خالد مشعل في حواره لـ«المصري اليوم»: العلاقة مع القاهرة ليست في الحالة الطبيعية‏

كتب: اخبار الأربعاء 12-05-2010 06:02

الحوار مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية‎ «‎حماس» ينطوى على بعدين، الأول ‏موضوعى نظراً لأن حماس ليست فقط رقماً صعباً فى‎ ‎المعادلة الفلسطينية، بل يصنفها البعض ضمن محور ‏الممانعة الإقليمى الذى يضم سوريا‎ ‎وحزب الله وإيران، والبعد الثانى شخصى، لأنه خير من يكشف المستور فى ‏قضايا كثيرة‎ ‎تتعلق بالمصالحة الفلسطينية، واستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين‎ ‎والإسرائيليين، ‏بالإضافة إلى ملفات مهمة مثل العلاقة بين حماس والقاهرة، ملف الجندى‎ ‎الإسرائيلى الأسير جلعاد شاليط، وما ‏يقال عن الخلاف بين حماس الداخل والخارج،‎ ‎والحديث عن اتصالات بين حماس وإسرائيل‎. ‎

ورغم حجم المسؤوليات الجسام على أبوالوليد (خالد مشعل) ورغم قوائم‎ ‎الانتظار من الفضائيات العربية والدولية ‏وغيرها من الصحف العربية إلا أنه أعطى‎ ‎‏«المصرىاليوم» الكثير من وقته، وجاء هذا الحوار الذى دار فى ‏مكتبه بالعاصمة السورية‎ ‎دمشق‎: ‎

‎■ ‎كيف تنظرون لقرارات لجنة المبادرة العربية التى عقدت اجتماعها‎ ‎مؤخرا بالقاهرة، وما موقفكم من توجه ‏السلطة الفلسطينية لعقد مفاوضات غير مباشرة مع‎ ‎إسرائيل، وما حقيقة الضمانات التى أعطتها الإدارة الأمريكية ‏للسلطة الفلسطينية؟

‎- ‎من يراقب الموقف العربى أو الفلسطينى الرسمى فى إدارتهم للمفاوضات‎ ‎مع العدو الصهيونى يلحظ للأسف ‏اضطراباً وارتباكاً ومراوحة فى ذات المربع، بل‎ ‎تراجعاً عن مواقف سابقة، فلجنة المبادرة ذاتها قبل شهر ‏وتحديداً قبل القمة العربية‎ ‎ربطت بين العودة للمفاوضات وتجميد الاستيطان، وقمة سرت أكدت ذلك بقرار عربى، ‏واليوم‎ ‎لجنة المبادرة العربية فى اجتماعها الأخير فى القاهرة تتراجع عن ذلك، وبالتالى‎ ‎تتراجع عن شرط تجميد ‏الاستيطان، وهذا يضعف الموقف العربى والفلسطينى ويغرى إسرائيل‎ ‎بالمزيد من التشدد والإمعان ‏فىالاستيطان، وتجاهل المطالب الفلسطينية والعربية. أما‎ ‎بالنسبة لموضوع الضمانات فلا ضمانات أمريكية، ولا ‏وجود لضمانات مكتوبة، والحديث عن‎ ‎ضمانات شفوية إن وُجدت لا قيمة لها خاصة إذا كانت هذه الضمانات ‏معطاة لأى طرف عربى‎ ‎أو فلسطينى، فالضمانات الأمريكية للإسرائيليين دائماً تُحترم، لكن عندما تُعطى‎ ‎للعرب ‏وللفلسطينيين فلا احترام لها مطلقاً، ونتنياهو يقرأ فى هذا السلوك الفلسطينى‎ ‎والعربى أنه معبر عن ضعف، ‏وبالتالى هذا يغريه بالتشدد، ونتنياهو يشعر عملياً أنه‎ ‎أتى بالموقف العربى والفلسطينى إلى مربعه، هذا من حيث ‏الشكل، وبالطبع هو شكل مهزوز،‎ ‎أما من حيث المضمون فأعتقد أن الحديث عن مفاوضات تقريبية أو مباشرة أو ‏غير مباشرة‎ ‎فى ظل اختلال موازين القوى وفى ظل افتقار المفاوض الفلسطينى لأوراق قوة حقيقية يضغط‎ ‎بها ‏على الطرف الإسرائيلى يجعل هذه المفاوضات تتحول إلى عملية عبثية، وإلى استنزاف‎ ‎للموقف الفلسطينى، وإلى ‏عملية استجداء وتتحول مع الزمن إلى غطاء يستفيد منه الطرف‎ ‎الإسرائيلى لتحسين صورته أمام المجتمع ‏الدولى، وفك أزمته الدولية. لذلك نحن ضد‎ ‎العودة للمفاوضات مع الصهاينة ونعتقد أن قرار لجنة المبادرة العربية ‏قرار خاطئ وسوف‎ ‎يدفع الإسرائيليين لمزيد من التشدد، وهذا المسار من المفاوضات مصيره الفشل وسيصل‎ ‎لطريق مسدود، والأفضل من إضاعة الجهد فى هذه الخطوات التكتيكية المعبرة عن العجز هو‎ ‎أن نبحث عن ‏أوراق قوة حقيقية بأيدينا كفلسطينيين وعرب، لنواجه بها الموقف‎ ‎الإسرائيلى والسلوك العدوانى الإسرائيلى سواء ‏كان عدواناً على الأرض أو بالاستيطان‎ ‎أو بتهويد القدس أو بغيرها من الممارسات الإسرائيلية‎.‎

