ضربت فتنة الانقسام حول دعم ترشيح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وحازم أبوإسماعيل، فى انتخابات رئاسة الجمهورية جماعة الإخوان المسلمين - التى قررت عدم ترشيح أحد أعضائها - والتيار السلفى الذى قرر تأجيل موقفه من جميع المرشحين.
جاء ذلك عقب تحرير عدد من شباب «الإخوان» توكيلات لـ«أبوالفتوح» وإعلان عدد من أمناء «النور» بالمحافظات تأييد «أبوإسماعيل»، وتهديد الأعضاء بتقديم استقالات جماعية من الحزب حال تأييده مرشحاً آخر.
وقالت مصادر مطلعة داخل الإخوان إن اقتراح بعض قيادات الجماعة ترشيح المهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، فى انتخابات الرئاسة قوبل بمعارضة شديدة من «الشاطر» وقيادات مكتب الإرشاد، خلال اجتماع مجلس شورى الإخوان الذى عقد منذ يومين بالمركز العام للجماعة، خوفا من أن يؤثر ذلك على مصداقية الجماعة أمام الرأى العام. وأضافت المصادر - التى طلبت عدم نشر أسمائها - أن هذا الاقتراح سبق أن رفضه «الشاطر» بعد أن عرضته بعض القيادات السلفية والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح خلال الأيام الماضية على مكتب إرشاد الجماعة.
وأوضحت أنه «إذا كان هناك ميل للموافقة من جانب (الشاطر)وقيادات المكتب على الاقتراح لكان تم عقد اجتماع للمكتب فى اليوم التالى لحسم القرار، لكن تأجيل الجماعة اجتماع مكتب الشورى للجمعة المقبل يدل على أنه ليست هناك رغبة للتراجع عن قرارها بعدم ترشيح أحد من الإخوان للرئاسة».
وقالت المصادر إن الاجتماع لم ينته لاتخاذ قرار بشأن هذا الموضوع، انتظارا لإعادة الاتصال بـ«الغريانى» مرة ثانية، وحسم الموقف النهائى فى اجتماع المجلس الجمعة المقبل.
وقال الدكتور أحمد عبدالرحمن، عضو مجلس شورى الإخوان، إن «قرار الجماعة عدم ترشيح أحد منها للرئاسة لايزال حتى الآن قائما، لكن ما سيحدث خلال الأيام المقبلة الله أعلم به، ولم يصدر أى قرار من الجماعة بالتراجع عن موقفها». وأضاف: «قرار ترشيح أحد من الجماعة للرئاسة فى يد مجلس شورى الإخوان، لأنه الذى كان قرر من قبل عدم ترشيح أحد».
وشدد الدكتور محمد عماد الدين، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، على أنه سيتم التحقيق مع أى فرد يخالف قرار الجماعة بمن فيهم القيادات التى خالفت قرار الجماعة وحررت توكيلات للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادى السابق فى الإخوان، وسيتم رصد أعداد هؤلاء الشباب، وكل المكاتب الإدارية ستبدأ التحقيق معهم.
وقال عبدالمنعم عبدالمقصود، محامى الإخوان، إنه سيقدم خلال الأيام المقبلة طلباً إلى المحكمة العسكرية لإعادة محاكمة خيرت الشاطر وحسن مالك، رجل الأعمال الإخوانى، و38 آخرين فى القضية المعروفة إعلاميا باسم «ميليشيات الأزهر».
من جانبهم، اعتبر عدد من شباب الإخوان الداعمين ترشيح «أبوالفتوح» للرئاسة أن تراجع الجماعة عن قرارها وترشيح أحد للرئاسة سيؤثر سلبا على مصداقيتها وتاريخها.
وقال أحمد قريطم، أحد شباب الإخوان: «إذا رشحت الجماعة أحداً منها للرئاسة فلن يثق أحد فى أى قرار للجماعة مرة ثانية، وهذا سيعنى وقتها أن هناك مؤامرة من الإخوان ضد (أبوالفتوح) لأن الجماعة ترفض أن يكون له وضع وهو خارجها».
وشدد على أن «الشاطر» إذا ترشح أمام «أبوالفتوح» سيخسر، لكن إذا حصل على دعم التيار السلفى بجانب الإخوان ستكون المعركة محسومة لـ«الشاطر». وأضاف: إن القرار الأنسب للجماعة حاليا هو عدم دعم أحد وترك الحرية لأعضائها لاختيار من يدعمونه، مؤكدا أنه سيقدم استقالته من الجماعة.
