ساعات قليلة ويتوجه الناخبون الروس إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين 5 مرشحين خاضوا منافسة ساخنة ضمن السباق على المقعد الرئاسي.
ويتنافس على المنصب الأول في البلاد رئيس الوزراء الحالي ومرشح حزب «روسيا الموحدة»، الحاكم فلاديمير بوتين، وزعيم الحزب الشيوعي جينادي زيوجانوف، وفلاديمير جيرينوفسكي، رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي، وزعيم حزب «روسيا العادلة»، سيرجي ميرونوف والمرشح المستقل والملياردير ميخائيل بروخوروف.
ويرى «سيرجي ميخييف»، مدير مركز الدراسات السياسية في موسكو، أنه لا توجد لأحد غير بوتين فرصة للفوز في الانتخابات، وأن السؤال يكمن فقط في هل سيفوز في الجولة الأولى أم الثانية، أما فاليري فيودوروف، مدير مركز دراسات الرأي العام في روسيا، فيعتبر أن زعيم الحزب الشيوعي زيوجانوف الذي يخوض للمرة الرابعة المنافسة على المقعد الرئاسي هو المنافس الأبرز والوحيد لبوتين.
ويعود صعود نجم بوتين وارتفاع شعبيته – بنظر مؤيديه - إلى سياسته في مكافحة الكساد الذي ضرب عهد الرئيس الراحل بوريس يلتسين، وتمكنه من تحقيق نمو في الناتج المحلي، وتراجع في معدلات البطالة والتضخم فضلا عن تسديد الديون الخارجية التي تجاوزت 50 مليار دولار، مما أعطى انتعاشا للاقتصاد الروسي جعله واحدا من أكبر الاقتصادات في العالم.
ومع ذلك شهدت كبرى المدن الروسية مؤخرا وعلى رأسها سان بيترسبيرج، مسقط رأس بوتين، مظاهرات معارضة لنهج حكومته، ووصلت الاحتجاجات ذروتها عندما اتهمت قوى المعارضة الحكومة بتزوير الانتخابات التشريعية، التي انتهت قبل بضعة أشهر، وبالسعي لتكرار الشيء نفسه خلال الانتخابات الرئاسية، وهو ما ردت عليه السلطة بتوجيه اتهامات لشخصيات وحركات سياسية واجتماعية بتلقي أموال ودعم إعلامي خارجي للتأثير على المزاج العام للمواطنين الروس.
ويشير «فاسيلي بافلوف»، المعيد في معهد موسكو للعلاقات الدولية، إلى أن جهات خارجية ساهمت بالفعل في الحملة ضد بوتين، على حد قوله، كونه ينتهج سياسة تعزيز قوة روسيا ولمنع تكرار تجربة بداية تسعينيات القرن الماضي، الذي شهد انهيارا اقتصاديا وتراجعا غير مسبوق في التأثير على مجرة السياسة الخارجية.
ويتابع بافلوف أن مراقبين أمريكان عبروا صراحة عن قناعتهم بأن بوتين يشكل خطرا حقيقيا على مصالح واشنطن ليس فقط في أوروبا الوسطى والشرقية، بل وفي أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط. ويذكر بافلوف، في هذا الصدد، بالصدمة الأمريكية من صفقة الأسلحة الروسية مع فنزويلا والتي تجاوزت قيمتها 9 مليارات دولار، واستخدام موسكو للفيتو مرتين خلال 4 أشهر ضد قرار ضد سوريا في مجلس الأمن والذي ما زالت تبعاته بادية حتى اليوم على علاقات موسكو مع الغرب، وخصوصا مع واشنطن.
وتتزايد أهمية انتخابات الرئاسة الروسية والنتائج التي ستتمخض عنها على الساحة الدولية، كونها تتزامن مع توتر شديد في العلاقات مع الغرب، وعلى ضوء تنامي مطالب داخلية باتخاذ النموذج السوفييتي في فلسفة «اللجم الاستراتيجي».
إلا أن «دميتري سوسلوف»، نائب مدير مركز الأبحاث الأوروبية والدولية، فيؤكد أن الولايات المتحدة لم تعد أساس النظام العالمي، بل إن عدة أقطاب بديلة للتأثير في السياسة الدولية بدأت في التبلور. ويشدد سوسلوف على أن مهمة روسيا هي أن تصبح أحد هذه الأقطاب من خلال تكاملها مع رابطة الدول المستقلة، كونها تعتبر- من وجهة نظره - الحليف الحقيقي لموسكو في ضوء الحقائق الدولية القائمة.
وتوقع سوسلوف أن تدخل العلاقات بين واشنطن وموسكو إذا فاز بوتين في الانتخابات نفق أزمة ثقيلة لم تشهدها منذ عام 1990، لاسيما على خلفية اتهاماته للخارج بالتدخل عن طريق التمويل الأجنبي للمعارضة، بهدف لجم سياساته وطموحه لإعادة روسيا إلى صدارة المشهد الدولي.