ليس نظام الرئيس السورى بشار الأسد هو من يقف وحيدًا فى وجه الثورة الشعبية التى اندلعت قبل عام، لكن المعارضة السياسية المنقسمة على ذاتها، والتى يرى مراقبون ومعارضون أنها لا تمثل الشارع، والجيش المنشق المؤيد للثورة الذى لا يستطيع بحسابات القوة العسكرية إحداث تغيير حقيقى على الأرض، وهو ما يطرح أسئلة عامة متعلقة ببدائل نظام الأسد حال سقوطه.
وأبدى معارضون سوريون مخاوفهم من هذه البدائل، وقال علاء - وهو مهندس سورى من دمشق: «أنا فى أزمة حقيقية، ومضطر للاختيار بين نظام قمعى، ومعارضة لا وطنية رجعية متحالفة مع الخليج والغرب ولا تتبنى الخيارات الوطنية لمصلحة سوريا والوطن العربى».
وتتكون المعارضة السياسية فى سوريا من 3 اتجاهات أساسية، هى «المجلس الوطنى السورى» وهو أكثر أطياف المعارضة راديكالية ويشجّع الثورة المسلحة ولا يمانع فى التدخل الدولى، و«هيئة التنسيق الوطنى من أجل التغيير الديمقراطى»، وهى تتبنى مواقف راديكالية من النظام، لكنها ترفض تسليح الثورة والتدخل الخارجى، و«حزب الإرادة الشعبية» الذى لا يوجه نقدًا حادًا للنظام ويطالب بتغيير بنيوى فيه دون إسقاطه.
ورغم التنوع النظرى للمعارضة السورية فإنها عمليًا لا تؤثر فى الحراك الشعبى على الأرض. ويقتصر تأثيرها على الدور الذى يقوم به المجلس الوطنى فى حشد الإدانات الدولية لنظام الرئيس بشار الأسد وسحب شرعيته السياسية وتأسيس شرعية ما للمعارضة، وعلى الدور الذى قام به حزب الإرادة الشعبية الذى كان أمينه العام الدكتور قدرى جميل عضوًا فى لجنة صياغة الدستور السورى الجديد الذى أقر نهاية الشهر الماضى.
قال أحد الناشطين فى تنسيقية دوما لـ«المصرى اليوم» إن أيًا من تيارات المعارضة السياسية لا ينسق مع المتظاهرين، مضيفا: «نحن نتحرك فى الشارع ونتعرض للقمع وهم يحددون مواقفهم من ذلك. هذا قد يكون مفيدًا فى حشد المواقف الدولية ولكن فى الوقت نفسه هم لا وجود لهم فى الشارع».
واعتبر ناشط - رفض ذكر اسمه - أن «انقسام المعارضة أمر سيئ لكنه يعبّر بشكل ما عن الانقسام فى الشارع. وأن المتظاهرين ضد الأسد متحدون الآن لهدف إسقاطه. لكنهم فى الواقع منقسمون، فبعضهم يؤيد التدخل الدولى مثلاً وبعضهم يرفضه، وقال: «الحل يبدو صعبًا ومعقدًا، ولا يبدو أن هذا النظام سيسقط إلا بثورة مسلحة أو بتدخل دولى».
وقال ملازم فى الجيش السورى الحر لـ«المصرى اليوم» عبر الهاتف من تركيا - إن عدد الضباط والجنود المنشقين عن الجيش السورى بلغ نحو 30 ألفًا. وأكد أن مهمة هؤلاء حماية المدنيين والمظاهرات السلمية.
ويهرب المنشقون إلى قرى آمنة فى محيطهم الجغرافى، وبعضهم ينجح فى الفرار إلى جنوب تركيا حيث تقع قيادة الجيش السورى الحر. والهاربون فى الداخل لا ينضمون كلهم إلى الجيش الحر ما يهدد بفوضى سلاح واقتتال طائفى. وقالت صحفية سورية من مدينة حمص إن عدة حوادث طائفية بدأت باعتداءات من جنود سنة على مواطنين علويين. ويحيط الغموض بالشق العسكرى من المعارضة السورية، بدءًا من أهداف المؤسسة العسكرية المنشقة، مع تضارب تصريحات أعضائها من المهام الدفاعية بحماية المدنيين فقط إلى أخذ المبادرة الهجومية عبر قيادة الثورة المسلحة، انتهاء بهيكلتها وقياداتها المشتتة بين الجيش السورى الحر والمجلس العسكرى السورى الأعلى، مرورًا بتنسيقها مع المعارضة السياسية المنقسمة هى الأخرى على ذاتها.