يعرف الرائد سالم حبوش نفسه بأنه الضابط الوحيد من إدلب الذي انشق عن الجيش النظامي السوري وانضم للثورة السورية.
والرائد حبوش عضو الفرقة ١٨ دبابات سابقًا، وعضو كتائب الدفاع عن إدلب حاليًا، وهو مطلوب من أغلب الأجهزة الأمنية السورية.
اختار حبوش، لاعتبارات أمنية، أحراش الزيتون في منطقة ما في محافظة إدلب، ليلتقي بها مع «بوابة المصري اليوم»، حاملاً بندقية كلاشينكوف ومسدس يتدلى تحت إبطه، يشير له بفخر «هذا مسدسي عندما كنت في الجيش السوري، انشققت وأخذته معي لأحمي به بني وطني كما عاهدت نفسي يوم التحقت بالجيش».
يتذكر بدايات الثورة، حين كان مازال يخدم في الجيش السوري، قائلاً «كنا ننزل إلى الحواجز معنا تعليمات بإطلاق النار على أي ضوء يتحرك ليلاً دون أي سابق إنذار، أما نهارًا فكنا نطلق النار حسب تعليمات الرتبة الأكبر على الحاجز».
ويضيف «كانوا يتركون لنا قرار إطلاق النار أو الاعتقال والتفتيش، ثم يتم إرسال المعتقلين إلى مراكز التحقيق التابعة للأجهزة الأمنية».
يتذكر سالم كيف كان الضباط يفتشون المارين على الحواجز «تفتيشًا مهينًا» يصل إلى حد تفتيش هواتفهم المحمولة، إذ يمكن أن يذهب المواطن إلى المعتقلات بسبب صورة صغيرة هاتفه المحمول، أو أغنية داعمة للثورة.
ويروي سالم كيف كانت جثث القتلى الذين يسقطون علي يد الجيش ترسل إلى المستشفى العسكري أو الوطني في المنطقة التي مات فيها، ويتم حجز الجثة عن الأهل حتى يكتبون إقرارًا يقولون فيه إن ابنهم توفي على يد «العصابات المسلحة».
سالم حبوش انشق عن الجيش النظامي في ١٧ ديسمبر الماضي «بعد أن فاض بي ما يفعله الجيش السوري بأبناء شعبه».
ويحكي سالم تفاصيل انشقاقه، حيث كان يخدم في منطقة القصير، وعندما قرر الانشقاق أمّن عناصر الجيش الحر خروج سالم من الحاجز الذي كان يخدم فيه، حيث هرب مستخدمًا إحدى آليات الجيش السوري ثم فجّرها لاحقًا ليظهر أنه مات.
ويقول حبوش «حمل السلاح مع الثوار يختلف تماما عن حمله في صفوف الجيش النظامي. فحين تحمل السلاح بين صفوف الجيش وضد أبناء شعبك فستشعر بأنك لا تستحق لقمة العيش التي تأكلها، ولكن عندما تحمل السلاح مع الثوار تعرف كيف تكون الحرية والكرامة، تعتز بحمل السلاح، صحيح أننا نشتبك مع عناصر الجيش الذين هم بالأساس سوريين مثلنا لكنهم إما مغيبين عن الحقيقة وهؤلاء أدعوهم للحاق بنا والانشقاق، أو مقتنعين بأفكار النظام ويدافعون عنه بالسلاح وهولاء أنا مضطر أن أعاديهم».
سالم رفض السفر خارج سوريا، أو الاكتفاء بالانشقاق فقط دون حمل السلاح ضد جيش الأسد. ويبرر ذلك بأن «العسكريين المنشقين يمثلون نحو ٤٠٪ من المعارضه المسلحة وهم الأمل الأكبر في انتصار الثورة بخبراتهم العسكرية. إذا انشققت وجلست في منزلي أو هربت إلى الخارج ماذا سأفعل؟ الثورة تحتاج إلى خبراتنا ومجهودنا».
يرفض سالم وصفه بالهارب قائلاً «أنا لست هاربًا بل أنا منشق عن جيش الأسد وأعمل الآن وسط الثوار من أجل إسقاط نظام الأسد».
سالم هو الضابط الوحيد بين عناصر الجيش الحر بمحافظة إدلب، وهو ما جعل منه مستشارًا عسكريًا لمختلف المجموعات والألوية التابعة للجيش الحر في المحافظة، فهو العقل المدبر لأغلب العمليات التي يقوم بها الجيش الحر في إدلب بما لديه من خبرة عسكرية وخبرة مع الجيش النظامي السوري.
ولا ينفي سالم صعوبة التعامل مع المدنيين في الأمور العسكرية، فأغلب أفراد الجيش الحر الآن من المدنيين، سواء أصحاب الحرف والوظائف أو الطلاب الذين تركوا صفوف الدراسة وانضموا جميعا للجيش الحر، وأغلبهم اكتسبوا خبراتهم العسكرية من المعارك التي خاضوها في الأشهر الماضية.
يري سالم أن الثورة السورية هي الثورة «الأغرب والأصعب» بين ثورات الربيع العربي. ويوضح «حصلت أغلب الثورات العربية على دعم خارجي كما حدث في ليبيا مثلًا، أو توحد الشعب كله على مطلب واحد كما حدث في مصر، إلا أن الوضع الطائفي والديموغرافي السوري وتضاد المصالح الطائفية ووقوف بعض الطوائف مع الأسد وضع الثورة السورية في وضع صعب».
كما يري حبوش أن الأمر الأصعب هو وقوف القوى الكبرى والدول العظمى ضد الثورة السورية، فيقول «أعتقد أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن ضد مشاريع القرارت الداعمة للثورة السورية فيتو روسي أمريكي في الحقيقة، ويتم بالتنسيق بين القوتين، فلا أحد يريد سقوط الأسد ولا أحد يريد زعزعة أمن إسرائيل»، معتبرًا أن الأسد هو صمام الأمان لإسرائيل في المنطقة.