لماذا يموت الرجال بسبب «كورونا» أكثر من النساء؟ (تقرير)

كتب: بوابة الاخبار الجمعة 27-03-2020 13:17

قال باحثون إن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تكون سببًا يفسر وفاة الرجال بسبب فيروس كورونا أكثر من النساء.

ولا تتعلق تلك الأسباب فقط بعلم الأحياء ولكن أيضًا بالسلوكيات القائمة على النوع الاجتماعي أي الطرق المختلفة التي يمارس بها الرجال والنساء حياتهم، والتي قد تؤدي دوراً في معدل الوفيات المختلفة لأمراض الجهاز التنفسي، مشيرين إلى أن التدخين، وشرب الكحول، وضعف الصحة العامة، ضمن بعض العوامل التي يمكن أن تفسر سبب وفاة الرجال بسبب فيروس كورونا أكثر من النساء.

وقال تقرير لـ(CNN)، اليوم الجمعة، إنه في دول مثل إيطاليا، يمثل الرجال حوالي 60٪ من الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس وأكثر من 70٪ من أولئك الذين لقوا حتفهم، وفقًا للمعهد الوطني للصحة في البلاد، وحتى في دول مثل كوريا الجنوبية، حيث نسبة النساء اللاتي ثبتت إصابتهم بالفيروس أعلى من نسبة الرجال، فإن هناك حوالي 54٪ من الوفيات المبلغ عنها بين الرجال، ولكن في الوقت الذي بدأ فيه مسؤولو الصحة في دراسة هذه الأرقام المدهشة، فإن الولايات المتحدة لا تنشر البيانات الأساسية على الصعيد الوطني التي تعتبر حاسمة لفهم من هم الأكثر عرضة للفيروس، وفقًا لتحليل CNN.

وقالت الدكتورة ديبورا بيركس، منسقة مجموعة العمل الخاصة بمكافحة فيروس كورونا بالبيت الأبيض، في مؤتمر صحفي الجمعة: «من إيطاليا نشهد اتجاهاً مثيراً للقلق. يبدو أن معدل وفيات الذكور يبلغ مرتين في كل فئة عمرية مقارنة بالإناث».

وفيما يتعلق بهذه البيانات عن إيطاليا، قالت بيركس في مقابلة مع CNN: «مجرد معرفة ذلك يساعدنا في الولايات المتحدة حتى نتمكن من تحديد حول من يجب حمايته وكيفية حمايته لدى التحدث مع الشعب الأمريكي».

وعندما طلبت CNN من المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها البيانات المقسمة حسب الجنس لحالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة والوفيات بسبب الفيروس، والمعروفة باسم البيانات المصنفة حسب الجنس، لم تستجب مراكز السيطرة على الأمراض.

ويمكن أن تساعد البيانات الشاملة حول أولئك الذين مرضوا في الإبلاغ عن استجابات أكثر فعالية للأزمة. لكن الباحثين في مجال الصحة العامة يقولون إنه عندما لا تقوم حكومات مثل الولايات المتحدة بجمع بياناتها أو عدم نشرها، فإنه من المستحيل على الخبراء اكتساب أي فهم دقيق لما يحدث.

البيانات مقسمة حسب الجنس

صورة ضوئية من البيانات

وبالتعاون مع Global Health 50/50، وهو معهد أبحاث يفحص عدم المساواة بين الجنسين في الصحة العالمية، قامت CNN بتحليل البيانات المتاحة للجمهور من 20 دولة، حيث كان أكبر عدد من الحالات المؤكدة لـ «Covid-19» خلال فترة جمع البيانات- 20 مارس.

وكان الهدف معرفة، لماذا يزيد عدد حالات الوفاة بين الرجال مقارنة بالنساء؟

ومن هذه الدول العشرين، قدمت 6 دول فقط بيانات مقسمة حسب الجنس لكل من حالات الإصابة المؤكدة والوفيات، وهي: الصين، وفرنسا، وألمانيا، وإيران، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية. وقدمت سبع دول أخرى هذه البيانات عن عدد الحالات المؤكدة فقط. ولم يمكن العثور على بيانات مصنفة بحسب الجنس بالنسبة للبلدان المتبقية. وتم تقديم البحث للنشر ولم تتم مراجعته بعد.

والبيانات ليست شاملة في جميع الحالات: على سبيل المثال، الأرقام في الصين تغطي فقط الفترة حتى نهاية فبراير. ولا توجد بيانات موثوقة عن نسبة الإختبارات التي تجرى للرجال في مقابل النساء في أي بلد. وعلاوة على ذلك، هناك بلا شك حالات إصابة بالفيروس لم تظهر في البيانات الوطنية.

