«عندما أترك شيئا لا أعود إليه، ولا أفكر فيه، ولا أحب الحديث عنه».. هذا هو أول تعليق تلقيته من الدكتور أحمد جويلى، وزير التموين والتجارة الأسبق، عندما حاولت جاهدة دفعه لإخراج ما فى جعبته من أسرار وتفاصيل عن الفترة التى تولى فيها وزارة التموين والتجارة، خاصة أنه لم يتحدث مطلقا عن هذه الفترة ولم يجب أبدا عن سؤال: لماذا خرج من الوزارة رغم شهادة الجميع له بحسن الأداء؟! ورغم أن الدكتور جويلى معروف بهدوئه التام رغم الأزمات التى أثارها مع رجال الأعمال ومافيا السوق السوداء فى هذه الآونة، وبدبلوماسيته فى حديثه عن المسؤولين والكبار، ورغم أنه ليس له تصريح فيه شغب، ولا حوار فيه اعتراف، ولا تحقيق يحوى أسراراً،إلا أن كل ذلك انتفى فى هذا الحوار.
والمعروف أن دكتور جويلى دخل الوزارة كوزير للتموين فى عهد وزارة الدكتور عاطف صدقى بعد أن كان محافظا لدمياط ثم الإسماعيلية.. واستطاع فى مدة قصيرة أن يكسب ثقة الشعب وحبهم.. عمل على ضبط السوق ومحاربة الغلاء وملاحقة الفساد وكشف الغش والتدليس، وفجأة وبعد أن زادت شعبيته للدرجة التى رشحه فيها الناس لرئاسة الوزراء فوجئ الجميع بخروجه فى أول تعديل وزارى بعدما تولى الدكتور عاطف عبيد رئاسة الوزارة.
فى هذا الحوار يكشف الدكتور جويلى لأول مرة أسباب خروجه من الوزارة، وأسرار ملف السكر الذى لا يعرف أحد عنه شيئا، ويحكى سر خلافه مع الدكتور عاطف عبيد ومافيا رجال الأعمال، ويحكى لأول مرة عن اقتحامه مصانع الشركة القابضة للسكر لمصادرة كل ما فيها.. وبدأت بسؤاله مباشرة عن السكر فأجاب بسرعة وتلقائية: السكر من السلع التى لا أحبها.
■ لأنه أخرجك من الوزارة؟
- ضحك قائلا: مشاكله كانت كثيرة، وكل يوم بسعر وسوقه غير مستقرة.
■ لدىّ معلومة تقول إن خلافك الرئيسى مع الدكتور عاطف عبيد كان بسبب ملف السكر؟
- ملف السكر كان من الملفات المعقدة جدا، نظرا لأهميته بالنسبة للمواطنين، وغلاؤه قرشا واحدا كان يتسبب فى أزمة، وكان كل همى هو المواطن الغلبان الذى أحرص على أن يحصل على السلعة بسعر جيد، وأن تكون السلعة متوافرة فى الأسواق، والأزمة الأساسية بينى وبين الدكتور عاطف عبيد، الذى كان أيامها وزيرا لقطاع الأعمال، بدأت عندما رفض رئيس الشركة القابضة لإنتاج السكر والصناعات التكاملية المصرية محمد خليف أن يعطينى حصتى الشهرية كوزارة تموين من السكر لكى أستوفى بطاقات التموين، وأخذ يماطلنى حتى تفاقمت الأزمة وأصبحت فى وضع حرج أمام مستحقى الحصة التموينية وباتت أزمة كبيرة فى البلد.
■ قاطعته: المفروض أن المصلحة واحدة، فهى شركة قطاع عام وأنت تعمل للصالح العام، فلماذا وقف رئيس الشركة القابضة ضدك؟
- رجال الأعمال اتفقوا مع «خليف» على أن يشتروا منه السكر المكرر ويصدروه للخارج فكان يحقق من وراء ذلك مكاسب كبيرة.
