نور الشريف: الثورة اتسرقت

كتب: أحمد الجزار الثلاثاء 27-03-2012 22:00

أكد نور الشريف أنه يسعى لاكتشاف ما بداخل النفس البشرية فى مسلسله الجديد «عرفة البحر»، موضحا أن الشخصية التى يقدمها فى العمل مختلفة تماما عن كل الشخصيات التى قدمها من قبل.

وقال نور لـ«المصرى اليوم» إن عرفة يتوهم بأنه نفسه البحر، ويستحيل أن يغدر البحر به، مشيراً أن المسلسل يدين التخلف والجهل وأن هناك أشخاصاً مازالت تحكمهم التقاليد القديمة مثل السحر والخرافات، وقال نور: إنه ليس ضد أى شكل من أشكال الدولة بما فى ذلك الدولة الدينية طالما كان ذلك من اختيار الشعب، مشدداً على أنه يرفض فقط شكل الدولة الموجود فى إيران بينما يرحب بالنموذج التركى.

«المصرى اليوم» تنفرد بالحوار التالى مع نور الشريف وننشر أول صور لشخصية عرفة التى يقدمها فى العمل.

 

 

ما الذى جذبك لمسلسل «عرفة البحر»؟

- أسعى دائماً لتقديم أدوار مختلفة، وأشعر بسعادة كبيرة عندما أعثر على دور يمثل تحدياً حقيقياً بالنسبة لى، ومنذ فترة طويلة تشغلنى الأعمال التى تكشف أسرار النفس البشرية مثل «الرحايا» و«السيرة العاشورية» و«حضرة المتهم أبى»، وفى «عرفة البحر» هناك محاولة لاكتشاف النفس البشرية.

ولماذا تسعى لاكتشاف ما بداخل النفس البشرية؟

- لأن الناس أصبحت تتحدث عن «البنى آدمين» باعتبارهم ملائكة رغم أن الله سبحانه وتعالى أرسل الأنبياء لهدايتهم، وهناك آيات كثيرة فى القرآن تؤكد ذلك، وأعتقد أن قصة هابيل وقابيل تعتبر الحرب العالمية الأولى لأن هناك شخصاً قتل سدس العالم فلم يكن هناك على الأرض وقتها سوى 6 أشخاص، لذلك فالنفس البشرية تحمل الكثير من الألغاز وأنا كممثل أشعر بمتعة فى اكتشافها.

وكيف اكتشفت شخصية عرفة فى مسلسلك الجديد؟

- شخصية عرفة مختلفة عن كل الشخصيات التى قدمتها فى أعمالى السابقة، فهو يتوهم بأنه نفسه البحر، ويستحيل أن يغدر البحر به، وعاش حياته على هذا الأساس، والمؤلف محمد الصفتى يقدم فى هذا المسلسل علاقات إنسانية عديدة لها شبيه فى الأديان والتاريخ، واستهوانى ذلك ورأيت فيه شيئاً جديداً على الدراما، كما أن المسلسل يدين التخلف والجهل، وأعتقد أن هذا مهم لأن هناك أشخاصاً مازالت تحكمهم التقاليد القديمة مثل السحر والخرافات وهذا لم تتعرض له الدراما بشكل مباشر من قبل.

ما الدور الذى يمكن أن يلعبه الفن فى المرحلة الحالية؟

- أعتقد أن المرحلة الحالية تحتاج إلى الفن رغم أنه من الصعب أن تقدم فنا عن الثورة فى الوقت الراهن، لأن العمل الفنى فى هذه الحالة سيكون أشبه بالبرامج من حيث المباشرة والسخافة ولن يؤثر فى الناس، ومساحة الحرية المتاحة حاليا تحتاج إلى مستوى آخر فى الكتابة لكى تعبر عن الأفكار الجريئة بشكل فنى.