ولكن في جميع البلدان التي تتوفر لدينا بيانات عنها- والتي تمتد إلى حوالي ربع سكان العالم، وجدنا أن احتمال وفاة الرجال أكثر بنسبة 50٪ من النساء بعد تشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

وبينما أن النتائج جزئية وغير مكتملة بالضرورة، إلا أن النتائج تسلط الضوء على ما كان خبراء الصحة العامة يحذرون منه، ويبرروا أن الأمر لا يتعلق فقط بعلم الأحياء ولكن أيضًا بالسلوكيات القائمة على النوع الاجتماعي أي الطرق المختلفة التي يمارس بها الرجال والنساء حياتهم، والتي قد تؤدي دوراً في معدل الوفيات المختلفة لأمراض الجهاز التنفسي.

وتميل الفيروسات التاجية مثل «السارس» و«MERS» (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) إلى التأثير على الرجال بشكل غير متناسب، وفقًا للدكتور لويس أوستروسكي-زيشنر، وهو اختصاصي الأمراض المعدية في كلية ماكجفرن للطب في جامعة «UTHealth» في تكساس.

وخلال الأوبئة السابقة، تم الإبلاغ عن أن نتائج الذكور السريرية أسوأ بسبب السارس في هونغ كونغ. كما كان لديهم خطر أعلى للوفاة من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، في دراسة أجريت في المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية.

ومن منظور تطوري، تشير بعض الأبحاث إلى أن النساء لديهم استجابة مناعية أقوى ضد العدوى الفيروسية من الرجال لأنهن يقضين جزءاً من حياتهن مع جسم غريب في الداخل، أي النسل، ما يمنحهن ميزة البقاء على قيد الحياة.

الحالات الموجودة مسبقا

وأظهرت التقارير الأولية للأشخاص الذين يعانون من مرض حاد جراء فيروس كورونا المستجد أنه من المحتمل أن يكون لديهم حالات صحية كامنة مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وأمراض الرئة المزمنة، وفقًا لـ Global Health 50/50.

وأوضح المعهد أن هذه الحالات تميل إلى أن تكون أكثر شيوعًا بين الرجال في الدول الست التي تم تحليلها وكذلك على مستوى العالم، ربما بسبب خيارات نمط الحياة الأكثر خطورة.

وقالت سارة هوكس، أستاذة الصحة العامة العالمية بكلية لندن الجامعية إنه «إذا كان فيروس كورونا المستجد، يتبع نفس النوع من الأنماط التي نراها عبر مجموعة من الأمراض الأخرى، فإن ما نعرفه هو أن الرجال يميلون إلى أن يكون لديهم طوال حياتهم مخاطر أكبر للتعرض للسلوكيات التي ستؤدي إلى نتائج صحية ضارة على المدى الطويل».

وأضافت: «لذا، في معظم البلدان، على سبيل المثال، ما نراه هو أن الرجال يدخنون التبغ، ويشربون الكحول بمعدلات أعلى بكثير من النساء».

التدخين مثال واضح على كيفية اختلاف هذا السلوك بين الرجال والنساء.

والصين لديها أكبر عدد من المدخنين في العالم، أي حوالي 316 مليون مدخن بالغ. ولكن بينما يدخن أكثر من 50٪ من الرجال الصينيين، فإن أقل من 3٪ من النساء يدّخن، وفقًا للمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وفي إيطاليا، يدخن 7 ملايين رجل مقابل 4.5 مليون امرأة، وفقًا لبيانات 2020 الصادرة عن المعهد الصحي الوطني.

وقد أظهرت دراسات أخرى أن الرجال الإيطاليين لديهم أيضًا معدلات أعلى لارتفاع ضغط الدم مقارنة بالإناث من نفس العمر، بينما يميل الرجال في الصين إلى المعاناة من ارتفاع ضغط الدم، وهم عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2.

ويقول الباحثون إن كل هذه العوامل تساهم في المضاعفات المحتملة إذا أصيبوا بفيروس كورونا المستجد.

ويُوضح باحثو Global Health 50/50، إن نقص البيانات حول عدد الرجال الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا الجديد على عكس النساء، يبدو وكأنه فرصة ضائعة للحكومات لتطبيق سياسات الصحة العامة التي تستهدف مجموعات معينة من الناس الذين هم أكثر عرضة للخطر من بقية السكان.