■ يعنى التاجر أهم من المواطن الغلبان الذى يحصل على السكر المدعوم؟
- نعم.. لذا اتصلت بالوزير المسؤول آنذاك، وهو الدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الأعمال الذى رفض التدخل وقال لى: «منك له.. إنت حر معه» حتى تأزم الوضع واختفى السكر من السوق المحلية تماما وارتفع سعره بشكل جنونى، وظللت أستعطفهم للحصول على حصتى ولكن دون جدوى، فاتصلت بالدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء أشكو له الوضع لكنه لم يحرك ساكنا، واندهشت من أنه لا أحد يريد الالتزام بسياسات الدولة، فاضطررت إلى استخدام سلطاتى كوزير للتموين وهى أن أصادر أى منتج وقت وقوع الأزمة، فأحضرت جميع مفتشى التموين، فى وجه قبلى وأمرتهم بأن يتجهوا إلى كل مصانع ومخازن الشركة القابضة واقتحامها ومصادرة كل «حباية سكر» فيها وشحنها إلى القاهرة فورا.
■ ماذا لو أنهم تعرضوا للمنع من قبل أى شخص؟
- قلت لهم «من يقف أمامكم حولوه إلى النيابة بموجب الضبطية القضائية التى معكم» وقد تم بالفعل مصادرة كل السكر وشحنه إلى القاهرة، وكونت رصيداً جيداً من السكر استوفيت به كل البطاقات التموينية، والفائض طرحته فى الأسواق بسعر جيد ودون ربح.
■ ماذا كان رد فعل رئيس الشركة؟
- لم أهتم بأى رد فعل له، علمت أنه شكانى لوزيره، ولكن لم أهتم فالمهم أننى أرضيت المواطن واستوفيت بطاقات التموين.
■ وهل وصل الموضوع إلى الرئيس مبارك؟
- نعم ولكن بعد أن انتهى، فقد علم أن السوق خالية من السكر، وأن هناك أزمة سكر فى البلد، وفى أول اجتماع بعدها سألنى ما موضوع أزمة السكر فقلت له «الموضوع انتهى خلاص ياريس، ولكن المهم ألا يتكرر مرة ثانية» فسألنى «ماذا تقترح؟» قلت له «أريد مخزوناً استراتيجياً من السكر وفى حالة حدوث أى أزمة أو عدم استقرار فى السوق أستطيع تغطية العجز فورا»، واقترحت أن تكون الكمية كافية لثلاثة أشهر مقدما، وسعرها كذا مليون فأمر الدكتور عاطف صدقى بأن يعطينى المال اللازم لتحقيق هذا المخزون.
■ وهل هذه المشكلة هى السبب الرئيسى فى استبعادك من الوزارة؟
- رئيس الوزراء الجديد آنذاك الدكتور عاطف عبيد لم ينس لى العديد من المواقف معه.. فقد كان رأيى دائما من رأسى، أدرسه جيدا وأنفذه. وفى موقف آخر استوردت الشركة القابضة «سكر خام» بكميات ضخمة لتكريره وأنزلته السوق وبدأت فى بيعه بسعر عال فاعترضت، وأنزلت أنا على الجانب الآخر السكر إلى الأسواق بسعر منخفض ومن هنا ثار الخلاف، فقد طلب منى الدكتور عاطف عبيد عدم تخفيض السعر فقلت له «أنا لا أريد أن أكسب».. فأجابنى قائلا «ولكن بهذه الطريقة ستؤدى إلى خسارة الشركة القابضة»، قلت له تخسر: أنا مشكلتى هى المستهلك».. وكذلك مواقف كثيرة على هذه الشاكلة.. فالسكر كان إحدى الحلقات المهمة فى خروجى من الوزارة لأنى كنت حساساً جدا تجاه المستهلك ولا أريد تحميله عبئاً أكبر، ولكن كانت هناك أشياء أخرى سبب توتر العلاقة مع الدكتور عاطف عبيد، فمثلا عندما كنت أصدر قطناً خاماً لجلب العملة الصعبة كوزير للتجارة فوجئت به يطلب منى ألا أصدر القطن فرفضت وقلت له إن الشركات المحلية لديها ما يكفى من القطن الخام للتصنيع والفائض من حقى تصديره، ولم يكن محقاً ولكنه كان يحاول إرضاء الشركات التابعة له فهو كان يعمل معها.
■ ماذا عن أزمة المجمعات الاستهلاكية؟
- ضحك قائلا: «لا أعرف عم تتحدثين.. كفاية كده إنتى أخدتى أسرار كتيرة».
