«المجاملة» بين الموساد والاستخبارات البريطانية فى اغتيال المبحوح تثير أزمة فى لندن

كتب: أيمن حسونة السبت 20-02-2010 12:47

اشتعلت الساحة السياسية فى بريطانيا على وقع تصاعد الأزمة بين إسرائيل وفرنسا وأيرلندا وألمانيا على خلفية انتحال هويات لتلك الدول فى اغتيال محمود المبحوح، القيادى البارز فى حركة المقاومة الإسلامية حماس، فى دبى فى ١٩ يناير الماضى، وسط تقارير بأن لندن كانت تعلم مسبقا بالجريمة من جهاز الاستخبارات الإسرائيلى الموساد.

ولم يفلح استدعاء السفراء والدبلوماسيين الإسرائيليين فى الدول الـ٤ الأوروبية إلى وزارات الخارجية فى تقديم أى إيضاحات، حيث نفى الدبلوماسيون الإسرائيليون علمهم بأى معلومات عن اغتيال المبحوح. ورغم أن أياً من تلك الدول لم تتهم إسرائيل مباشرة بارتكاب الجريمة فإن التكهنات حول القتلة تركزت على جهاز الاستخبارات الإسرائيلى (الموساد) خاصة أن شرطة دبى أعلنت، أمس الأول، أنها ستعلن عن أدلة جديدة مؤكدة تثبت تورط الموساد فى الجريمة. ونفى مسؤول إسرائيلى الاتهامات التى وجهتها شرطة دبى إلى «الموساد»، وقال إن «دبى لم تقدم فى هذه القضية أى دليل ذا طابع اتهامى»، وتابع «حتى اليوم لا أحد يعرف ما الذى جرى. وليس هناك أى دليل على انه اغتيل. كل ما نراه هو أشرطة فيديو لأناس يتحدثون عبر الهاتف».

ورغم النفى الإسرائيلى ذكرت صحيفة الديلى ميل البريطانية فى عددها أمس الجمعة أن مصدراً موثوقاً به فى الموساد أخبر جهاز المخابرات البريطانية MI٦ بأن عملاء إسرائيليين زوروا جوازات سفر إسرائيلية لتنفيذ «عملية فى الخارج». ونقلت الصحيفة عن المصدر نفسه وهو عضو بالموساد قوله إنه تم إبلاغ مكتب الخارجية فى المخابرات البريطانية بعملية اغتيال القيادى فى حماس قبل ساعة من تنفيذها.

ونقلت الصحيفة البريطانية فى هذا السياق عن مسؤول فى الاستخبارات البريطانية والذى التقى عملاء الموساد قوله: «تم إبلاغ الحكومة البريطانية باختصار شديد قبل العملية بأن ما سيتم هو استخدام جوازات سفر بريطانية لعملاء إسرائيليين دون أن نعرف اسم الهدف. وأكد المصدر أن بريطانيا ليست متورطة فى عملية الاغتيال، وأنها لم تعلم حتى بالشخص المستهدف، كل ما علمته أن منفذى العملية سيحملون هويات سفر بريطانية. وأضاف أن إخطار جهاز المخابرات البريطانية بالعملية لم يكن طلباً بالسماح باستخدام جوازات السفر البريطانية بل نوع من اللياقة لجعل أجهزة الأمن تعلم بالوضع الذى قد ينفجر عقب الإعلان عن عملية الاغتيال.

واتهمت المعارضة فى لندن الحكومة البريطانية بالتعامل بأسلوب «لين» مع إسرائيل بشأن أزمة انتحال هوياتها فى اغتيال المبحوح، فيما طالبت أصوات سياسية بريطانية بطرد السفير الإسرائيلى وتوقيع عقوبات صارمة على إسرائيل، وضربوا مثالاً على ذلك بما قامت به المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، عام ١٩٨٧ حيث سارع عملاء الموساد إلى تنفيذ عملية لاختطاف خبير الذرة الإسرائيلى موردخاى فانونو الذى كشف تفاصيل البرنامج النووى الإسرائيلى لصحيفة الصنداى تايمز البريطانية، وقد أثارت العملية غضب رئيسة الوزراء البريطانية تاتشر، فأصدرت أمرا بتقييد نشاطات جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد».

وفى هذا السياق، قالت صحيفة الديلى تلجراف البريطانية أمس إن الحكومة البريطانية تتعرض لضغوط كى ترد على التأكيدات بأنها علمت بمسألة الجوازات منذ نهاية الشهر الماضى، وليس بعد إعلان دبى عنها. ونقلت التليجراف عن وليام هيج القيادى البارز فى المعارضة مطالبته الحكومة ببيان فى البرلمان حول «متى عرف رئيس الوزراء ووزير الخارجية بأمر جوازات السفر».

اغتيال المبحوح هو أشبه بالقصص البوليسية المعقدة التى فيها الكثير من المشتبه بهم يرغب فى القضاء على المبحوح. وأضافت الصحيفة ليس فقط فى الغرب الذى كان يريد القضاء على المبحوح فالكثير كان يرغب فى القضاء عليه للاشتباه فى تهريبه سلاحا إيرانيا إلى غزة بل حتى فى بعض البلدان العربية السنية التى تخشى من استفحال نفوذ إيران فى المنطقة تعتبر مشتبهاً بها، لكن المشتبه به الأكبر فى رأى الصحيفة هو الموساد.

واعتبرت الصحيفة إنكار الموساد هو من باب الحيطة والتكتم، فالخصم ــ إيران ــ بالغ الخطورة، حسب توصيف الصحيفة، كما أن الامتناع عن التبجح والتفاخر يفتح «للضحية» منفذا ينقذ به ماء الوجه، بإرسال التهديد بالانتقام والثأر.

وعلى الصعيد الفلسطينى، نفت حماس بشدة ما تداولته وسائل الإعلام بأن وراء جريمة اغتيال المبحوح أحد أعضاء الحركة ويدعى نهرو مسعود، معتبرة ذلك محض أكاذيب لصرف الأنظار عن مسؤولية الموساد. كما رفضت عائلة المبحوح اتهامها محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، فى الجريمة، مؤكدة أنها منذ اللحظة الأولى لعملية الاغتيال لم تتهم سوى الموساد، لأنه الوحيد الذى له مصلحة بالقتل.

أما فى دبى مسرح الجريمة فقد اعتبر خبراء أمنيون أن انفتاحها واستضافتها لمئات الآلاف من ٢٠٣ جنسيات يجعلها تعيش فى هاجس أمنى بشكل مستمر وهو ما ساهم فى كشف قتله بسرعة. وقال الخبراء «الانفتاح يقتضى وجود عملية أمنية ضخمة إلا أنها غير ظاهرة ولا يشعر بها غالبية الناس. قال رياض قهوجى مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكرى إن «الأمن فى دبى موضع قلق مستمر وهوس مستمر»، مشيرا إلى أنه «هوس إيجابى وليس جنونا».