على الرغم من تراجع مجلس الشورى عن تغيير رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف بعد التصريحات المثيرة للجدل التى أطلقها الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، أحد قيادات حزب الحرية والعدالة بخصوص التغييرات فى رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية بسبب المخاوف من تكرار نفس السيناريو الذى كان يطبقه سلفه صفوت الشريف باختيار هذه الأسماء وفقاً لدرجة ولائهم للنظام السابق، ليتحول الاختيار وفقاً لدرجة الانتماء للإخوان المسلمين، ورغم نفى فهمى إمكانية سيطرة الجماعة على تلك المؤسسات لتكون لسان حال الإخوان، فإن انتخاب مجلس الشورى فتح ملف إعادة هيكلة هذه المؤسسات وضرورة تحريرها من الأوضاع التشريعية والتنظيمية الشاذة التى أفقدتها كل استقلاليتها وحرمتها من تأدية دورها الذى يتناسب مع الإمكانات الهائلة التى وفرها لها الشعب.
وعقدت نقابة الصحفيين اجتماعات مع أعضاء الجمعيات العمومية ومجالس إدارات المؤسسات الصحفية المنتخبين، للبدء فى جلسات استماع لمقترحات بشأن كيفية تطوير وتغيير وإصلاح النظم التى تحكم العمل فى هذه المؤسسات، وتمثلت أهم هذه المقترحات فى استقلالها عن مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة وأن تكون ملكاً حقيقياً للشعب، وحسب صلاح عيسى، عضو المجلس الأعلى للصحافة فإنه وفقاً للقانون فإن أى تغييرات فى المؤسسات الصحفية يجب أن تجرى من خلال مجلس الشورى، لافتاً إلى أن هيئة مكتب المجلس الأعلى التقت أحمد فهمى وضم اللقاء جلال عارف وصلاح منتصر، وفتح الحوار بشكل عارض ليوضح فهمى وجهة نظره حول التغييرات الصحفية بأن توحد حركة تغييرات رؤساء التحرير والإدارة، فالموجودون تم تعيينهم فى 18 مارس 2009 والقانون ينص على أن المدة لهم 3 سنوات مما يعنى أن فترتهم القانونية فى 17 مارس، حتى لو تم تعيين بعضهم فى وقت لاحق للآخرين، ليوحد قرار التغييرات فى وقت واحد بمن فيهم من تم تعيينه منذ 5 أسابيع فقط مثل رئيس تحرير الأهرام.
وقال «عيسى» إن الصحفيين لديهم تخوف من سيطرة الإسلاميين على التغييرات الجديدة باعتبار أن الأغلبية فى الشورى من تيارات إسلامية، ولفت إلى أن الإصلاح فى المؤسسات الصحفية تأخر كثيراً، والقانون الذى ينظم ملكيتها يحتاج إلى تغيير شامل واصفاً عقد مجلس نقابة الصحفيين اجتماعات مع الجمعيات العمومية فى الصحف القومية لبحث تطويرها دعوة حميدة يجب أن تخرج بنتيجة إيجابية لصالح هذه المؤسسات، وأضاف «عيسى» أنه من ضمن المقترحات اللازمة لتطوير الإعلام المصرى وليس فقط المؤسسات القومية، إيجاد مجلس وطنى للصحافة والإعلام يشرف على الصحف سواء القومية أو الخاصة أو الحزبية ويحدد شكل الملكية، وأن تتحول المؤسسات القومية إلى شركات قابضة تملك الصحف التابعة لها وتديرها بشكل مهنى بحت، فالأهم أن تفصل إدارة وملكية هذه الصحف عن الحكومة أو الحزب الحاكم لتعبر عن كل الاتجاهات.
ولفت جمال عبدالرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إلى أن دعوة النقابة الجمعيات العمومية للصحف القومية للتشاور حول تطوير وإصلاح هذه المؤسسات لم يكن هدفه الاعتراض على تصريحات رئيس مجلس الشورى فقط لكنها فتحت ملف المؤسسات بكاملها وضرورة تحريرها من الأوضاع التشريعية القائمة التى أفقدتها استقلالها، فالأساس فتح ملف فساد المؤسسات القومية واستقلالها بعد أن تعرضت لسنوات من التخريب والانهيار المهنى والمالى والإدارى وتحولت إلى عزب خاصة لبارونات الصحافة المصرية ونشرات للحزب الوطنى.