■ أتحدث عن المجمعات الاستهلاكية التى كانت تابعة للدكتور عاطف عبيد ثم انتقلت إليك ولا أحد يعرف السبب ولا النتيجة التى ترتبت على ذلك؟
- بعد محاولة للتهرب من الإجابة قال: المجمعات الاستهلاكية كانت تابعة لعاطف عبيد أى لوزارة قطاع الأعمال.. ولكننى ذهبت للرئيس مبارك وقلت له «أنا أريد أن تكون فى يدى أدوات أحرك بها السوق والأسعار حتى أجنب البلد أى أزمة فى التموين وأجنب السوق احتكار بعض رجال الأعمال للسلع، حيث تنبهت خاصة خلال الأزمة الشهيرة للسكر إلى دور المجمعات واعتبرتها أداة يمكن من خلالها مواجهة تلاعبات القطاع الخاص وقررت طرح السلع التى كان يحدث بها اختناقات من خلالها، فقال لى الرئيس «ماذا تريد؟» قلت له «أريد شركات المجمعات الاستهلاكية»، وقد كان.. فعلاقتى بالرئيس كانت جيدة وكان يثق بى وأمر بالفعل بنقل المجمعات الاستهلاكية لتصبح ضمن صلاحياتى، لكن الدكتور عاطف شعر أننى أخذت جزءاً من صلاحياته وصغرت وزارة قطاع الأعمال.. حيث عادت هذه المجمعات مرة أخرى إلى وزارة قطاع الأعمال بعد تولى عاطف عبيد رئاسة الوزارة وبالمناسبة أنا وقفت فيما بعد بشدة أمام فكرة بيعها.
■ عندما علمت أن الدكتور عاطف عبيد تولى رئاسة الوزارة الجديدة هل تنبأت بخروجك؟
- نعم.
■ لكن الرئيس كان يعرف كفاءتك وعلاقتك به جيدة كما قلت فلماذا لم يتمسك بك؟
- رئيس الوزراء الجديد قال له إنه لا يريدنى، وأنا لم أكن أهتم حتى بمعرفة الأسباب، أنا أرضيت ضميرى وعملت بكل اجتهاد وحاربت فساد السوق بكل ما أوتيت من قوة.
■ ما أبرز قضايا الفساد التى اشتغلت عليها أثناء وجودك فى هذا المنصب؟
- قضايا كثيرة، فلطالما عملت على قضايا الغش والتدليس فى السوق وحاربت السلع منتهية الصلاحية والسلع التى كانت تمثل خطرا على الصحة العامة.
■ وهل هذا كان سبب وقوف بعض رجال الأعمال فى وجهك؟
- نعم حتى إنهم اشتكونى لرئيس الوزارة.
■ وماذا كان رد فعل دكتور عاطف صدقى؟
- كان دائما يقولى لى «إنت مزودها شوية».
■ هل كنت توقع مخالفات على شركات القطاع الحكومى؟
- لم أكن أفرق بين القطاع الخاص والقطاع الحكومى، بل بالعكس كنت أوقع مخالفات على جميع الشركات الحكومية بما فيها المجمعات الاستهلاكية التابعة لى.. كنت أحمى المواطن من الغش والتدليس واحتكار السلع أو عدم صلاحية المنتجات للاستهلاك الآدمى، أو كونها تمثل خطراً على صحته.
■ يفترض أن حمايتك للمواطن وضبطك للسوق يسعدان رئيس الوزراء لا أن يدفعاه لأن يقول لك «إنت مزودها شوية»؟
- لا أعرف ولكن هذا كان رأيه.. الغريب أن أحد الوزراء وقتها اتهمنى قائلا: «إنت بتشوه صورة مصر.. كل يوم تطلع علينا بقضايا غش تجارى وطعام منتهى الصلاحية! أنت بهذا تؤثر بالسلب على السياحة».. فقلت له «هذه الرقابة تجعل السياح يحترموننا أكثر، وعلى أى حال أنا لا أفعل ذلك من أجل السياحة إنما من أجل المواطن المصرى»، هذه للأسف كانت طريقة التفكير!
