معركة شرسة تدور رحاها هذه الأيام بين الاتحاد العام للنقابات العمالية واتحاد النقابات المستقلة، بدأت بمناوشات خفيفة عقب تقدم الاتحاد العام للعمال للدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، بمبادرة بوقف جميع الاحتجاجات والإضرابات لمدة عام، وهو ما اعتبره الاتحاد المستقل «خيانة»، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى شن الاتحاد العام ورئيسه الدكتور أحمد عبدالظاهر هجوماً عنيفاً على النقابات المستقلة، واتهمها بتلقى تمويلات من جهات غير معلومة، واعتبرها نقابات غير شرعية وورقية. «المصرى اليوم» أجرت مواجهة بين كل من الدكتور أحمد عبدالظاهر، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وكمال أبوعيطة، رئيس اتحاد النقابات المستقلة حول حقيقة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين. وقال «أبوعيطة» إن «عبدالظاهر» يعمل لصالح «الإخوان» من أجل «أخونة» الاتحاد العام بهدف الحصول على منصب، ولفت إلى أن الاتحاد العام يجبر العمال على دفع الاشتراكات المالية. وفى المقابل، هاجم عبدالظاهر النقابات المستقلة ووصفها بأنها «وهمية» ولا توجد لها أرضية فى الشارع، وقال إن العمال رفضوا الاستجابة لدعوتها فى فبراير الماضى للعصيان المدنى. وإلى نص ما قاله أبو عيطة..
■ ما تفسيرك لهجوم اتحاد العمال على النقابات المستقلة؟
- لا يوجد تفسير سوى أن «عبدالظاهر»، عقد صفقة مع «الإخوان» ليلعب الدور نفسه الذى كان يلعبه حسين مجاور، رئيس الاتحاد الأسبق، بهدف السيطرة على الحركة العمالية لصالح السلطة، والشواهد كثيرة، فعبدالظاهر يعتبر نفسه رئيس اتحاد عمال مصر، بينما هو رئيس اللجنة الإدارية المكلفة بإدارة الاتحاد لحين إجراء انتخابات به، وعينه الدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق، ويريد الاستمرار فى منصبه، و«الإخوان» لا يريدون إصدار قانون الحريات النقابية، لرغبتهم فى ضمان السيطرة على الحركة العمالية، وكلا الطرفين يعلم جيداً أن الطرف الآخر قد يساعده فيما يصبو إليه، ومن هنا تأتى فكرة الصفقة وهجوم «عبدالظاهر» على النقابات المستقلة يقدم فروض الولاء والطاعة للإخوان، خاصة بعد إعلان النقابات المستقلة عن تدشينها لحملة ضد أخونة النقابات والجماعة تريد رأس حربة يوجهونه ضد النقابات المستقلة.
■ لماذا تعتقد أن «عبدالظاهر» يلعب هذا الدور؟
- «عبدالظاهر» ليس له تاريخ نقابى، فقد ترك العمل النقابى منذ ما يقرب من 20 عاماً وكان أحد قيادات الحزب الوطنى فى الجيزة، ولا يريد سوى الاستمرار فى منصبه عن طريق مغازلة السلطة بأى شكل، وهذا ما يفعله الآن، وسبق أن وجه جريدة العمال بالترويج للثورة المضادة، ثم قام بالتوجيه بنشر صور المشير طنطاوى فى صدر الصفحة الأولى لجريدة العمال، ثم شفيق، وأخيراً مرسى.
■ ما حقيقة الاتهامات بتلقيكم تمويلاً من الخارج وأن النقابات المستقلة مجرد كيانات ورقية؟
- «عبدالظاهر» يردد القول ونقيضه فى الوقت ذاته، فكيف نتلقى تمويلاً وفى الوقت ذاته لا توجد لدينا مقار لممارسة النشاط النقابى، صحيح أن بعض النقابات المستقلة، التى لم يمض على إنشائها سوى بضعة أشهر، ليس لها مقر، وتثبت عناوينها على مقر اتحاد النقابات المستقلة فى شارع قصر العينى بسبب ضعف مواردها المالية كوضع مؤقت، لكن هذا لا يعيب النقابات الجديدة على الإطلاق، فهى لم تحصل اشتراكات إجبارية باهظة، فى بعض الأحيان من العمال كما يفعل الاتحاد العام، الذى يصرف ملايين الجنيهات سنوياً على رفاهية قياداته وأعضاء مجلس إدارته، بينما العمال يعانون الأمرين.
