اليمن: «جمعة الكرامة» حولت احتجاجات 18 مارس إلى ثورة شعبية

كتب: عبد العزيز الهياجم الأحد 18-03-2012 19:47

مثلت «جمعة الكرامة» في /18مارس/ 2011 ذروة صعود حركة الاحتجاجات الشعبية في اليمن، والتي سقط خلالها 52 قتيلا من المتظاهرين، وأصيب المئات بجروح حولت مجرى الأحداث منذ ذلك التاريح إلى ثورة عارمة شكلت زلزالاً هز وجدان المجتمع اليمني، الذي لم يزد إلا إصرارًا على الثأر لكرامته.

الآن، ورغم أن 18 مارس يحل على اليمنيين بثوب جديد ورئيس جديد وتحديات جديدة، إلا أن الكثير من الشباب ما زالوا يؤكدون أن «الثورة مستمرة». فعلى المستويين الشعبي والشارع السياسي، ينقسم الناس بين متفائل، بما وصلت إليه الثورة من «إنجازات»، ومتشائم مما يرونه محاولات النظام السابق التشبث بالحكم، رغم التوافق على الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي.

«ما للسياسيين للسياسيين، وما للمحتجين للمحتجين».. هكذا يصف أحد شباب الثورة في اليمن التسوية السياسية، التي تمخضت عن تنصيب هادي رئيسا في فبراير الماضي، وهو النائب السابق للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.

ربما تكون المبادرة الخليجية قد نجحت في إجبار «صالح» على الخروج من السلطة، لكن- والحديث لسعيد الشرعبي- القيادي في الثورة اليمنية، «الشباب سيواصلون تصعيدهم السلمي حتى تحقيق أهداف الثورة كاملة، وإسقاط النظام كله، ومحاكمة رموزه وإقامة الدولة المدنية».

وأضاف «الشرعبي» في حديثه لـ«المصري اليوم» أنه لا «يمكن القول حتى الآن أن أهداف الثورة تحققت كاملة، بل إن مطلب إسقاط صالح وإزاحته سياسيا من خلال المبادرة الخليجية والرعاية الأممية هو الذي تحقق جزئيا». وأشار إلى أن «صالح» راوغ في التهرب من المحاسبة، وحصل على الحصانة، وحقق هدفه في الخروج الآمن بأقل كلفة، كما يبررها سياسيو البلد.

وأضاف: «صحيح ذهب صالح، لكن بقى نظامه، مهما تحدث المدافعون عن التزامه بما نصت عليه المبادرة وآليتها التنفيذية، التي كنا نرفضها أساسا كونها جاءت لوأد الثورة والالتفاف على مطالب الشعب المتجسدة في 6 أهداف، خرجنا لتحقيقيها في عموم محافظات الجمهورية. هذا ما نرفضه ولا نقبل المساومة فيه تحت أي مبرر أو أي تدخل خارجي».

وبعد مرور عام على الثورة، ما زال الثوار يتذكرون الأهداف الـ 6 للثورة، والتي تتلخص في إسقاط النظام الأسري الاستبدادي للرئيس صالح، وبناء دولة «مدنية» ديمقراطية، وتحقيق نهضة تعليمية شاملة، وبناء اقتصاد وطني قوي، وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية حديثة، فضلا عن استقلال السلطة القضائية.

ومقابل النظرة المشككة لمدى ما تم إنجازه من أهداف الثورة، يفضل البعض التأكيد على فعل «التغيير» نفسه، الذي حدث بكل الأحوال. هو ما يؤكده المحلل السياسي، غسان حيدر، لـ «المصري اليوم»، قائلا: «إن التغيير حدث فعلا في اليمن، وانتصرت السياسة عكس ما حدث في بعض الأقطار العربية. هذا نتاج طبيعي لتجربة اليمن الديمقراطية. أما بالنسبة للشباب، وهم السبب الرئيسي لهذا التغيير، فإنهم إذا لم ينخرطوا سياسيا من أجل ضمان نتائج التغيير، فسيتحولون إلى عائق أمامه».

كان زلزال «جمعة الكرامة» قد أسفر عن موجة استقالات لوزراء وبرلمانيين ومسؤولين وقادة عسكريين في النظام، كان أبرزهم اللواء علي محسن صالح الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع الذي شكل الذراع اليمنى لصالح منذ توليه السلطة في 1978 وظل يعتقد اليمنيون حتى وقت قريب أنه الأخ غير الشقيق له.

آنذاك، تصور الكثيرون أن تلك الاستقالات والانشقاقات صبت في مصلحة الثورة الشبابية، وأن نظام صالح سقط، لكن الباحث في الدراسات السياسية، عمر مدهش، يؤكد أن صالح وأركان نظامه استفادوا في حقيقة الأمر كثيرا من إعلان قيادات عسكرية مدنية انضمامها إلى ثورة الشباب.

وأكد: «هكذا تم تشويه نقاء الثورة الشبابية بانضمام عسكريين ومدنيين غرقوا في الفساد على مدى 33 عاما»، وهو ما سمح لصالح بتحويل الثورة إلى أزمة سياسية، ومواجهات مع خصومه من المسلحين القبليين والعسكريين المنشقين، لا سيما في العاصمة صنعاء، ومدينة تعز، التي اندلعت منها شرارة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظامه.