برر الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار، انسحابه من المشاركة فى التصويت لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور، بأن ما حدث كان مسرحية هزلية قادتها الأغلبية البرلمانية فى مجلس الشعب.
وكشف «سعيد»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، عن بعض كواليس التصويت على أسلوب اختيار اللجنة التأسيسية للدستور، حيث قال إن الأغلبية الدينية سيطرت عليه، وشدد على أن الدستور الجديد يتم التعتيم عليه. وتوقع البقاء الآمن للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى السلطة بعد انتخاب الرئيس الجديد، وقال إن «المجلس العسكرى يقود الحكومة والبرلمان، وحالتى الفوضى والانفلات الأمنى الحالى مقصودتان».. وإلى نص الحوار:
■ لماذا انسحب الحزب من التصويت على الجمعية التأسيسية للدستور السبت الماضى؟
- كنا نفكر فى الانسحاب منذ الإعلان بأن نسبة مشاركة البرلمان فى اللجنة 50٪، لكن فضلنا الانتظار لحين وضوح الأسس التى سيتم عليها التصويت، وكان لا بد من الاحتجاج على المسار، الذى سارت فيه عملية اختيار أعضاء الجمعية، من داخل البرلمان.
لقد جرى اختيار نسبة الـ50% من الشخصيات العامة والنقابات بالتصويت دفعة واحدة، دون أى حوار جدى حول الأسماء المطروحة، والتى تجاوز عددها 3 آلاف اسم، وتم إغلاق باب النقاش خلال اجتماع البرلمان، المخصص للتصويت على الجمعية بصورة تعسفية، بما لا يتناسب وأهمية انتخاب الجمعية، المنوط بها كتابة دستور مصر.
■ ألم تتحدث مع الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب لمعالجة الموقف؟
- تحدثت معه بصفته رئيسا للهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة ورئيس البرلمان، بحضور الهيئة البرلمانية للحزب وزياد بهاء الدين، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى، وطلبنا تأجيل التصويت أسبوعا لتأخذ القوى السياسية فرصتها فى اختيار أسماء الجمعية، لكنه رفض ولم يكن أمامنا غير الانسحاب.
■ ماذا عن أسلوب تشكيل اللجنة الذى تم التصويت عليه يوم 17 مارس؟
- المفترض أن الأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى أعطت أعضاء البرلمان الحق فى انتخاب اللجنة التأسيسية، لكن حقيقة الأمر أن هذا ليس انتخاباً، بل اختيار مسبق، فحينما ننظر لاقتراح «الحرية والعدالة» فى أول اجتماع لمجلسى الشعب والشورى، سنجده كان يتحدث عن تمثيل البرلمان بنسبة 40%، وكان هناك اقتراحان آخران بأن تكون 25%، أو 20%، لكنهم أخذوا بمبدأ 50% بعد التوافق مع التيار السلفى، الذى كان يريد 70%، وهذا غير مقبول، والأغلبية من حقها تشكيل وزارة أو مناقشة قوانين، لكن ليس من حقها السيطرة على وضع الدستور.
■ ماذا حدث فى كواليس الاقتراع على أسلوب اختيار اللجنة؟
- تلك جزئية مهمة لم يلاحظها أحد بسبب وفاة البابا شنودة، فقد بدأت الجلسة المشتركة السبت 17 مارس، ووزعوا علينا 5 ورقات، وطُلب منا التصويت عليها، بعدها أعلن رئيس المجلس نسب التصويت على كل اقتراح.
والمدهش أن من قال نعم لاقتراح الـ50% من البرلمان بلغ 480 عضواً من بين 550 كانوا موجودين، فهل هذه مصادفة، وتم التعتيم الإعلامى على بقية الأوراق التى صوتنا عليها، وقد يضعون بعض الليبراليين فى القائمة، التى سيتم اختيارها من باب الديكور أو تجميل المنظر العام أمام الرأى العام، ومصطفى النجار ظهر فى أحد البرامج التليفزيونية وقيل له إن اسمه ليس فى القائمة التى وضعوها، وهذا اعتراف بوجود قائمة، وهكذا الأمر كان محسوما للأغلبية.
