تباينت آراء عدد من القانونيين حول مسودة باب نظام الحكم فى الدستور الجديد، ما بين مؤيد لعدد من المواد ومعارض لمواد أخرى يجب أن تناقش، لكن الجميع رحب باستقلال القضاء، وإنهاء تأثير رئيس الجمهورية على منصب النائب العام، فيما رفض بعضهم تعيين أعضاء المجلس العسكرى فى مجلس الشيوخ مدى الحياة، واعتبروا هذا التعيين بمثابة «حصانة دائمة» لهم.
وانتقد الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى، المادة الخاصة باستقلال هيئة القضاء العسكرى، التى تختص دون غيرها بالفصل فى جميع الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة، وعدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، إلا فى الحالات التى يحددها القانون. وقال إنه لا يوافق على هذا النص، لأن به تغييراً «معيباً»، مؤكداً أهمية تحديد هذه القضايا، ونوه بأن هذا النص يمنح للمشرع رخصة تحديد حالات يحاكم فيها المدنيون أمام القضاء العسكرى.
واقترح «فرحات» نصاً بديلاً بعدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، إلا فى حالات الجرائم التى تقع داخل الوحدات العسكرية، أو تقع على المنشآت أو الممتلكات، أو الأفراد العسكريين، بسبب وظائفهم.
وبشأن المادة التى تخص المجالس النيابية الإدارية، والتى تختار من بين أعضائها رئيساً لها، ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بتعيينه لمدة أربع سنوات أو بلوغه سن التقاعد، قال: «النص الخاص بالمجالس النيابية وقضايا الدولة به نوع من التزيد، لأنه يجرى العمل فى الدساتير السابقة على ذلك».
وأضاف: «من الواضح أن الجمعية التأسيسية خضعت لضغوط ممثلى هذه الجهات فى إقرار نصوص خاصة بها».
ورحب «فرحات» بالمادة الخاصة «باختيار مجلس القضاء الأعلى النائب العام، ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بتعيينه لمدة أربع سنوات أو بلوغه سن التقاعد»، وقال إنها خطوة جيدة ومتقدمة، نحو تحقيق استقلال النائب العام، وإنهاء تأثير رئيس الجمهورية على اختيار من يشغل هذا المنصب من جانبه، قال الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، إن المادة الخاصة بمجلس الدولة فى مسودة الدستور الجديد هى طبق الأصل من دستور 1971، موضحاً أن هذه المادة تؤكد احترام القانون وإخضاع الأحكام له، وأن تكون الهيئة القضائية المستقلة هى الفصل فى المنازعات الإدارية.
وأضاف إن «الادعاءات التى طالب بها وزير العدل التى تختص بالقضاء الموحد (باطلة).
وأكد «بدوى» اتفاقه مع المادة التى تختص باختيار مجلس القضاء الأعلى النائب العام، ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بتعيينه لمدة أربع سنوات. وشدد على ضرورة ألا يخضع المدنيون إلى القضاء العسكرى، مهما كانت الأسباب.
وأشار «بدوى» إلى عدم جدوى المادة 108، التى تنص على تعيين الرئيس ونائب الرئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إبان ثورة 25 يناير، فور إحالتهم للتقاعد، أعضاء فى مجلس الشيوخ مدى الحياة.
وأشاد الدكتور يحيى الجمل، الفقيه الدستورى، بالمادة التى تخص المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وينظم القانون كيفية تشكيلها، والشروط الواجب توافرها فى أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم، واعتبرها جيدة، واستطرد: لكنها ليست جديدة، فهى موجودة فى دستور 71.
وقال الدكتور أنور رسلان، الفقيه الدستورى، إن وضع المواد فى الدستور الجديد سيختلف من حيث طبيعتها السياسية، وتساءل: «من سيقومون بوضع الدستور هل سيعملون على إعطاء الرئيس صلاحياته كاملة أم لا؟».
وأوضح «رسلان» أنه لا يوجد عضو برلمانى يشغل منصبه مدى الحياة، فى ظل نظام جمهورى، قائلاً: نحن فى مجتمع سياسى متعدد الخبرات، يرحب بالأفكار، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تعد فترة تجربة.
فيما رفض الدكتور عاطف البنا، الفقيه الدستورى، عضو الجمعية التأسيسية، الحديث فى هذا الشأن، قائلاً: «كيف أبدى رأيى فى مواد دستورية لم تخرج إلى النور بعد؟».