‎■ ‎ما أوراق الضغط التى من الممكن أن يضغط بها المفاوض الفلسطينى على‎ ‎إسرائيل، وعلى الإدارة الأمريكية ‏وعلى المجتمع الدولى، وما أوراق الضغط التى‎ ‎يمتلكها العرب؟

‎- ‎القانون الإنسانى والتاريخى، إن كل من أراد أن يخوض حرباً عليه أن‎ ‎يوفر من عوامل القوة والحشد والإعداد ‏ما يلزمه، كذلك على من أراد أن يخوض عملية‎ ‎سلام أو عملية تفاوض عليه أيضاً أن يعد أوراق القوة التى ‏يستطيع أن يضغط بها، وهناك‎ ‎مثال واضح فى التجربة المصرية، وهى أن مصر ما كانت تستطيع خوض عملية ‏تفاوضية تستعيد‎ ‎بها سيناء بعد هزيمة 1967، ولكنها استطاعت ذلك بعد معركة 1973 لأن هذه المعركة‏‎ ‎أوجدت ‏مناخاً مختلفاً، وأعطت مصر أوراق قوة تستطيع أن توظفها فى أى حراك سياسى، لكن‎ ‎الموقف العربى أو ‏الفلسطينى الآن بلا أى أوراق قوة، خاصة الموقف الفلسطينى الرسمى،‎ ‎نعم هناك أوراق نستطيع بها كفلسطينيين ‏أن نضغط على إسرائيل، أولها توحيد الصف‎ ‎الفلسطينى وإنجاز المصالحة، والاتفاق على برنامج سياسى وطنى ‏يؤكد الحقوق والثوابت‎ ‎الوطنية، وتفعيل المقاومة ضد الاحتلال خاصة فى الضفة الغربية، وحشد جهود الشعب‎ ‎الفلسطينى فى الداخل والخارج لمواجهة الاحتلال ولإنجاز المشروع الوطنى وحق تقرير‎ ‎المصير، ناهيك عن ‏أوراق القوة العربية الأخرى التى تستطيع الأمة حشدها لتعطى رسالة‎ ‎قوية للمجتمع الدولى أنه بدون الاستجابة ‏للمطالب الفلسطينية والعربية فلن يكون هناك‎ ‎سلام، ولن يكون هناك استقرار فى المنطقة، لكن الوضع الراهن ‏يجعل موقفنا منكشفاً بلا‎ ‎أى غطاء، وباختصار نتنياهو اليوم لا يشعر أنه مجبر أو مضطر أن يتصالح أو أن يقدم‎ ‎لنا تنازلات على طاولة المفاوضات لأنه يعلم أن المفاوض الفلسطينى منكشف وبلا أوراق‎ ‎قوة، لذلك فالخيار ‏المنطقى لنا هو أن نستعيد أوراق القوة هذه، أما الواقع الموجود‏‎ ‎الآن للأسف فهو أن المفاوض الفلسطينى فى ‏الضفة الغربية يدمر أوراق قوته بنفسه، فهو‎ ‎يُنسق أمنياً مع العدو الصهيونى تنسيقاً مجانياً، ويلاحق المقاومة، ‏ويقول صراحة لا‎ ‎مقاومة ولا انتفاضة جديدة فى فلسطين، ويمنع أهل الضفة الغربية من التحرك لمواجهة ما‎ ‎يحدث من تهويد للقدس أو لغيرها من القضايا، لذلك فالمفاوض الفلسطينى يُضعف نفسه‎ ‎ويوفر واقعاً على ‏الأرض لصالح المفاوض الإسرائيلى، فكيف نتوقع بعد كل هذا أن تنجح‎ ‎المفاوضات فى إنجاز ما نريد؟‎!‎