وما رأيك فى الحكم الغيابى على عادل إمام بالحبس بتهمة ازدراء الأديان؟

- نحن حالياً نعيش حالة فوران ومن لا يتخذ أى قرار بهدوء من الممكن أن يخطئ، والشخص الذى رفع القضية ضد عادل إمام ليس كل الإخوان أو كل السلفيين، وأناشد كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية «ما توقعوش بين المبدعين والتيار الدينى» وأن ننتظر ما ستفرزه التجربة العملية.

وكيف ترى وصف أحد السلفيين لأعمال نجيب محفوظ بأنها تحض على الدعارة؟

- هذا من حقه، ومن حقى أيضا أن أرد عليه ولكن يجب ألا ندخل اسم الله أو الرسول فى المناقشة، فمن حق أى شخص حالياً أن يقول ما يريد ونحن سنحتاج إلى سنوات حتى ينتصر العقل.

ألم ينتابك الخوف الذى أصاب الكثير من الفنانين بسبب صعود التيار الدينى؟

- إطلاقاً، فعندما كنت طالبا فى إعدادى وقفت كممثل على مسرح الشبان المسلمين الموجود فى شارع رمسيس والذى قتل أمامه حسن البنا، فهم لهم تصور خاص فى الفن و الاقتصاد وغيرهما من نواحى الحياة، ونحن فى النهاية لا نعيش فى قرية منعزلة، وأمامنا نماذج مثل إيران، فالحصار مستمر عليها بدرجات متفاوتة، وفى النهاية إما أن ينقلب الناس على النظام أو يتنازل النظام عن شروطه، لذلك أقول أنه يجب ألا نفجر قضايا قبل أن تبدأ.

كيف ترى تأسيس جبهة للدفاع عن حرية الإبداع بعد حصول التيار الدينى على أغلبية مقاعد البرلمان؟

- أعتقد أنها خطوة سابقة لأوانها، وبعض الزملاء تحدثوا معى فى ذلك وكان رأيى أن ننتظر حتى نتعرف على التجربة، خاصة أننا كفنانين لسنا قلة، فهناك العديد من المثقفين والمبدعين والفنانين، ولكنى سأتحرك عندما أشعر بظلم أو تقهر حريتى فى التعبير، أما أن يطلب منى البعض التحرك مسبقاً فهذا فى مجال السياسة يعتبر خطأ لأننى بذلك سأكسب عداوة بلا سبب.

وما رأيك فى الدولة الدينية؟

- لست ضد أى شكل من أشكال الدولة طالما الشعب هو الذى اختار ذلك من خلال انتخابه لأعضاء مجلس الشعب، ولكنى ضد شكل النظام الموجود فى إيران، بينما أرحب بالشكل الذى تطبقه تركيا، فمن يتابع المسلسلات التركية سيرى فساتين عارية وعلاقات محرمة رغم أن ذلك فى دولة إسلامية، فالدين موجود ولكن الإبداع أيضا موجود والنظام الاقتصادى قائم، وأذكر أن أحد الأشخاص سألنى ماذا ستفعل إذا أردت تصوير مشهد حب إذا ارتدت كل الفنانات الحجاب، فقلت: سأستعين بممثلة مسيحية.

لكن الفن نفسه قد يتوقف؟

- رغم اعتراضى على النموذج الإيرانى، فإنه عندما جاء على خامنئى توقف الفن عامين، ولكن بعد ذلك اكتشف مدى تأثير الفن فأعاده مرة أخرى، وبعد أن كانت مؤسسة السينما هناك تنتج 4 أفلام فى السنة أصبحت تنتج 14 فيلماً، وعندما شاهدت بعضها فى المهرجانات وجدتها أفلاماً ساحرة، رغم أن الفنانات محجبات، وأعتقد أنه عندما تكون مبدعاً بشكل حقيقى لن يتركك العالم، لكنى أميل للتجربة التركية وأناشد كل التيارات الدينية أن تتأنى فى دراسة هذه التجربة.

