جدل كبير تشهده إسبانيا حاليًا حول مستقبل كرة القدم، في ظل ما يتردد عن سعى إقليم كاتالونيا مجددًا للانفصال عن إسبانيا.
وقبل عشرة أعوام، بدا إقليم كاتالونيا، في طريقه لتحقيق حكم ذاتي ناجح، ولو غير متجانس، بداخل إسبانيا، حيث عمل الإقليم الشمالي الشرقي الغني على نشر لغته ونظامه التعليمي وخدماته الصحية، واعترفت به جهات عديدة حول العالم بأنه نموذج ناجح للتعايش.
ولكن الموقف في كاتالونيا اختلف كلية خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب انهيار الاقتصاد الإسباني، مما أجبر الحكومة المركزية على محاولة تحصيل المزيد من الضرائب من المناطق الأغنى في البلاد، خاصة كاتالونيا.
وأدت هذه الأزمة إلى بعث فكرة الانفصال من جديد في كاتالونيا، والغريب أن هذا الأمر جاء متزامنًا مع سيطرة منتخب إسبانيا على كرة القدم العالمية بمنتخب غالبيته من لاعبي فريق برشلونة.
وفي يوم العيد القومي لكاتالونيا الذي وافق الثلاثاء الماضي، جاب مئات الآلاف من الأشخاص، ادعى منظمو الحدث أنهم بلغوا مليوني شخص، شوارع برشلونة مطالبين بالاستقلال عن إسبانيا.
وشارك ساندرو روسيل، رئيس نادي برشلونة، مع أسرته في هذه المسيرات، ولكنه كان سريعًا في التأكيد على مشاركته بصفته الفردية وليس بصفته رئيسًا لأشهر مؤسسة كاتالونية في العالم.
وشكا بعض جماهير برشلونة من أن ناديهم لم يعلن رسميًا تأييده لمسيرات الاستقلال، وإن كانت صحيفة «موندو ديبورتيفو»، نشرت نتائج استطلاع للرأي أجرته بموقعها على الإنترنت، وأظهر أن 78% من قراء الصحيفة يؤيدون موقف «روسيل»، من عدم الدفع ببرشلونة في هذه الحركة بشكل مباشر.
ولم يشارك أي من لاعبي برشلونة في هذه المسيرات، وربما يرجع ذلك إلى مشاركة غالبيتهم بالفعل في جولة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2014 مع منتخب إسبانيا يوم الثلاثاء.
وسعدت جماهير كاتالونيا المشاركة في المسيرات يوم الثلاثاء بتلقي رسالة دعم مصورة من مدرب برشلونة السابق بيب جوارديولا، الذي يعيش في نيويورك حاليًا، بعدما أنهى عهده التدريبي المذهل الممتد لأربعة أعوام مع برشلونة قبل أربعة أشهر.
ولاقى دعم «جوارديولا» لحركة الاستقلال الكاتالوني إشادة غالبية جماهير برشلونة، ولكنه في الوقت نفسه أثار انتقادات العديد من قطاعات الإعلام المدريدي، وخاصة صحيفتي «لا رازون» و«ماركا»، وفي الكثير من مدونات الجماهير وفي الإعلام الاجتماعي.
وأكد اللاعب السابق ألفونسو بيريز، الذي لعب إلى جوار جوارديولا في برشلونة ومنتخب إسبانيا أنه خاب ظنه في جوارديولا، بعد تأييده للاستقلال قبل أن يضيف «بدأت أشك فيما إذا كان جوارديولا حقًا سعيد بنجاح المنتخب الإسباني».
والطريف أن فيسينتي ديل بوسكي مدرب إسبانيا هب للدفاع عن جوارديولا، الخميس الماضي، عندما قال «للكاتالونيين الحق في طلب الاستقلال، فالحرية هي أن يكون لكل الناس الحق في تقرير مصيرهم».
وأكد «روسيل»، الأربعاء الماضي، إنه حتى في حالة الاستقلال سيبقى برشلونة بالدوري الإسباني «كما يلعب نادي موناكو مثلًا بالدوري الفرنسي».
لكن صحيفتا «موندو ديبورتيفو» و«آس»، أشارتا، الجمعة، إلى أنه وفقًا للوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، فإن برشلونة سيتعين عليه المنافسة في دوري كاتالوني جديد.
ولا تبدو فكرة أن ينافس برشلونة فرقًا كاتالونية مثل إسبانيول ولييدا وخيرونا بدلًا من منافسة ريال مدريد وفالنسيا وإشبيلية مقبولة لدى غالبية جماهير النادي.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته «آس» بموقعها على الإنترنت، أن 85% من القراء يفضلون عدم استمرار برشلونة في الدوري الإسباني، في حالة انفصال إقليم كاتالونيا.
ومما يزيد الوضع اشتعالًا إعلان برشلونة في الأسبوع الماضي أن القميص الثاني لفريقه سيحمل، وللمرة الأولى في تاريخه، الخطوط الحمراء والصفراء المميزة لعلم كاتالونيا.