- مازال ملف توشكى مثار الأحاديث والأقاويل ما بين نجاح المشروع وفشله، استصلاح أرضه والتفريط فيها بملاليم.. إنفاق المليارات عليه كمشروع قومى، واعتبار ما أنفق إهداراً للمال العام، والنتيجة فى النهاية واحدة: لم يكتمل المشروع بعد.. لذا كان ملف توشكى على رأس أولويات حوارى مع الدكتور جويلى، ليس فقط لكونه حاصلاً على الدكتوراه فى الاقتصاد الزراعى وأحد الخبراء فى هذا المجال، ولكن لأنه تولى عام 2000 وبعد خروجه من الوزارة منصب رئيس مجلس إدارة شركة المملكة للتنمية الزراعية للاستثمار فى توشكى المملوكة للأمير الوليد بن طلال.
■ دكتور أحمد منذ عام 1998ونحن نعمل على مشروع توشكى أى حوالى 12عاماً ولم نزرع حتى ربع المساحة، وأخيرا ظهر ما يسمى بالتساهل مع الوليد فى العقود وبيع أراضى توشكى بملاليم، فما رأيك؟
- المشكلة ليست مشكلة الوليد إنما مشكلة الحكومة المصرية التى تخلت عن واجباتها.. كيف لى أن آخذ شخصاً أضعه فى الصحراء على بعد مسافة طويلة من القاهرة وأقول له «عليك أن تزرع الصحراء» دون أن أوفر له الطرق والمواصلات والسكن وخلافه.
مشكلة مشروع توشكى أنه تم التعامل معه على أنه مشروع رى لا مشروع تنمية متكامل، فتم الاهتمام بحفر الترعة الرئيسية والترع الفرعية ومحطات رفع المياه والماكينات وهو جهد ضخم بلا شك وكان يفترض التعامل معه على أنه مشروع متكامل وليس زراعة فقط إنما تعمير وصناعة وطرق ومواصلات وإسكان.. أما قضية المستثمرين فهى قضية فرعية بالنسبة لمشكلة توشكى الأساسية وهى التعمير.
■ إذن أنت تبرئ الوليد من الاتهامات التى وجهت له مؤخرا؟
- فى مثل هذه المناطق الصحراوية النائية يجب أن تقف الحكومة إلى جانب المستثمر، لأن استصلاح الأراضى هناك صعب جدا.
■ لكن الوليد حصل على الفدان بخمسين جنيهاً؟
- لكنها منطقة غير مأهولة بالسكان وبعيدة جدا وتوشكى مفتوحة للجميع بنفس الأسعار ولكن المسألة فعلا صعبة جدا.. وأعتقد أن المشكلة مع الوليد ليست فى السعر إنما فى أنه حصل على الأرض ولم يزرعها.
■ ألم يكن فى العقود ما ينص على مدة محددة للزراعة؟
- هذا خطأ الحكومة أيضا ولكن من الممكن تداركه بالجلوس مع جميع المستثمرين وإعادة صياغة العقود بوضع برامج محددة وإطار زمنى واضح للانتهاء من زراعة توشكى مقابل أن تقوم الحكومة بدورها هى الأخرى.
■ ألا ترى أن هناك خطأ يقع على عاتق الوليد فى هذا الصدد؟
- الوليد- بمعرفتى به- رجل لا يجيد الاستثمار فى مجال الزراعة فهو ليس مجال تخصصه، والنتيجة أنه لم يحقق فيه النجاح الذى حققه فى مجالات أخرى.
■ لا يشترط أن يفهم رجل الأعمال فى كل المجالات وإنما يكفى أن يعتمد على خبراء وقد أتى بك فى مرحلة ما كمتخصص فى مجال الاقتصاد الزراعى لإدارة ما يخصه فى مشروع توشكى؟
- أنا أمضيت فى شركة الوليد حوالى عامين وأعددت خطة محترمة وأجريت تجارب كثيرة على المحاصيل ونوع التربة وكذلك دراسة لإقامة العمال والتسويق وكل شىء، وهذه الخطة موجودة لدى الشركة ولكن بعدها تركت الشركة بعد أن عُرض علىّ رئاسة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وحلت محلى شركة فرنسية.
