في أجواء احتفالية، وقف وزير البترول المصري الأسبق سامح فهمي، في 30 يونيو 2005، مصافحا وزير البنية التحتية الإسرائيلي، بنيامين بن أليعازر، ليتبادل الوزيران بعد ذلك، اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل، عقب توقيعهما، بعد سنوات من المفاوضات.
بموجب الاتفاقية تلتزم مصر بتصدير قرابة ملياري متر مكعب من الغاز سنوياً إلى إسرائيل، ولمدة 15 عاماً، بأسعار هزيلة، يبلغ أقصاها دولار ونصف للمتر المكعب، وأدناها ما هو نصف هذا المبلغ.
قبل خمس سنوات فقط من توقيع الاتفاقية، أعلنت إسرائيل عن اكتشاف بئر غاز طبيعي، يصل احتياطي الغاز فيه إلى 32 مليار متر مكعب.
اكتشاف الغاز الطبيعي في فلسطين المحتلة يعود تاريخه إلى نصف قرن، بالتحديد في نهاية الخمسينيات، ولم يكن استخدام الغاز في ذلك الوقت متداخلا في مجالات مختلفة وهامة، مثل إنتاج الكهرباء، وقد يكون ذلك سبباً لتأخر الاكتشافات الكبيرة من الغاز، حيث لم يعلن عن اكتشاف بئر ضخم من الغاز، إلا بعد ذلك بأربعين عاماً، حين أعلنت شركتي «يم تيتيس»، و«نوفال إنريجي» عن اكتشاف بئر غاز طبيعي، قبالة شواطئ عسقلان، وهو البئر الذي كان يعد حتى هذا الوقت، البئر الأكبر في إسرائيل.
تواصلت عمليات التنقيب عن الغاز بعد هذا الاكتشاف، وبعد عام واحد فقط، تم اكتشاف عدة آبار، من بينها بئر «ماري»، الذي وصل الاحتياطي فيه إلى 32 مليار متر مكعب. وبعد أربع سنوات فقط، بدأ ضخ الغاز من البئر إلى شركة الكهرباء، لاستخدامه بدلاً من السولار، لينخفض مستوى احتياطي الغاز في البئر في عام 2010 إلى 10 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن ينتهي بنهاية العام الجاري، 2012.
في 2008 بدأ ضخ الغاز المصري لإسرائيل، واستمر رغم حكم محكمة القضاء الإداري، في نوفمبر من نفس العام، والقاضي بوقف التصدير.
بعد عام أو أقل قليلاً من وصول الغاز المصري إلى هناك، أعلنت إسرائيل في يناير 2009 عن اكتشاف 3 آبار جديدة تحتوي على كميات ضخمة من الغاز الطبيعي، وتم اكتشافها بواسطة شركات «أفنار»، و«دلق كيدوحيم» و«يسرامكو».
وعلى بعد 90 كيلو متر من شواطئ حيفا، وعلى عمق 1800 متر تحت سطح البحر، يقع بئر «تامار1»، أحد الآبار الثلاث، وأشارت التقديرات الأولى إلى احتوائه على كميات من الغاز تصل إلى 142 مليار متر مكعب، وفي عام 2011 قدروا كميات الغاز في البئر بحوالي 246 مليار متر مكعب.
وكانت وسائل إعلام هندية قد نشرت مؤخراً تقارير مفادها أن إسرائيل، التي تستورد الغاز المصري بأسعار زهيدة، قد طلبت من الهند أن تصدر لها غاز طبيعي «فائض عن حاجتها».
تقول وزارة المياه والطاقة الإسرائيلية على موقعها الإليكتروني إن «تامار1» من المتوقع أن يبدأ ضخ الغاز منه في 2013، ومن المتوقع أيضا أن يزود إسرائيل بحوالي من 50 إلى 80% من استهلاكها من الغاز.
إلى جانب «تامار1»، تم اكتشاف كميات أكبر من الغاز في بئر «يم تتيس»، وفي مارس 2009 تم اكتشاف بئر إضافي على بعد 60 كيلومتر من شاطئ الخضيرة. البئر الذي أطلقوا عليه اسم «دليت1»، تتراوح كمية الغاز فيه من 12 إلى 14 مليار متر مكعب.
برغم كل ما سبق، تصر إسرائيل على استيراد ملياري متر مكعب تقريبا من الغاز من مصر بشكل سنوي، بأسعاره الهزيلة التي التزم بها نظام مبارك في الاتفاقية، وتقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعرض أنبوب الغاز للتفجير، والأمر يجري تصويره دائماً على أنه المصدر الوحيد الذي يزود إسرائيل بالطاقة، وتفجيره معناه توقف الحياة هناك.
على الأرض، يختلف الأمر كثيراً، فإلى جانب حقول الغاز الضخمة التي تم اكتشافها على الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة، والتي أعلنت إسرائيل ملكيتها لها، معتمدة في ذلك على قوة السلاح، أعلنت في يونيو 2011 عن اكتشاف 453 مليار متر مكعب من الغاز في بئر «لفيتان»، بواسطة شركتي «كبتوتست دلق»، و«رتساف».
ويقول الموقع الرسمي لوزارة الطاقة والمياه الإسرائيلية، إن إسرائيل استهلكت في 2010 حوالي 5.3 مليار متر مكعب من الغاز، 60% منها، من شركة «يم تتيس»، و40% غاز مصري من شركة EMGالمصرية، ومن ناحية الاستخدام فإن حوالي 90% من استخدام الغاز كان لإنتاج الكهرباء.