كيف ترى البرلمان الحالى؟

- سعيد به للغاية، لأنه جاء بإرادة الشعب، وإذا فعل شىء ضد إرادة هذا الشعب فلن يتم انتخابه فى الدورة المقبلة، ولا أعرف لماذا نتعامل معه على أنه كارثة «إن شاء الله يجى» رئيس جمهورية من الإخوان فليس هناك أى مشكلة، وسنرى ماذا سيفعلون فى الاقتصاد والتعليم والصحة، ولا ننسى أن الثورة نجحت فى كسر حاجز الخوف عند الناس، ولا يوجد أى شخص مهما كان يستطيع أن يفرض شيئاً على هذا الشعب.

ولمن منحت صوتك فى انتخابات مجلس الشعب؟

- لا أريد الكشف عن ذلك، لأن البعض وضعنا فى خانة إذا لم تكن معى فأنت خائن.

ولكن كثيراً من الفنانين أصبحوا جزءاً من لعبة السياسة؟

- بعض التيارات السياسية حاولت ترشيحى لعضوية البرلمان وكان نجاحى مضموناً لأننى إذا دخلت قائمة سأكون على رأسها، ولو ترشحت مستقلاً فى السيدة زينب فى ظل النظام السابق ونزل أمامى حسنى مبارك نفسه لهزمته، لأننى نشأت وتربيت فى هذه المنطقة، ولم أتركها إلا عندما تزوجت، ولكن رأيى أن الفنان يجب ألا يمارس دوراً سياسياً إلا إذا اعتزل.

ما رأيك فيمن يرى أن الثورة تمت سرقتها لصالح بعض التيارات؟

- بالتأكيد تمت سرقتها، وذلك لعدم اتحاد شباب الثورة فى كيان واحد وتناثرهم فى 128 ائتلافاً تقريباً وهذا خطر كبير، لأن الثورة كان لابد أن يكون لها رأس وليس عدة رؤوس وفقا للمثل الشعبى المعروف «المركب أبو ريسين بيغرق» فما بالك بـ 128، ومستحيل أن أرضى كل الأذواق، فنحن نمر بمرحلة تصفية، ورغم أن الثورة سرقت إلا أنها لم تمت.

كيف ترى المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية؟

- كنت أتمنى وجود شاب تلتف حوله مؤسسات لديها الخبرة، لأن مصر مليئة بالخبرات المتميزة، ومن الظلم أن نتهم كل من عملوا مع مبارك أو السادات بأنهم خونة، لأن فيهم أساتذة سبق أن قالوا لا فى بعض الأمور مثل منصور حسن الذى قال لا للسادات مرتين وتم عزله، ورغم ذلك منحه السادات بعض اختصاصات نائب رئيس الجمهورية أثناء سفره للخارج، ولكن مبارك قام بسحبها مرة أخرى مما أغضب منصور، وقرر أن يجلس فى منزله ولكن عندما واجه مبارك مشكلة مع الأردن لجأ له فوافق على المهمة واضطر وقتها لمقابلة الملك حسين لحل الأزمة، وهذا ما لم يصرح به منصور حسن فى وسائل الإعلام.

ماذا عن التشكيك فى بعض المرشحين المحتملين مثل عمرو موسى وأحمد شفيق؟

- هذا أكبر خطأ، والغريب أن بعضهم غير قادر على الدفاع عن نفسه لأن هناك أسرار دولة يعرفونها ولكنهم لا يستطيعون أن يبوحوا بها، سأطرح مثلا سؤالاً: أين المرافق الذى كان مع المشير أبو غزالة أثناء زيارته لأمريكا والذى كان معه مياه ثقيلة على ما أذكر؟، على الأقل كنا نستطيع أن نستبدله بالأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى، ورغم ذلك نحن لا نستطيع أن نفعل شيئاً لأن اقتصادنا «خربان» وسلاحنا من جهة واحدة، ولو أمريكا منعت مد معظم دول المنطقة بالذخيرة لتحولت جيوشها إلى «خردة» لذلك أحلم بسلاح وطنى وأناشد الجميع بعدم التخوين للخروج من هذه الأزمة.