■ قد يفسر البعض رأيك بأنه منطق الأقلية؟
- يجوز، لكننى أكررها وسبق أن قلتها فى اجتماع البرلمان «الأغلبية زائلة ولا يجوز أن تضع الدستور».
■ فى رأيك لماذا عشنا هذا الغموض فى تفسير المادة 60 من الإعلان الدستورى الخاصة بأسلوب تشكيل اللجنة التأسيسية؟
- لا أعرف، فمن وضعوا تلك المادة فى مارس 2011، لا يزالون على قيد الحياة وكان يمكن لهم الخروج علينا وتفسيرها لنا وشرح مقصدهم منها، لكن المجلس العسكرى ترك الموضوع كله بيد الأغلبية البرلمانية، التى حسمت أمرها كما تريد، ولا أحد يعرف لماذا التعتيم علينا فى شأن خطير هو دستور مصر! لقد منحونا الإحساس بأن الدستور تم الانتهاء من كتابته.
■ كيف تقيم أداء البرلمان حتى الآن؟
- حين أقيم أداء المجلس أنتقد نفسى أولاً ولا أستثنيها، وأذكر على سبيل المثال، أنه عندما اجتمعنا فى مجلس الشعب لأول مرة، كان لدينا الإحساس بأن وجودنا نتيجة تضحية الشباب، سواء من مات أو تعرض للإصابة، لذا كان الحديث عنهم له أولوية، لكن هناك معضلة ألاحظها عند النظر فى تفاصيل القانون ومضمونه، حيث نجده لم يحدد من هم الشهداء أو ظروف استشهادهم، حتى مع انتزاعنا حق منح من أصيب بعجز كُلى تعويضاً 100 ألف جنيه فنحن مقصرون، لأن هؤلاء يحتاجون راتبا شهريا.
والمجلس لم يقدم شيئاً حقيقياً للناس، بما فى ذلك لجان تقصى الحقائق فى الأحداث المختلفة، أو مطلب إعادة هيكلة وزارة الداخلية، التى لا تعنى عزل بعض اللواءات فقط، وأعترف بأنه لا يزال أداؤنا بعيدا عن طموحات الشعب، لأن لدينا أغلبية برلمانية تستحوذ على كل شىء، حتى فكرة سحب الثقة من الحكومة تعامل معها البرلمان بشكل سادى.
■ ولماذا يبقى الوزراء فى مناصبهم إذا كانوا يخشون المساءلة؟
- لأن المجلس العسكرى يفرض عليهم الاستمرار فى مهامهم، فالمجلس هو الذى يقود الحكومة.
■ وهل يقود المجلس البرلمان أيضا؟
- نعم، المجلس يقود البرلمان، وأذكر أنه حينما وقعت أحداث بورسعيد طلبت استدعاء من يمثل المجلس العسكرى ليحدثنا عن المنظومة الأمنية فى مصر، لكن لم يهتم أحد فى البرلمان بذلك.
■ هناك من يرى أن ما نعانيه من انفلات أمنى ووضع اقتصادى مقصود لتأديب الشعب؟
- أتفق إلى حد كبير مع هذا الاحتمال، وما نعيشه فوضى مقصودة، ولو أردنا تقييم الوضع الأمنى حاليا، علينا العودة لإحصاءات الأمن العام قبل الثورة ومقارنتها بما يحدث، أما تسليط الضوء على زيادة معدلات الجريمة ونوعيات السلاح دون مقارنة، فهذا غير علمى، وأتحدى أن تصدر أى جهة بيانا يؤكد زيادة معدلات الجريمة.
■ كيف تفسر الاتجاه لإصدار قانون العفو عن الجرائم الإرهابية التى صدرت فيها أحكام عسكرية وتسعى الأغلبية لتمريره؟
- نرفضه تماماً لأن القانون يجب أن يُحترم ولو كان هناك أفراد ظلموا أو تم حبسهم دون وجه حق أو أعتقلوا بلا دليل، فمن حقهم التقدم للقضاء بطلب إعادة محاكمتهم.