على مدار سبع سنوات، وقعت الحكومة المصرية عددًا من اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعى، رغم تدني الاحتياطي المصري منه مقارنة باحتياطيات الدول الخليجية.
ووفقا للبيانات الرسمية، لا يتجاوز الاحتياطي المصري من الغاز 70 تريليون قدم، وهي الكمية التي لا تتجاوز 1% من الاحتياطي العالمي، وهو ما أدى بالعديد من الخبراء إلى التحذير من تصدير الغاز سواء لإسرائيل أو للدول الأوربية، مثل إيطاليا وإسبانيا أو للدول العربية مثل الأردن، لتخوفهم من نضوب الغاز ونقص الكميات المنتجة محليًا، بما لا يكفي لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، إضافة إلى تدني الأسعار التي يتم تصدير الغاز بها لإسرائيل، إلا أن التحذيرات لم تلق بالاً لدى الحكومة التي مضت قدما في عمليات التصدير.
في عام 2005، وقعت مصر اتفاقية تقضي بتصدير الغاز إلى إسرائيل، بكميات تصل إلي 1.7 مليار متر مكعب سنويا لمدة 15 عامًا، وبأسعار تتراوح بين 70 سنتًا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، في الوقت الذي تصل فيه التكلفة الفعلية للمليون وحدة 2.65 دولار.
الأمر لم يتوقف عند تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار تقل عن سعر التكلفة، فالاتفاقية منحت أيضاً شركة الغاز الإسرائيلية إعفاءً ضريبياً لمدة 3 سنوات، من عام 2005 إلى عام 2008، ما دفع بعض من خبراء البترول والنشطاء السياسيين للجوء إلي محكمة القضاء الإداري التي أصدرت حكمًا بوقف تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل، طعنت عليه الحكومة المصرية لدى المحكمة الإدارية العليا التي قضت بإلغاء الحكم.
اتفاقيتان إضافيتان لتصدير الغاز المصري، وقعتهما الحكومة المصرية مع نظيرتها الأردنية. الأولى وقعت عام 2004 وقضت بأن تصدر مصر 77 مليار متر مكعب سنويًا بسعر 1.27 دولار، والثانية تم توقيعها عام 2007 وتلزم مصر بتصدير 32 مليار متر مكعب من الغاز بسعر 3.6 دولار.
مؤخراً، وقعت الحكومة المصرية مع نظيرتها الأردنية اتفاقية لتعديل أسعار الغاز المصري الذي يتم تصديره للأردن، تسري على الكميات التعاقدية الأساسية وعلى الكميات الإضافية الخاضعة للاتفاقية.
ويرفع التعديل الجديد أسعار التصدير بأكثر من 200%، حيث يتجاوز متوسط سعر التصدير الـ5 دولارات للمليون وحدة حرارية، بالنسبة للكميات الأساسية، فيما يتخطى حاجز الـ8 دولارات للكميات الإضافية، كما يشمل الاتفاق مراجعة أسعار التصدير فى منتصف 2013 المقبل على أن تتم المراجعة بعد ذلك كل عامين بشكل دوري.
على المستوى الأوربي، وقعت الحكومة المصرية اتفاقية مع شركة «يونيون فينوسيا» الإسبانية، والتي بدأت استيراد الغاز المصري بسعر لم يتجاوز 75 سنتًا للمليون وحدة حرارية، تم رفعها بعد ذلك إلى 1.25 دولار، و في سبتمبر 2009 رفعت الهيئة العامة للبترول كميات الغاز المصدرة إلى إسبانيا، بفارق بلغ حوالى 30 مليار قدم مكعب.
وبلغت كمية الغاز التي حصلت عليها شركة «يونيون فينوسيا» فى عام 2008 - 2009 حوالي 103 مليارات قدم مكعب، بقيمة 308 ملايين دولار، بسعر 99. 2 دولار للمليون وحدة حرارية، في حين أن سعر التكلفة يبلغ حوالي 65.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
ووافق مجلس الشعب في عام 2002 على اتفاقية تصدير الغاز إلى كل من فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا، بناء علي الاتفاقية التي تمت بين مصر والدول الثلاث، والتي منحت شركة «بريتش جاز» الانجليزية حق امتياز البحث والاستكشاف والتنقيب عن الغاز والزيت الخام بمنطقة غرب الدلتا، وهي الاتفاقية التي خلت التعاقدات الخاصة بها، والتي تم عرضها على مجلس الشعب، من بيان أسعار التصدير،كما خلت من بيان تجديد أسعار التصدير، حيث ترك ذلك للتفاوض مع السوق المستورد.
ووافقت الحكومة علي تصدير الغاز لفرنسا وإيطاليا بسعر 2.20 دولار، إلا أن عدم قيام إيطاليا ببناء المصنع الذي يستقبل الغاز، أدى إلى تصدير نصيبها للولايات المتحدة مقابل 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية.
في عام 2001، وقعت مذكرة تفاهم بين «مصر» و«سوريا» و«لبنان» لتصدير فائض الغاز الطبيعى المصري وتسويقه، عبر خط الغاز العربي، وتم الاتفاق على تأسيس الشركة العربية لنقل وتسويق الغاز و«الهيئة العربية للغاز» للإشراف على نقل الغاز الطبيعى بين هذه البلدان، عن طريق إنشاء خط سعته 10 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
تم الاتفاق مع شركة «إيني» الايطالية لتنفيذ الخط، إلا أن الدراسات أظهرت وجود مشكلة فنية في التنفيذ ترتبط بشدة بعمق المياه بالمنطقة التي من المفترض أن يمر بها الخط في البحر المتوسط، وهو ما أجل المشروع برمته.
من جانبه أكد الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول وخبير النفط، أن تصدير الغاز المصري بهذه الأسعار يحمل الدولة خسائر ضخمة، مشيرًا إلى أن خسائر تصدير الغاز لإسرائيل والأردن فقط تصل إلى 28 مليون جنيه يوميًا.
ووصف أبو العلا الاتفاقية بين مصر وإسبانيا لتصدير الغاز، بأنها من «أسوأ» الاتفاقيات، مشيرًا إلى أنها كانت تتطلب إقامة مصنع لإسالة 14 تريليون متر مكعب من الغاز سنويًا وهو المشروع الموجود الآن فى منطقة «إدكو»، وتساهم فيه الحكومة المصرية بمبلغ 1.7 مليار دولار، حتي يمكن تصديره عبر الناقلات إلى إسبانيا ودول أوروبية أخرى، وأكد أن مشروع الإسالة هذا «لم يعد بأي جدوى اقتصادية علي الحكومة المصرية، فضلا عن الخسائر التي نتجت عن تدني سعر الغاز عن السعر العالمي».