■ هل حدث أى خلاف بينك وبين الوليد؟
- لا إطلاقا، أنا تركت الشركة بعد أن عُرضت علىّ رئاسة المجلس لأننى لا أحب الجمع بين عملين، وتولت المأمورية بعدى شركة فرنسية كما قلت.
■ الشركة التى قلت عنها إنها السبب فى مشاكل الوليد فى توشكى؟
- نعم لأن سوء إدارة الشركة وعدم فهمها للمشروع كانا سبب التعثر حتى الآن.. وكان يفترض أن تتم الاستعانة بالخبرات المصرية ومن عملوا بتوشكى.وللخروج من هذا المأزق بشكل عام يجب أن تتم إعادة الاتفاق مع المستثمرين على جدول زمنى للتنفيذ وبرنامج محدد ووضع حوافز وعقوبات ومراجعة العقود وعلى الحكومة توفير الخدمات الأخرى.
■ كثيرا ما أعلن وزير الإسكان السابق حسب الله الكفراوى اعتراضه على موقع توشكى وقال إنه غير مدروس، ونسبة البخر فيه عالية مما يعوق الزراعة فهل تتفق مع رؤية حسب الله الكفراوى؟
- سمعت هذا الكلام كثيرا.. نعم توجد نسبة بخر إنما فى نفس الوقت المكان ليس خطأ بل على العكس الموقع ممتاز وأود أن ألفت الانتباه إلى معلومة أن أى أرض يمكن أن تزرع لو وجدت المياه، فلو وضعت المياه على حجر سيزرع والدليل أننا جميعا نلاحظ أن هناك نبتات صغيرة خضراء تنمو على مواسير الصرف طبعا بسبب وجود المياه. للأسف توشكى كانت ستكون جزءا كبيرا من تنمية مصر لو اكتمل المشروع لأنها منطقة حارة وكان سيكون بها منتجات زراعية فريدة، وكانت ستصدر لأوروبا والبلاد الباردة لكن الحكومة لم تكمل واجباتها تجاه توشكى.
■ الحكومة نفسها حملت مشروع توشكى تسببه فى أزمة السيولة بعد إنفاق حوالى7 مليارات جنيه عليه والنتيجة غير ملموسة بعد؟
- هذا الرقم لا يعد ضخما بل بالعكس هو لا شىء فى مقابل مشروع ضخم كبرنامج تنمية جنوب الوادى فبه 540 ألف فدان يعنى مساحته تساوى 3 محافظات وهى مساحة ليست هينة. والغريب أن تقول الحكومة هذا عن مشروعها الذى بدأت فى الإنفاق عليه، فهذا الكلام الذى خرج على لسان الحكومة إساءة للمشروع فهى تنتقد نفسها، كيف تصرف على المشروع وهى ترى أنه سبب أزمة سيولة فى مصر!
■ من توشكى إلى ترعة السلام ما سبب توقف مشروع ترعة السلام؟
- ترعة السلام أهون كثيرا من توشكى فهى قريبة من الوادى وسهل وصول الناس إليها.
■ إذن ما هى المشكلة؟
- نفس مشكلة توشكى، أنهم تعاملوا مع ترعة السلام على أنها مشروع رى وترك لمسؤولى الرى ولم يتعاملوا معه على أنه مشروع تنموى.
■ أثيرت من قبل مسألة بيع ترعة السلام للقطاع الخاص لاستكمال حفرها فى، مقابل تملك الأراضى على جانبيها بعد عجز الحكومة عن استكمالها فما رأيك؟
- أنا ضد الفكرة لأن سيناء خط أحمر والتملك فيها يجب أن يكون للمصريين فقط، وأخشى أن يكون القطاع الخاص ينطوى على جنسيات عدة، وقد كنت محافظا للإسماعيلية وكان جزء من الترعة يقع ضمن الاسماعيلية، وكانت أراضى الترعة موزعة كالتالى: جزء لشركات القطاع العام للاستثمار، وجزء لشباب الخريجين لتوفير فرص عمل وإعانتهم على المستقبل، وجزء للفلاحين عن طريق الجمعيات التعاونية كان هذا هو المتبع، ويجب أن يكون كذلك دائما، سيناء خط احمر وممنوع تمليكها لغير المصريين.