كيف تطالب بعدم التخوين فى الوقت الذى تهبط فيه طائرة وتحمل متهمين أجانب دون أن نعرف من المسؤول عن ذلك؟

- كل هذا مقبول لأنه الممكن، يعنى تقدر «تضرب رأسك فى الحيط» أو تنتحر، ولكن كان هناك خطأ فى السلوك منذ البداية وهو أنك «طبلت» زيادة عندما بدأت القضية، لأنه فى السياسة من الممكن أن ألقى القبض على جواسيس من أمريكا ولكن لا أعلن عن ذلك إلا فى الوقت المناسب.

سبق أن قدمت مسلسلاً إذاعياً قدمت فيه شخصية مبارك، فهل أصبحت نادما على هذا العمل؟

- إطلاقا، لأننى قدمته بالمعلومات المتاحة لى وقتها، كما أنه لم يتم «لى» ذراعى على ذلك، فضلاً عن أنه كان من الغباء أن يرفض ممثل تقديم شخصية الرئيس وهو موجود فى السلطة لأنه بذلك يكون «بيضرب دماغه فى الحيط».

ماذا تقصد بضرب «دماغه فى الحيط»؟

- أقصد أنه عندما يطلب الرئيس منه أن يقدم دوره ثم يرفض.

وهل الرئيس نفسه عرض عليك تقديم شخصيته فى المسلسل؟

- لا، ولكنهم عرضوا على تقديم مسلسل تليفزيونى، وقررنا أن نبدأ أولاً بعمل إذاعى ليكون مسودة للعمل التليفزيونى، والحقيقة أن مبارك نفسه هو الذى رفض تقديم مسلسل تليفزيونى عن حياته.

هل كان لديك استعداد لتقديم دوره على الشاشة الصغيرة؟

- «ليه لا»، فالممثل لابد أن يكون فى مشواره أعمال تمثل لحظات اختبار قاسية بعيداً عن انتمائه السياسى مثلما فعل أحمد زكى، حيث قدم فيلمين عن السادات وعبدالناصر، فهل هذا له علاقة بانتمائه السياسى؟ وأنا سبق أن قدمت من إنتاجى فيلم «زمن حاتم زهران» وجسدت شخصية لا تتسق مع مبادئى ولكنها فى النهاية جزء من عمل يتفق بالكامل مع مبادئى.

لو تكرر العرض لتقديم نفس العمل ماذا سيكون موقفك؟

- سأنتظر ظهور الحقيقة، رغم أن الحقيقة فى بعض الأوقات لا تكون كاملة، فأنا مثلا كنت آخر شخص تحدث مع الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات وقت الحصار وهناك معلومات قالها لى بحكم صداقتى به، ولا أستطيع أن أصرح بها الآن، ولكن إذا كنت سأقدم عملا بعد 10 سنوات وإذا ظهرت معظم الحقائق سأقول ما أعرفه.

هل كان حسنى مبارك ظالما أم مظلوما؟

لا أريد دخول مولد الهجوم على مبارك، ويجب أن ننتظر حكم المحكمة ثم نتحدث بعده، لأنه ليس من العدل أن نتحدث عن شائعات، لأننا أكثر شعب يضخم الشائعات، وأعتقد أنه لا تزال هناك وثائق عديدة لم تظهر حتى الآن، ولابد أن تهدأ أعصابنا فبعد عامين أو ثلاثة سنجد أن العديد من الأسماء التى كانت ملء السمع والبصر قد توارت، فيجب أن نفكر فى المصلحة العامة والأحلام الكبيرة سنحققها بعد 4 سنوات هى مدة الفترة الرئاسية الأولى، حيث أعتقد أن رئيس الفترة الأولى لن ينتخبه الشعب فى فترة رئاسية جديدة لأن الناس تتوقع أن الرئيس القادم سيحول مصر إلى جنة فور انتخابه، وهذا لن يحدث رغم يقينى بأن الإخوان المسلمين سيساعدوا فى نهضة الاقتصاد المصرى بشكل كبير لأنهم «شطار» فى إدارة المشروعات التجارية، وأنا لا أنافقهم لأنى لا أخشاهم.