أكد العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، الخميس، أن جيشه لن يتحول مطلقا إلى مليشيات مسلحة تعمل على نشر الفوضى والعنف في ربوع البلاد بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مدينا في الوقت نفسه مطالب إعادة هيكلة الجيش الحر وتأسيس الجيش الوطني السوري.
وقال «الأسعد»، في تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية، إن «الجيش السوري الحر جزء من الشعب السوري المعتدل بطبيعته والذي يرفض العنف والتطرف، لذا فإن الحديث عن تحولنا لميليشيات مسلحة متشددة أو غير ذلك أمر غير واقعي».
وأضاف: «نحن كقيادة نضمن ذلك بإذن الله معتمدين على الله عز وجل وعلى ثقتنا بالشعب السوري، سيكون الجيش الحر نواة لبناء جيش وطني يستوعب جميع أبناء سوريا دون استثناء أو تمييز».
واستنكر «الأسعد» حديث قيادات عسكرية عن إعادة هيكلة الجيش الحر وتأسيس ما يسمى «الجيش السوري الوطني» قائلا: «الجيش الحر مهيكل بالأساس، هؤلاء معنيون بتشكيل وهيكلة كيان آخر لهم هو ما أسموه الجيش الوطني ونحن لا نعرف معنى هذه التسمية وماذا تعني، وكأننا نحن غير وطنيين».
وقال: «هناك بالفعل كيان عسكري مهيكل موجود ويعمل بنجاح وهو الجيش الحر لذا كنا نتمنى أن يتعاون معه الجميع حرصا على وحدة الصف التي ننشدها ونحرص عليها بخلاف الآخرين».
وأوضح: «لم تتم دعوتنا في البداية لاجتماعات هؤلاء القادة ثم تدخلت بعض الشخصيات للتوسط وتمت دعوتنا ولكنهم للأسف، ومن البداية، كانوا لا يريدون الاستماع لوجهة نظرنا ولا حتى صوتنا واتخذوا قرارهم فيما بعد بمفردهم وفي ظل حضور أحد سفراء الدول الأوروبية، على هذا النحو الديكتاتوري».
يذكر أن أنباء ترددت عن توحيد صفوف «الجيش السوري الحر» وكتائبه في الداخل والخارج تحت لواء «الجيش الوطني السوري»، حيث أعرب اللواء محمد حسين الحاج علي، الذي عين قائدا عاما لهذا الجيش، عن ارتياحه لخطوة توحيد المعارضة السورية المسلحة في الداخل والخارج.
وقلل «الأسعد» من قيمة الكيان العسكري الجديد، قائلا: «تلك القيادات لا توجد لها سيطرة بالأساس على الكتائب التي يتشكل منها الجيش السوري الحر وهي القوات المقاتلة فعليا على الأرض».
وتابع: «يتبعنا أكثر من مائة لواء وكتيبة مسلحة وكلهم تحت السيطرة رغم إمكانية حدوث بعض الخروقات هنا أو هناك، فالعمل بشكل عام يسير بنجاح واستطعنا توجيه ضربات موجعة للنظام، لا نعرف من سينضم لهذا الجيش الوطني الجديد».
وفي معرض رده على سؤال حول وجود مجموعات من تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية داخل الأراضي السورية ومدى تنسيقها مع الجيش السوري الحر في القتال ضد القوات النظامية، قال «الأسعد»: «ممكن أن يكون هناك بعض الأفراد من تلك الجماعات والتنظيمات ولكنهم دخلوا بشكل فردي وشخصي وليس في صورة تجمعات كبيرة منظمة ولم يتم التنسيق معهم من قبلنا».
ورفض الأسعد اتهامات للجيش الحر بارتكاب جرائم حرب من «إعدامات فورية للأسرى أو التنكيل بهم» قائلا: «نحن نرفض هذه الأعمال ونؤمن بحقوق الإنسان ونحترمها وتوجهنا بالأساس ومن البداية هو الالتزام بالانضباط العسكري في سير العمليات وسلوك العناصر المقاتلة بالجيش الحر».
وقال «الأسعد»: «لكن بالطبع ممكن أن تقع بعض الخروقات، ففي زمن الثورات للأسف دائما ما تحدث بعض أعمال الفوضى أو بعض الأعمال الانتقامية، ولكننا نؤكد أنها خروقات فردية لا تعبر لا عن الجيش الحر ولا عن الشعب السوري، والآن يتم تبادل للأسرى بيننا وبين قوات النظام في العمليات الصغيرة، أي على نحو فردي».
ورفض «الأسعد» أن يكون إطلاق مسميات ذات دلالة إسلامية على أولوية وكتائب الجيش الحر معيارا للحكم على أن الأخير يتسم بصبغة دينية بحتة أو معادية لطائفة أو أكثر من مكونات الشعب السوري.
وقال «الأسعد»: «يضم الجيش الحر جنودا وضباطا سنة وشيعة ودروزا وأكرادا ونتمنى انضمام الجميع لنا لنسقط سويا تلك العصابة المجرمة المغتصبة للوطن».
وردا على سؤال حول وجود شبهات تدفق «مال سياسي» لبعض الكتائب التابعة له بتلقيها أموالا من دول عربية وإقليمية مجاورة وهو ما ينذر بالخطر من سيطرة تلك المجموعات علي الجيش الحر مستقبلا قال «الأسعد»: «قد يكون هذا حدث من قبل بعض الأفراد في بعض المناطق».
واستطرد «الأسعد»: «لكني أوكد أن ما يصلنا بقيادة الجيش الحر يوظف للعمل الوطني والسعي نحو الوحدة الوطنية حتى نتجنب مزيدا من المشاكل عقب سقوط نظام بشار الأسد».
وأوضح: «لا نزال نحتاج للدعم المالي، فما وصلنا حتى الآن قليل جدا ومصدره المساعدات الإنسانية التي تقدم للشعب السوري ، ولا صحة لتلقينا دعما لا من دول أوروبية أو عربية».
وأرجع «الأسعد» التطور في أداء الجيش السوري الحر في الآونة الأخيرة من حيث تكثيف الهجمات واختيار المواقع المستهدفة كالمطارات الحربية وحيازة أسلحة ثقيلة، لـ«خبرة أعضاء الجيش الحر أنفسهم وذلك لكونهم من الجنود والضباط المنشقين عن الجيش النظامي»، نافيا حصولهم على تدريبات في دولة مجاورة.
وتساءل في استغراب: «أين هي الدولة التي تطمئن لإقامة معسكر تدريب على أراضيها لغير أبنائها؟ وما حصلنا عليه من أسلحة ثقيلة كدبابات ورشاشات كان من نتائج استهدافنا لمواقع ومطارات عسكرية تابعة للنظام السوري ولا صحة لوجود أسلحة إسرائيلية أو غربية بحوزتنا كما يردد النظام عنا».
وقال «الأسعد»: «يضم الجيش الحر حوالي 60 ألف مقاتل يسيطرون تقريبا على ما يقرب من 70% من الأراضي السورية ولكننا لا نستطيع وصف تلك النسبة من الأراضي بأنها محررة نظرا لاستمرار سيطرة النظام على السماء وإمكانية قصفها تلك الأراضي».
وطالب «الأسعد» المعارضة السورية بتوحيد صفوفها والعمل على تشكيل حكومة انتقالية «لضمان سير الحياة بعد سقوط نظام الأسد».
ووصف مهمة الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة الجديد لسورية، بـ«الفاشلة» كغيرها من المبادرات «التي لا ينتج عنها سوى توفير فرص للنظام ليمارس مزيدا من القتل بحق الشعب السوري».