‎■ ‎حماس حملت مصر مسؤولية مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين بالغاز‎ ‎السام على حدود قطاع غزة، فهل ‏هذا دليل على توتر جديد يحدث بين القاهرة وحماس؟

‎- ‎فيما يتعلق بحادثة النفق فهى بصراحة حادثة مؤلمة جداً ومؤسفة جداً،‎ ‎خاصة ما يتعلق باستخدام مثل هذه ‏الغازات السامة بشهادة الأطباء وتسفر عن مقتل أربعة‎ ‎وإصابة ثمانية، والصور كانت واضحة وأظهرت آثار ‏الخنق التى أصابت الضحايا، وهذا شىء‎ ‎مؤسف جداً، وما كنا نتمنى أن يحدث هذا من الشقيقة الكبرى، خاصة ‏من دولة بوزن مصر،‎ ‎لأن هذه الأنفاق تمثل للفلسطينيين شرياناً للحياة فى ظل إغلاق المعابر والحصار‎ ‎الظالم ‏المستمر منذ أربع سنوات على قطاع غزة، فحتى هذه الأنفاق التى اضطررنا إليها‎ ‎اضطراراً فى ظل هذا ‏الحصار أصبحت بهذه الأعمال شريان موت للشعب الفلسطينى بدلاً من‎ ‎أن تكون شريان حياة، وهذا أمر لا يجوز ‏ولا يصح‎.‎

‎■ ‎هناك من يرى أن العلاقة بين مصر وحماس أصبحت الآن فى أسوأ حالاتها،‎ ‎فهل تتفق مع هذا التوصيف، ‏خاصة مع وجود تصعيد إعلامى بين مصر وحماس هذه الأيام؟

‎- ‎أنا لا أقول هذا الوصف، ولكن أقول إن العلاقة مع الشقيقة الكبرى‎ ‎مصر ليست فىالحالة الطبيعية، فمصر تمثل ‏لفلسطين ولغزة بشكل خاص الشقيقة الكبرى‎ ‎وكذلك هى الجار، وبالتالى الأصل أن تكون العلاقة على غير الواقع ‏الراهن‎.‎

‎■ ‎تحدث البعض عن اتصالات بين قيادات حماس ومسؤولين مصريين، فأين وصلت‎ ‎هذه الاتصالات، وهل هناك ‏من جديد فى هذه الاتصالات؟

‎- ‎بالمعنى السياسى فللأسف ليس هناك اتصال حقيقى وهذا وضع غير طبيعى،‎ ‎وحماس أعلنت ولا تزال عن ‏حرصها على علاقات قوية مع عمقنا العربى والإسلامى، خاصة مع‏‎ ‎الشقيقة الكبرى مصر، وهذا هو الوضع ‏الطبيعى أن تكون العلاقة قوية ومتميزة، لأنه فى‎ ‎النهاية الصراع مع إسرائيل ليس صراعاً فلسطينياً فحسب، بل ‏هو صراع عربى فىالمقام‎ ‎الأول والجميع معنى به والخطر الصهيونى يستهدفنا جميعاً، وبالتالى إضافة ‏لمتطلبات‎ ‎العلاقة الأخوية باعتبارنا أمة واحدة فإن الصراع يقتضىأن تكون العلاقة العربية‎ ‎العربية، والعربية - ‏الفلسطينية فىأفضل حالاتها‎.‎

‎■ ‎هل هناك حلحلة فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، خاصة أن القمة‎ ‎العربية والتى عول عليها الكثيرون انتهت ‏دون تحقيق المصالحة؟

‎- ‎لا يوجد جديد فىالوقت الحاضر، صحيح أنه كانت هناك جهود بذلت من بعض‎ ‎الأطراف العربية قبيل قمة ‏سرت بما فيها الإخوة فى ليبيا، ولكن للأسف انتهت القمة‎ ‎دون أن يكون هناك أى تطور إيجابى فيما يتعلق ‏بالمصالحة الفلسطينية، ولكن واضح أن‎ ‎العلة التى تعطل هذه المصالحة هى العلة السياسية، وذلك لأن الإدارة ‏الأمريكية تضع‎ ‎شروطاً على المصالحة، بل تضع عليها فيتو وترهن المصالحة بخضوع حماس لشروط الرباعية‎ ‎وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل، ولدينا معلومات مؤكدة تثبت ذلك، وأصبح الأمر واضحاً‎ ‎للجميع‎.‎

‎■ ‎هناك من يقترح بروتوكول إضافى للورقة المصرية تضمن ملاحظات حماس‎ ‎للخروج من هذا النفق المظلم، ‏فهل توافقون على هذا المقترح إذا ما عرضته القاهرة‎ ‎بصفة رسمية؟

‎- ‎جزء من التحرك العربى والذى سبق قمة سرت كان مستنداً إلى هذه‎ ‎الفكرة، وهى أن توضع ملاحظاتنا ‏وتعديلاتنا على الورقة، خاصة أننا ركزنا على‎ ‎التعديلات الأساسية والجوهرية بحيث ترفق هذه التعديلات بورقة ‏المصالحة الأساسية‎ ‎وتصبح جزءاً لا يتجزأ منها، ومن ثم يجرى التوقيع على الورقة من قبل جميع الأطراف‎ ‎الفلسطينية المعنية، فى ظل الراعى المصرى وحضور الأطراف العربية التى تحركت فى هذه‎ ‎الفكرة‎.‎

‎■ ‎هل من الممكن معرفة من هذه الأطراف العربية التى كان لها حراك وجهد‎ ‎لتحقيق هذه المصالحة ولتقريب ‏وجهات النظر؟

‎- ‎كان هناك تحرك من قطر وسوريا وعُمان ومن الإخوة فى ليبيا باعتبارهم‎ ‎الدولة المستضيفة للقمة الأخيرة، ‏وكذلك من الإخوة فىالسعودية ناهيك عن التحرك‎ ‎التركى مع الشقيقة مصر فى نفس الاتجاه‎.‎

‎■ ‎هل كان للجولات العربية التى قمتم بها فرصة لمناقشة هذه الملاحظات‎ ‎فيما يتعلق بالورقة المصرية؟

‎- ‎فى جولاتنا العربية حرصنا أن نعرض على الزعماء والسادة المسؤولين‎ ‎العرب حقيقة الإشكالية فىالمصالحة ‏الفلسطينية ووجدنا تفهماً لذلك، ومن ثم نشأت مثل‎ ‎هذه الأفكار لمحاولة ردم الهوة و إيجاد مخرج مناسب للجميع ‏للوصول لمصالحة حقيقية‎ ‎برعاية مصرية وبهذا التشجيع العربى‎.‎