وأضاف «عبدالرحيم» أن المطلوب إصلاح أوضاع هذه المؤسسات لتكون مستقلة على الأقل إدارياً إذا كانت مملوكة للدولة، بحيث يتم تعديل القانون الخاص باختيار رؤسائها بالانتخاب وليس بالتعيين، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه والتعيينات بنفس الطريقة السابقة ستكون باختيار من لهم الولاء لمجلس الشورى الملىء بالإخوان، وأشار إلى أن النقابة مع إجراء تغييرات شاملة على جميع رؤساء التحرير وإدارات الصحف القومية و75% منهم له علاقة برموز النظام السابق وتعيينهم تم بمجاملة ومحسوبيات، لكن نظراً لأن مجلس الشورى لم يمض على تشكيله سوى أيام فهناك صعوبة بالغة فى أن يتم الاختيار بطريقة موضوعية، فالهدف هنا ليس وقف التغييرات لكن وضع معايير موضوعية فى الاختيار تشارك فيها النقابة وليس تحديد أسماء يتم التشاور معها، فالمهم أن تكون هذه الأسماء حسنة السمعة ولديها قبول مهنى.
ولفت كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحفيين، إلى أن تصريحات «فهمى» بشأن تغيير 48 قيادة من رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير المؤسسات الصحفية القومية، على الرغم من تراجعه عنها، تثير العديد من المخاوف حول سيطرة الإخوان على المؤسسات الصحفية، وقال إن هذه التصريحات تذكرنا بعهد النظام البائد عندما كان صفوت الشريف، رئيساً لمجلس الشورى السابق، وتجرى تغييرات دون أى معايير بخلاف ضمان ولائهم للحزب الوطنى وهو ما يتكرر الآن.
وأكد «محمود» أن هذه التغييرات وما تثيره من مشاكل فى المؤسسات الصحفية، تعود مرة أخرى إلى النقابة لحلها، ولذلك لابد أن تكون للنقابة دور فى اختيار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، واقترح أن يتم الاختيار وفقاً لانتخابات نزيهة وشفافة تجرى داخل المؤسسات الصحفية.
فيما قال على فتح الباب، زعيم الأغلبية بمجلس الشورى، إن المجلس فضل تأجيل التغييرات الصحفية حتى تتضح الرؤى لتحديد أفضل شكل لهذه المؤسسات، ولا نية لبيع المؤسسات الصحفية، وإن تغيير القيادات الصحفية أمر يمكن تأجيله.
وأضاف أن أعضاء مجلس الشورى يرون فى تعيين رؤساء التحرير أمراً يمس حرية الصحافة، وأنهم يريدون أن يشاركوا هذه المؤسسات الصحفية فى صنع مستقبلها، وطرح رؤى جديدة ليكون تعيين رؤساء التحرير وفق معايير مهنية محددة.
وأكد «فتح الباب» أنهم لن يكرروا أخطاء الماضى، ومن الممكن أن ينفصل المجلس الأعلى للصحافة عن الشورى، وتكون هناك هيئة مستقلة لتديرها، مشيراً إلى أن الوقت ضيق ولا يسمح بإجراء تلك التغييرات حالياً وإن تصريحات رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمى حول إجراء تغييرات فى المؤسسات كانت مجرد أفكار وليست قرارات.، وشدد «فتح الباب»، نائب الشورى عن حزب الحرية والعدالة، على أن الصحف القومية لا يمكن أن تكون أبداً ناطقة باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال إن الحزب يمتلك الجريدة الخاصة به، مؤكدا أن تلك المؤسسات القومية مملوكة للشعب المصرى، وطالب فتح الباب بالفصل بين مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة، وقال إنه يسعى كى يكون المجلس الأعلى للصحافة صاحب قرار تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير المؤسسات الصحفية القومية.