كان يلجأ لتشويه أى صوت معارض للسيطرة عليه، وفايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولى، تتعامل منذ أيام «مبارك» مع المعونات وبتحاول الآن تعمل بطلة.