‎■ ‎البعض يقول إن العمر الافتراضى للورقة المصرية انتهى، فهل تبحثون‎ ‎عن إطار جديد للمصالحة بعيدا عن ‏هذه الورقة؟

‎- ‎نحن لا نبحث عن راع جديد للمصالحة ولا عن أوراق أخرى للمصالحة، وما‎ ‎نبحث عنه هو إجراء التعديلات ‏اللازمة على ورقة المصالحة لتنسجم وتتطابق مع الأوراق‎ ‎التفصيلية التى توافقنا عليها طوال جولات الحوار ‏فىالقاهرة، وهذا مطلب عادل ومنطقى‎ ‎سبق أن أوضحناه مراراً، وهذا ما نسعى إليه، نحن نريد مصالحة تعبر ‏بدقة عن حقيقة‎ ‎تفاهماتنا طوال عام 2009 التى شهدت فيها جولات الحوار فىالقاهرة‏‎.‎

‎■ ‎أين وصلت المبادرة القطرية للمصالحة الفلسطينية وهل كانت بديلا‎ ‎للمبادرة المصرية والتى حكم عليها بالفشل ‏كما يعتقد البعض؟

‎- ‎المبادرة القطرية هى جزء من هذا الحراك العربى وكانت تستند إلى‏‎ ‎فكرة أن نضع تعديلاتنا ومقترحاتنا ثم ‏تُلحق بورقة المصالحة ويجرى التوقيع عليها‎ ‎معاً من جميع الأطراف الفلسطينية، ولكن للأسف وصلت أيضاً ‏لطريق مسدود، لأنها اصطدمت‎ ‎بالعقبة السياسية وهى وجود فيتو أمريكى يضع شروطاً سياسية لتحقيق ‏المصالحة‎ ‎الفلسطينية‎.‎

‎■ ‎هناك من يعتقد أن ما دفعكم للتراجع عن المصالحة الفلسطينية بعد‏‎ ‎زيارتكم للقاهرة فى سبتمبر الماضى هو ‏ضغوط سورية - إيرانية، وبالتالى يرى البعض أن‎ ‎التقارب المصرى - السورى قد يكون له انعكاس إيجابى على ‏المصالحة الفلسطينية، فهل‎ ‎هناك ما يؤكد هذا الاعتقاد على أرض الواقع بالنسبة لحماس؟