■ ماذا عن التمويل الأجنبى؟
- بالطبع لم نتلق أى أموال من الخارج أو من الداخل من أى جهة كانت، وتمويل الاتحاد قائم على تبرعات واشتراكات الأعضاء فحسب، وإننى وجميع القائمين على الاتحاد مستعدون لتقديم إقرارات ذمة مالية تثبت حقيقة مواقفنا المالية، وأتحدى عبدالظاهر أن يتقدم بإقرار ذمته المالية، وعن الفساد فى الاتحاد العام حدث ولا حرج.
وأدعو الأجهزة الرقابية المالية لأداء دورها، وفضح أى مخالفات فى اتحاد النقابات المستقلة أو اتحاد العمال.
■ ماذا عن اتهامات الاتحاد العام بتحريضكم للعمال على الإضراب؟
- على الإطلاق، لم نحرض أياً من العمال على الإضراب، إنما نتضامن معهم فى مطالبهم المشروعة وندعوهم للتفاوض، وفى بعض الأحيان نتوسط بين الإدارة والعمال، وهذا هو الدور الحقيقى للنقابات، التفاوض مع أصحاب العمل والتعبير عن وجهة نظر العمال، لكن الاتحاد العام يريد أن تكون النقابات إحدى أدوات السلطة للسيطرة على العمال، وأداة لصاحب العمل فى قمع العمال، وسبب تفجر موجات الاحتجاجات العمالية خلال الفترة الأخيرة نتيجة عدم وجود نقابات لأنه لو كانت هناك نقابات لنجحت فى التفاوض مع صاحب العمل، وانتزاع الحقوق العمالية.
■ هل تقصد أن إطلاق الحرية النقابية سيقضى على ظاهرة الإضرابات والاعتصامات؟
- نعم فالعمال يلجأون للإضراب والاعتصام، بسبب عدم وجود كيانات نقابية تتفاوض مع صاحب العمل، ولا يعرفون طريقة لإيصال طلباتهم سوى الاحتجاج، بينما لو أطلقت الحريات النقابية لأصبحت هناك نقابات تتفاوض مع صاحب العمل دون احتجاج أو إضراب.
■ ماذا تقصد؟
- أقصد أن الجماعة كافحت من أجل إطلاق الحرية السياسية، وحق تكوين الأحزاب للجميع، والثورة جاءت لتطلق أعضاء الجماعة من السجون والمعتقلات ومنها إلى سدة الحكم، فلما الآن التخوف من إصدار قانون الحريات النقابية، والرغبة فى الهيمنة على النقابات العمالية، إلا إذا كانت الجماعة تريد العصف بالحريات العامة والخاصة فى وقت ما، أو لديها رغبة فى البقاء على النقابات بوضعها الحالى «ملاكى للنظام أو السلطة» فالعمال هم أصحاب المصلحة الحقيقية فى استكمال أهداف الثورة، ولم يخرج الناس فى 25 يناير للهتاف بحياة المرشد، إنما هتفوا ورددوا «تغيير ـ حرية ـ عدالة اجتماعية».
■ كيف ترى مستقبل قانون الحريات النقابية، لاسيما أن كل الإشارات لا تشير إلى إصداره، خلال وقت قريب، بل سوف تجرى الانتخابات النقابية وفقاً للقانون القديم؟
- ستتصدى النقابات المستقلة بكل حسم وحزم لرغبة وزير القوى العاملة، خالد الأزهرى، الذى ينتمى للجماعة حال إجراء الانتخابات وفق القانون القديم، الذى يؤسس لهيمنة النظام، وأتوقع معركة لا هوادة فيها بين النقابات المستقلة والنظام.