■ لننتقل إلى أزمات التموين فى مصر، ودعنى أسألك أولا: ما رأيك فى دمج وزارة التموين فى وزارة التضامن الاجتماعى؟
- أكبر خطأ.. لأن الفلسفة القائمة على أن كلاً من التموين والتضامن تقدمان الدعم للمواطن محدود الدخل لذا يجب دمج الاثنتين تحت مظلة واحدة فلسفة غير سليمة، لأن مهمة التموين أكبر من ذلك بكثير، فهى مسؤولة عن توفير السلع وتسعيرها وتواجدها فى الأسواق وليس مجرد الدعم.
■ «الدعم والعدالة الاجتماعية» لفظان أصبح يسمعهما المواطن فقط ولا يلمسهما على أرض الواقع؟
- رغم أن العدالة الاجتماعية جاءت على رأس برنامج الرئيس الانتخابى فإن الحكومة تفهم أن التهليل بارتفاع معدل النمو يعبر عن تحسن الأوضاع الاقتصادية غير عابئة بأن هذا النمو يخفى فى طياته عدم عدالة فى توزيع العوائد. وعلى الجانب الآخر يوجد سوء توزيع للدعم فى مصر، ولا يصل لمستحقيه، وأرى أن المشكلة ناجمة عن سوء إدارة، وأنا أؤيد الدعم العينى، فله ميزات أكثر من الدعم المادى لأن الأول يصل للأسرة بينما الثانى قد لا يصل للأسر الفقيرة.
■ ما هو الحل؟
- الاقتصاد لن يتحسن والبطالة لن تقل والفقر لن ينكمش إلا فى حالة واحدة، وهى الاتجاه إلى الصناعات كثيفة العمالة وإعادة النظر فى سياسة الدعم.
■ حدثت فى عهدك أزمة فى أنبوبة البوتاجاز تشابه الأزمة الأخيرة فماذا كانت أسبابها وكيف تعاملت معها؟
- المشكلة كانت فى عدم توافر المادة الخام وسوء التوزيع وتغلبت على الجانب الأول بالاتصال الفورى بوزارة البترول والتنسيق معها لتوفير المادة الخام، أما التوزيع فقد توصلت إلى فكرة مشروعات شبابية تساهم فى توزيع أنبوبة البوتاجاز من ناحية وتوفر فرص عمل لهم من ناحية أخرى، وهى عبارة عن سيارة يتسلم فيها الشاب عدداً معيناً من أسطوانات البوتاجاز على أن يوزعها فى منطقة محددة وقد حقق هذا المشروع نتائج جيدة وساهم فى حل الأزمة.
■ هل فعلا توجد أزمة فى خام غاز البوتاجاز حاليا؟
- نعم.
■ هل أنت مع تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل؟
- ولم لا.. الغاز منتج فى النهاية يمكن أن أبيعه لأى جهة، المهم الفلوس.
■ لكن الحكومة تبيعه بسعر بخس؟
- هذا أمر آخر.. أنا لست ضد البيع لإسرائيل لكننى ضد أن يباع بسعر هزيل.. يجب أن يباع بالسعر العالمى.
■ على أثر أزمة الخبز ومن بعدها أنبوبة البوتاجاز طالب المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية فى حوار سابق معه بأن تترك مثل هذه الأمور للمحافظين، لذا باعتبارك محافظاً أسبق لدمياط ثم الإسماعيلية ما رأيك فى هذا الاقتراح؟
- المحافظ هو القادر على حل مثل هذه الأزمات لأنه الأكثر دراية، واللامركزية فى إدارة أمور التموين أفضل من المركزية، لذا يجب إعطاء المحافظين الصلاحيات للتصرف فى هذه الأمور.
■ قال لى المستشار عدلى حسين إن توفير الخدمات فى المحافظة يتوقف على علاقة المحافظ بالوزير، فلو أن وزير الإسكان مثلا ليس على علاقة طيبة بالمحافظ لا يخصص حصة جيدة للمحافظة من الموازنة الخاصة بالطرق والكبارى ومحطات المياه وهكذا فالمسألة تتوقف على العلاقات الشخصية وليس المصلحة العامة فهل تتفق مع ذلك؟
- للأسف نعم، وهذا لا يجب أن يكون.
■ هل سبق أن حدث ذلك معك؟
- نعم أحيانا.