‎- ‎باختصار أقول إنه من العيب أن نقيم خطواتنا ومواقفنا بهذه الطريقة،‎ ‎وكأن المواقف السياسية هكذا تُرهن ‏لصالح طرف هنا أو هناك، ومن تعامل مع حماس طوال‎ ‎السنوات الماضية يدرك أن قرارها بيد قيادتها وليس بيد ‏أحد على الإطلاق، وإلا أين‎ ‎كان التأثير الإقليمى حينما وقعنا اتفاق القاهرة 2005، وأين كان هذا التأثير حينما‎ ‎وقعنا اتفاق مكة 2007، ويوم أن وقعنا وثيقة الوفاق الوطنى 2006، وأين كان هذا‎ ‎التأثير حينما عقدنا أكثر من ‏اتفاق فىالقاهرة لوقف إطلاق النار والتهدئة مع العدو‎ ‎الصهيونى وآخرها كان بعد الحرب الظالمة على غزة، هذا ‏منطق مردود عليه ولا يستحق أن‎ ‎نتوقف عنده، أنا حينما زرت القاهرة فى سبتمبر الماضى بادرت وإخوانى فى ‏الوفد إلى‎ ‎عقد مؤتمر صحفى فى الثامن والعشرين من ذلك الشهر، وبشرنا فيه شعبنا والأمة بأن‎ ‎المصالحة ستنعقد ‏فى شهر أكتوبر فى القاهرة، وهذا سلوك لا يفعله من كان قراره بيد‎ ‎غيره!! ولكن للأسف التغيير المفاجئ ‏فىالورقة والاشتراطات السياسية الأمريكية هو‎ ‎الذى عطل المصالحة حتى هذه اللحظة. ولذلك فالحديث عن ‏تقارب مصرى - سورى هو أمر‎ ‎نتمناه ونتطلع أن تكون العلاقة السورية - المصرية فى أحسن حالاتها وكذلك ‏العلاقات‎ ‎العربية، لأن هذا أمر يدعم القضية الفلسطينية، ولكن موقف حماس من المصالحة ليس‎ ‎مرتبطاً بتحسن ‏العلاقات العربية أو عدم تحسنها، فقرارنا ذاتى، وهو أننا نريد‎ ‎المصالحة، وللعلم فالإخوة فى سوريا من أحرص ‏الدول العربية على تحقيق هذه المصالحة‎ ‎خلافا لما يتهمها البعض به، وهو اتهام مناقض للحقيقة، ولكن البعض ‏يستسهل إلقاء‎ ‎التهم على سوريا وإيران، بينما اللوم الحقيقى هو على الفيتو الأمريكى، وعلى ما حدده‎ ‎ميتشل ‏للأطراف العربية المعنية، وهو إذا تحققت المصالحة دون أن تقبل حماس شروط‎ «‎الرباعية»، فإن الإدارة ‏الأمريكية ستقطع مساعداتها المالية عن السلطة الفلسطينية،‎ ‎وهذه هىالحقيقة. واليوم بات واضحاً أن الأولوية عند ‏الأمريكان، وعند أطراف أخرى‎ ‎ليست المصالحة الفلسطينية، ولكن الأولوية هى استئناف المفاوضات الفلسطينية‎ ‎‎- ‎الإسرائيلية بأى صورة وبأى ثمن، لأنهم يعتقدون أن المصالحة الفلسطينية عبء على‎ ‎المفاوضات، فالمفاوض ‏الفلسطينى فى ظل الانقسام ضعيف، ويسهل الضغط عليه خاصة فى ظل‎ ‎تشدد نتنياهو، وبالتالى محدودية ‏الهامش، الذى تتحرك به إدارة أوباما فى إطلاق عملية‎ ‎التسوية‎.‎

‎■ ‎ما حقيقة الحديث عن صفقة شاملة للمصالحة الفلسطينية وعن فتح‎ ‎المعابر، وصفقة شاليط، واستئناف ‏المفاوضات للخروج من هذه الأزمة الراهنة هل حماس‎ ‎تقبل بهذه الرزمة الكاملة؟

‎- ‎لم أسمع بهذه الأطروحات‎. ‎

‎■ ‎هذا هو الطرح العربى؟

‎- ‎نحن باختصار نريد معالجة كل الملفات دون أن يخلط بعضها ببعض، بمعنى‎ ‎أننا نريد فك الحصار عن غزة، ‏ونريد إتمام صفقة تبادل الأسرى، ونريد إنجاز‎ ‎المصالحة‎.‎

‎■ ‎وهناك أيضا استئناف المفاوضات لابد أن تقبلوا بالرزمة كاملة؟

‎- ‎تحدثنا منذ قليل عن المفاوضات، وهى كما قلت لك عبثية، ولن تصل‎ ‎لنتيجة، لأن المفاوضات الفلسطينية كما ‏نصت وثيقة الوفاق الوطنى 2006 ينبغى أن تستند‏‎ ‎للبرنامج السياسى، الذى اتفقنا عليه والذى يؤكد التمسك ‏بالثوابت الوطنية والحقوق‎ ‎الفلسطينية، والتمسك ببرنامج المقاومة، فهو أداة الضغط الحقيقية على العدو‎ ‎الصهيونى، لإجباره على الانسحاب والتسليم بحقوقنا. ولكن أن تضع كل هذا وراء ظهرك‎ ‎وتذهب إلى ‏المفاوضات بغير أوراق قوة، وتفاوض عدوك وأنت مكشوف، والصف الفلسطينى‎ ‎منقسم، وأنت تلاحق المقاومة ‏وتنسق أمنياً ضدها، إذن فهذه المفاوضات خطيرة على‎ ‎المصلحة الفلسطينية، ولن تحقق شيئاً من الأهداف ‏والمطالب الفلسطينية‎.‎