جدل بين السياسيين والقانونيين حول مقاعد النواب فى «التأسيسية»

اختلف عدد من الخبراء القانونيين والدستوريين حول قرار الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى، السبت ، بشأن اللجنة التأسيسية للدستور.

أكد الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى، أن هذا القرار «غير دستورى» لأنه مخالف لنص المادة 60 من الإعلان الدستورى، ومبدأ المساواة بين المواطنين، مما يهدد ببطلان الدستور ـ حسب تعبيره.

وقال «فرحات» إنه بصدد تشكيل فريق قانونى لبحث إمكانية الوصول للقضاء الإدارى، والطعن على هذا القرار الذى وصفه بأنه «اغتصاب للسلطة».

وأضاف: لا أعرف لماذا يصر حزبا «الحرية والعدالة» و«النور» على الدخول بنا من نفق إلى نفق.

وأكد أن المادة 60 من الإعلان الدستورى واضحة وصريحة، وهى أن ينتخب أعضاء مجلسى الشعب والشورى أعضاء اللجنة التأسيسية، لافتا إلى أنهم حرموا المواطن المصرى العادى من حقه فى الترشح بانتخابهم كأعضاء فى اللجنة التأسيسية، و«هذا مخالف لمبدأ المساواة بين المواطنين، حيث أعطوا لأنفسهم ميزة عن الآخرين».

من جانبه، قال الكاتب الصحفى صلاح عيسى إن أعضاء مجلس الشعب والشورى «انحازوا لأنفسهم»، مؤكدا أن الأغلبية فى المجلس قبلت ذلك اضطرارًا، وأنها كانت تتمنى أن تحصل على نصيب أكبر فى التأسيسية، حتى يتسنى لها أن تحقق «أطماعها السياسية».

وأضاف «عيسى» أن أعضاء اللجنة سوف ينحازون للوضع القائم، وسيراعون مصلحتهم عند صياغة الدستور كأغلبية تسعى للحصول على حقها فى تشكيل الحكومة، وتقليل سلطة رئيس الجمهورية، مشيرا إلى احتمالية أن تكون مواد الدستور الجديد ليست معبرة عن مصلحة الوطن بشكل عام، ولكنها ستعبر عن مطامع تيارات سياسية بعينها.

وأنهى «عيسى» كلامه قائلا: «الآن انكشف عوار الإشكالية التى وقعنا فيها، باختيار إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور».

من جانبه، اعتبر الدكتور إبراهيم درويش، أستاذ القانون الدستورى، أن النسبة التى اختارها البرلمان المصرى غير دستورية وباطلة، مؤكدا أن الدستور يعبر عن إرادة الأمة ولا يعبر عن إرادة جماعة أو حزب يمتلك الأغلبية فى البرلمان، ويصوت أعضاؤه لما يريدون.

وأضاف: الإخوان المسلمون سيأتون بمن يريدون فى اللجنة التأسيسية للدستور بغض النظر عن رفض أو قبول أعضائها من قبل الشارع المصرى.

وأشار إلى أن البرلمان المقبل سيدعو لدستور جديد، وسيشكل لجنة لوضع دستور، وهو ما يمثل خللا كبيرا ستشهده مصر بسبب الأغلبية التى تسيطر على البرلمان وتبحث عن مصالحها، بغض النظر عن مصلحة الوطن، وهو ما وصفه بأنه «أمر مخالف لكل الدساتير».

وأرجع «درويش» هذا الأمر إلى لجنة المستشار طارق البشرى، التى وضعت الإعلان الدستورى، ووصفها بأنها أفسدت كل شىء ـ على حد تعبيره ـ مؤكدا أن مجلس الشعب ليس من مهامه خلق الدساتير.

وعبر الدكتور ضياء رشوان، رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن استيائه من الطريقة التى تم اختيار نسبة مجلس الشعب فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بها، مشيراً إلى عدم وجود توافق بين الأحزاب والقوى المختلفة تحت قبة البرلمان حول النسبة، وهو ما جعلهم يلجأون إلى آلية التصويت عليها، وهو ما يعبر عن خلاف بين القوى المختلفة ينذر بخلاف حول المضمون والجوهر ستشهده الأيام المقبلة.

وشبه «رشوان» التصويت على نسبة أعضاء الشعب باللجنة التأسيسية بـ«التركة» التى يتم تقسيمها، وقال: «لست متفائلاً، لأن الأيام المقبلة ستشهد نزاعات وخلافات كثيرة حول كيفية اختيار الـ50 عضواً من داخل البرلمان، وكذلك الـ50 الآخرون الذين سيتم اختيارهم من خارجه، وهو ما ينذر أيضاً بخلاف حول جوهر الدستور».

وأضاف: «لا أعرف لماذا غير الإخوان أطروحاتهم وأفكارهم حول النسبة، حيث سبق أن أكدوا من قبل أنهم مستقرون على نسبة 40%، من داخل البرلمان و60% من خارجه، ثم تراجعوا فى اللحظة الأخيرة وصرحوا بأن النسبة ارتفعت إلى 50%».

وتابع: «يجب أن تكون النسبة قائمة على أساس سياسى، وليس على أطروحات أغلبية بالبرلمان».

فى المقابل رحب الدكتور عاطف البنا، الفقيه الدستورى، بهذا الاقتراح واعتبره الأفضل ولا يوجد به أى مخالفة للمبادئ الدستورية، منوها بأنه وفقا للمبادئ الدستورية التى استفتى عليها الشعب فهذا «أمر معقول ولا يوجد فيه نواقص».

وأشار إلى أن من المقترحات التى تم تقديمها استفتاء الشعب على اختيار اللجنة التأسيسية للدستور، مشيرا إلى أن هذا أمر كان من الصعب تحقيقه، لافتا إلى أن تصويت مجلسى الشعب والشورى عليه أمر قانونى، لافتا إلى أنه لا توجد أى سلطة أو حكومة أو نخبة تمنع نواب الشعب من أن يكونوا أعضاء فى الجمعية.

وقال إن كل الدساتير السابقة ابتداء من دستور 1923 حتى دستور 1971 كانت تتجه إلى أن تكون هناك لجنة معينة، وأنه لأول مرة فى تاريخ مصر تتولى الجمعية التأسيسية للدستور جمعية منتخبة، مؤكدا أن الجمعية التأسيسية سيكون فيها تمثيل لكل فئات الشعب وطوائف المجتمع.

وأكد «البنا» أن وضع دستور مصر لا يحتاج أكثر من 5 إلى 6 قانونيين ومتخصصين لصياغة الدستور، مشددا على أن المجلسين بهما جميع الثقافات.

من جانبه، قال الدكتور مصطفى الفقى، المفكر السياسى، إن اختيار الـ50% هو الأفضل لتمثيل القوى السياسية المختلفة داخل البرلمان و50% من الخبراء، أو أى قوى سياسية أخرى غير منتخبة من أصحاب الفكر وذوى الرأى من جميع الفئات، مع تمثيل أكبر للأقباط والمرأة والشباب، مشيرا إلى ضرورة خضوع التمثيل للإرادة الشعبية.