مضت حياة سيد قطب «1906-1966» فى مرحلتين: الأولى «النشاط الأدبى»، فنشر العديد من المقالات النقدية فى المجلات والصحف عن العقاد والرافعى وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، كما أصدر ديوان شعر «الشاطئ المجهول» عام 1935، وكتاب «طفل من القرية» عام 1946، وكتاب «النقد الأدبى أصوله ومناهجه» عام 1948. أما المرحلة الثانية فبدأت مع انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين فى عام 1952، التى وصل فيها إلى عضو فى مكتب الإرشاد، وهو من أوائل المنظرين لفكر السلفية الجهادية منذ ستينيات القرن العشرين، خاصة كتابه «معالم على الطريق».
لم يشترك قطب فى معركة رواية «أولاد حارتنا» الشهيرة، التى نشرت لأول مرة عام 1959 فى حلقات فى جريدة «الأهرام»، رغم أنه وقتها كان من رجال شورى جماعة الإخوان.
ثلاث مقالات كتبها سيد قطب، عن ثلاث روايات من أعمال نجيب محفوظ، نشرت جميعها فى مجلة «الرسالة»، كانت سببا رئيسيا فى شهرة محفوظ، الذى اعترف بفضل قطب عليه.
يميز المقالات الثلاث تأكيد «قطب» أهمية نجيب محفوظ كروائى لدرجة أنه قال عن رواية «كفاح طيبة»: «لو كان لى من الأمر شىء لجعلت هذه القصة فى يد كل فتى وكل فتاة، ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان، ولأقمت لصاحبها، الذى لا أعرفه، حفلة من حفلات التكريم التى لا عداد لها فى مصر». يبدأ «قطب» مقاله عن رواية «خان الخليلى» بفقرة تضع محفوظ فى مكانه الحقيقى بين الأدباء، نصها: «إنها خطوة حاسمة فى طريقنا إلى أدب قومى واضح السمات، متميز المعالم، ذى روح مصرية خالصة من تأثير الشوائب الأجنبية، مع انتفاعه بها فى الوقت الذى يؤدى فيه رسالته الإنسانية ويحمل الطابع الإنسانى العام ويساير نظاره فى الآداب الأخرى».
يكمل قطب رؤيته المهمة فى أدب محفوظ من خلال مقاله عن رواية «خــان الخليــلى» بقوله: «خطوة حاسمة فى طريقنا إلى أدب قومى واضح السمات، متميز المعالم، ذى روح مصرية خالصة من تأثير الشوائب الأجنبية - مع انتفاعه بهـا - نستطيع أن نقدمه - مع قوميته الخاصة - على المائدة العالمية. فلا يدغم فيها، ولا يفقد طابعه وعنوانه، فى الوقت الذى يؤدى رسالته الإنسانية، ويحمل الطابع الإنسانى العام، ويساير نظائره فى الآداب الأخرى، فمن واجب النقد إذن أن يسجل هذه الخطوة ويزكيها».