وقال بسام قطب، أحد شباب الإخوان، إنه سيعطى صوته لـ«أبوالفتوح» حتى إذا رشحت الجماعة «الشاطر»، لأن «أبوالفتوح» يمثل التيار الوطنى كله أما «الشاطر» فهو يمثل الإخوان فقط، على حد قوله. وأضاف: «الإخوان ستفقد مصداقيتها وسط الشعب المصرى إذا رشحت أحدا منها للرئاسة، وهذا سيكون قراراً كارثياً للجماعة».
وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه «إذا تراجعت الجماعة عن قرارها ورشحت أحدا من قياداتها لم يترشح من قبل سيكون لذلك تأثير سلبى عليها، وسيعتبره قطاع واسع من الرأى العام عدم التزام بتعهد قطعته على نفسها وسيؤثر على مصداقيتها».
واستدرك: «لكن إذا قررت دعم (أبوالفتوح) الذى لم يعد من قياداتها فهذا سيكون مكسبا لها، والحل المناسب للإخوان حاليا هو عدم دعمها أحداً وترك الحرية لأعضائها، أو تأكيد أنها ليست ضد دعم أبوالفتوح».
فى سياق متصل، تصاعدت الأزمة بين الجماعة و10 من قياداتها فى بنى سويف، الذين كانوا حرروا توكيلات لـ«أبوالفتوح»السبت.
ونفى محمد عبدالله سياف، مسؤول المكتب الإدارى للإخوان بالمحافظة، وجود أى انشقاقات بين الشباب. وأكد التزام الجميع بقرارات المكتب الإدارى ومكتب الإرشاد والجماعة عامة سواء فى الترشيح أو مساندة شخص بعينه.
وقال المهندس عبدالعظيم الشرقاوى، عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، إن من حرروا توكيلات لـ«أبوالفتوح» ليسوا من أعضاء المكتب الإدارى وبعضهم من مؤسسى الحزب الذين تركوه.
فى المقابل، قال الشيخ زين أبوالسعود، أحد قيادات الجماعة، الذى حرر توكيلاً لـ«أبوالفتوح»: «نحن أصحاب الفضل فى تأسيس الجماعة وتتلمذنا على يد الشيخ حسن البنا، مؤسس الجماعة، وقدنا الجماعة ما يقرب من 20 عاما منذ السبعينيات وعانينا الكثير من الظلم والاضطهاد فى المعتقلات على يد النظام السابق».
وقال ياسين عبدالعليم، عضو مجلس الشعب السابق عن الجماعة: «إننا من الرعيل الأول للإخوان، ومن مؤسسى حزب الحرية والعدالة، بخلاف ما ورد من تصريحات بعض مسؤولى الجماعة والحزب الحاليين، من عدم انتمائنا للجماعة». يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه عدد من أمناء حزب النور فى المحافظات تأييدهم حازم صلاح أبوإسماعيل دون انتظار قرار الحزب، وجاء فى مقدمتهم محمد الشاذلى، أمين الحزب بالإسماعيلية، الذى قال إن «التيار السلفى وحزب النور بالإسماعيلية سيؤيدون أبوإسماعيل».
وهدد عدد من أعضاء حزب النور بتقديم استقالتهم حال ما سموه «إعلان الحزب تأييد مرشح آخر». وقال جمال صابر، مسؤول حملة «أبوإسماعيل»، إن «القاعدة الشعبية لحزب النور بعيدة تماما عن رأس الحزب، وجميع الأمناء فى المحافظات أعلنوا تأييدهم لنا، والجسد سينفصل عن الرأس فى هذه القضية». وكشف عن أن هناك حزبا طلب من «أبوإسماعيل» خوض الانتخابات باسمه، لكنه رفض الإفصاح عن اسم الحزب.
وقال الدكتور يسرى حماد، المتحدث باسم حزب النور، إن «طريقة تفكير (أبوإسماعيل) تتوافق مع المنهج السلفى، وأمر طبيعى أن يلتف حوله السلفيون، والحزب تأخر فى إصدار قرار حول المرشح الذى سيدعمه لأنه يدرك جيدا جسامة هذه المسؤولية».