ألقى مئات الآلاف من الأقباط والمسلمين، الأحد ، نظرة الوداع الأخيرة على جثمان البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، بعد أن قام الأساقفة والقساوسة بتجليسه على كرسى مارمرقس الرسول مرتديا الزى الرسمى وبجواره عصا الرعاية، وقامت فرق الكشافة بتنظيم عملية المرور من خلال ممر من الجهة اليسرى للكاتدرائية حتى الخروج منها. ووقف بجواره الأنبا بيمن، أسقف قوص ونقادة، ولم يحضر اجتماع المجمع المقدس لتنظيم عملية الوداع، وكان بصحبته الأنبا ثيؤدسيوس أسقف الجيزة الذى ترك الاجتماع لتنظيم عملية الوداع.
وداخل أسوار الكاتدرائية، نظم الآلاف مظاهرات حب للبابا، هاتفين «ما تقولش البابا مات.. البابا شنودة فى السماوات»، و«بنحبك يا بابا»، وأصيبت عشرات النساء بحالة هيستيرية، وتعرضن لإغماءات بسيطة وتم نقلهن إلى سيارات الإسعاف التى رابطت خارج المقر بجوار سيارات الأمن المركزى.
من جانبه، قال د. يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، على هامش حضوره العزاء، إن البابا شنودة شخصية وطنية سطرت تاريخها بحروف من نور، معتبرا أن رحيله «مصيبة للشعب المصرى كله وليس الأقباط فحسب، لأنه شخصية صعبة التكرار.
وأضاف: كان من أقرب الأصدقاء إلى قلبى، وكنت دوماً أحرص على زيارته والاستماع لمشورته.
فى سياق متصل، وبمجرد إذاعة نبأ وفاة البابا شنودة الثالث مساء السبت ، توافد آلاف المسيحيين على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بهدف توديعه والصلاة من أجله، وشهدت الكاتدرائية حالة من البكاء الهيستيرى بالإضافة لحالات إغماء لعديد من السيدات حزنا على قداسة البابا.
وفى حوالى الساعة التاسعة مساء، قام الآلاف بالصلاة حول المقر البابوى وداخل الكاتدرائية رافعين لافتات: «بنحبك يا بابا شنودة»، ورفعت الكتيبة الطيبة صورة كبيرة لقداسة البابا مزينة بالورود مكتوباً عليها: «شعبك يحبك» فيما هتف الحاضرون «ارحمنا يا الله» «يارب يا رب»، وهتف أحد الشباب «بابا شنودة يا بلاش.. واحد غيره مايلزمناش»، مما أثار اعتراض الحضور على هذا الهتاف، لأن البابا فى مكان أفضل الآن، وأن كل الأمور تعمل معا للخير - على حد تعبيرهم.
وقال القمص بطرس بولس لـ«المصرى اليوم»: لابد من جلوس البابا على كرسيه طبقا للطقس الكنسى، والمجمع البابوى هو المسؤول عن تحديد المدة، سواء يومان أو ثلاثة أيام، وذلك من أجل إلقاء نظرة الوداع وأخذ البركة من قداسته.
وألقى الأنبا موسى، أسقف الشباب، بيانا على الحضور فى تمام الساعة الحادية عشر، مساء، مطالبا الجميع بالالتزام من أجل إتاحة الفرصة لرؤية جسد البابا، مطالبا الجميع بالذهاب إلى منازلهم، لكى يمهدوا للكاتدرائية من أجل عمل صورة تليق بقداسة البابا، وقال: إن محبتكم للبابا لابد أن تتحول إلى عمل، لأنه سيتم وضع ممرات داخل الكاتدرائية لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم.
وأكد الأنبا موسى أن هناك العديد من الترتيبات من أجل الجنازة، لأن البابا شخصية عالمية سوف يحضر جنازته أناس من كل دول العالم، وأوضح أن المجمع فى اجتماعه الأحد «الأحد» سيحدد كل شىء حول صلاة الجنازة.
من جانبه، قال الأنبا لوكاس: «بمقدار حبنا للبابا علينا أن نغادر المكان»، مؤكدا أن المجمع الكنسى فى حالة انعقاد دائم. وأضاف أن وصية قداسة البابا هى أن يدفن فى «دير الأنبا بيشوى».
وترأس الأنبا موسى الصلاة من أجل البابا بعد إلقائه البيان، فيما احتشد نجو 20000 مسيحى داخل ساحة الكاتدرائية، والآلاف داخل مبنى الكنيسة نفسه.
وعند منتصف الليل، غادر عدد كبير من الحضور استجابة لطلب الأنبا موسى، لكن مجموعات أخرى أصرت على البقاء داخل الكاتدرائية من أجل مشاهدة جسد البابا، وطالب الشماس أنطون ابن المعلم إبراهيم عياد، كبير الشمامسة، الحضور الذين حرصوا على إقامة الصلاة والتسابيح على روح البابا بمغاردة الكاتدرائية فورا لإغلاق الأبواب للقيام بأعمال النظافة وإعداد الكاتدرائية لاستقبال جثمان البابا، وقام رجال الكشافة بعمل حواجز حول الكنيسة لمنع دخول الحضور وأطفأوا الأنوار داخل الكنيسة، وخرج الجميع حوالى الواحدة صباحا.
فيما قرر الآلاف البقاء داخل فناء الكاتدرائية حتى الصباح، على الرغم من برودة الجو فى هذا التوقيت، وأحضر كثيرون بطاطين للمبيت حتى الصباح، وقضى الجميع ليلتهم بالصلاة والقراءة فى الكتاب المقدس مؤدين الترانيم المسيحية، وجاءت العربات التى تحمل الصوان من أجل العزاء وأغلقت جميع أبواب الكاتدرائية فى حوالى الساعة الـ4 صباحا، ولم يسمح بدخول أحد حتى صباح اليوم التالى.