فيلم«بنات العم».. محاولة لتقليد الكوميديا الأمريكية بإفيهات إباحية بلا معنى

كتب: رامي عبد الرازق السبت 17-03-2012 18:24

عندما قدم إسماعيل يس «الآنسة حنفى»، ورأفت الميهى «السادة الرجال»، كان ثمة هاجس يلح عليهما يسمى فى الدراما «الهدف» أو «المقدمة المنطقية»، ففكرة تحول الرجل إلى امرأة فى «الآنسة حنفى» جاءت كفيلم يتبنى الدفاع عن حقوق المرأة ويضع الرجل فى مكانها، كى يعايره بالكبت والانغلاق الذى يمارسه عليها، أما فى «السادة الرجال» فالفكرة واضحة: إذا تحول النساء إلى رجال فلابد أن يتحول الرجال إلى نساء، لأن المجتمع يحتاج كليهما، وفى مجتمع فاسد وغير ناضج كمجتمعنا، وقتها وحتى الآن، يتم اختصار المرأة فى جسد وعورة مما يجعلها تتمنى لو تصير رجلا، كى تلقن كل الرجال دروسا فى الرجولة.

فى «بنات العم» لا تجد هذا ولا ذاك ولا غير ذلك، وبالتالى فغياب الهدف الدرامى يجعلنا أمام محاولة حشد أكبر كم من الإفيهات الجنسية والإباحية، التى تتولد تلقائيا من مواقف لا علاقة لها ببعضها ولا يربطها بالسياق العام سوى اعتصار التيمة الساخرة، وهى تحول ثلاث فتيات إلى ثلاثة رجال بسبب لعنة أصابتهن بعد أن أغواهن الطمع ببيع قصر جدهن القديم.

لو أن الفيلم يتحدث عن مفهوم الطمع وانعكاساته السلبية بشكل من الفانتازيا الكوميدية ذات الطابع الكرتونى لكان قد اتخذ سياقاً مغايراً فى طبيعة إفيهاته ومواقفه، ولكن حتى هذه الفكرة السطحية البسيطة أهُملت تماما وكأننا أمام محاولة تقليد غير فنية لنوع الكوميديا المشهور بالسينما الأمريكية، وهو الكوميديا المقززة أو(stinky comedy)، التى تتمحور غالبا حول إفرازات الجسد من مخاط وعرق وبراز وخلافه وكذلك الأعضاء الحساسة والمؤخرة، وهو ما تجلى مثلا فى شخصية عزيز الهانش/ دوارد الملعون فى مؤخرته، مما يتسبب فى تضاعف حجمها، وهى إشارة طريفة ولكن أن تتحول مشاهده إلى استعراض المرحاض الخاص «أبو شطافتين» الذى كان يستعمله قبل أن تزول عنه اللعنة، أو مشهد ذكرياته مع ركوبه الدراجة التى دخل مقعدها كله فى مؤخرته وهو صغير فكلها تنتمى لهذا النوع من الإفيهات المقززة التى تحتاج إلى مشاهد خاص له مزاج متدنٍ كى يتعاطى معها.

أما عن الثلاثى المتحول فحدث ولا حرج، ففجأة وبدلا من أن تصبح أزمة البطلات هى كيف يمكن أن يعدن فتيات، كما كن نجد أزمتهن خلال ثلاثة أرباع الفيلم هى شراء الملابس الذكورية، أو محاولة كل منهن أن تمارس حياتها الأنثوية، حتى وهى رجل، فإحداهن تذهب لحبيبها بعد أن تقف لتراقبه وتتعبد فى حبه وهى فتى بشكل لا يضحك سوى أصحاب العقول الشاذة، وبدلا من أن تكون ذات صوت أنثوى فى هيئة شاب، نجد حتى الصوت الداخلى لشاب أيضا فى محاولة لاستفزاز ضحكات الناس على هذا المونولوج، الذى بدا مخنثا.

والثانية تذهب إلى زوجها بالشنب وشعر الصدر، لكى تقنعه بأنها زوجته وتريد أن تعود لفراش الزوجية من أجل أن تضع له مولوده، وفكرة أن إحداهن حامل هى فكرة جيدة، أما أن تعود للزوج ويحدث بينهما هذا التلاطف المنفر بين رجلين، فهو أمر يتجاوز الكوميديا إلى تدن ذوقى ونفسى، خاصة عندما يرتدى أحمد فهمى فى دور «شوق» هذا المنديل الأحمر والجلباب الحريمى المفتوح.

الفتاة الثالثة هى طامة كبرى، لأنها فى مشاهد قليلة جدا ودون أى مبرر درامى للتحول النفسى نجدها تنجذب إلى فتاة «مثلها» صحيح أنها على هيئة رجل «شيكو»، لكن نفسيتها وروحها أنثى ومعنى أن تنجذب إلى فتاة أخرى، أنها كانت تعانى من ميول «مثلية» ووجدت فى تحولها لرجل فرصة لممارستها، وإلا ما هو المبرر الدرامى لهذا القرار الذى اتخذته بأن تحب الفتاة، ثم تبقى دون ابنتى عمها على حالها كرجل، بينما تضع كل منهن توقيعها على العقد لإرجاع القصر الملعون.

هذا النوع من الأخطاء الدرامية التى تأخذ الشخصيات إلى منحى آخر ربما لا يقصده صناع الفيلم، سببه هو غياب المضمون والهدف، صحيح أن الفيلم ذهب بأبطاله الثلاثة إلى منطقة تشخيص جيدة، على مستوى التحول الشكلى والإبقاء على الروح الداخلية، ولكن الإصرار على اعتصار إفرازات التخنث والميوعة أفقد حتى التشخيص روحه المرحة.