ظلت «نظرية المؤامرة» حاضرة بقوة داخل الخطاب الإعلامى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث استخدمها كإطار تفسيرى لمختلف الأزمات السياسية والأمنية التى واجهها، ولاسيما التى واجه انتقادات فيها، بل إن المجلس نفسه دافع عن استخدامه لـ «نظرية المؤامرة»، نافياً إيمانه بها «لكن التاريخ أثبت أن فيه مؤامرات فى التاريخ»، على حد قول اللواء محمود حجازى، عضو المجلس العسكرى، فى مؤتمر صحفى حول أحداث ماسبيرو 12 أكتوبر 2011.
وجاءت الإشارة إلى المؤامرات التى تحيكها أطراف داخلية أو خارجية، بشكل مبكر فى خطاب المجلس، بل إنه فى رسالته الأولى على الفيس بوك طالب المتظاهرين بـ«عدم اللجوء لثقافات غير مصرية لم تولد على أرض مصر مثل ارتداء الزى الأسود خلال التظاهر»، ثم ظهرت أول إشارة صريحة لفكرة «المخطط المنظم»، عقب أسبوعين فقط من تولى المجلس السلطة، وذلك فى الرسالة رقم 18 يوم 24 فبراير 2011، حيث أشارت إلى «محاولات إحداث الفتنة»، ودعت المصريين إلى مواجهة هذه «المخططات»، فى إحالة الحدث إلى طرف مجهول الهوية ولكنه يتآمر ويخطط ويسعى إلى إثارة الفتنة.
وهى الإحالة التجهيلية التى استمرت فيما بعد على مدار خطاب، سواء فى حديث عام عن «معوقات داخلية وخارجية»، دون تحديد ماهيتها أو مصدرها، كما جاء فى الرسالة رقم 21 بتاريخ 25 فبراير 2011، أو اتهام طرف ثالث بإثارة الأزمات والسعى لإسقاط الدولة وهو ما تكرر فى كل الأزمات التى شابت العلاقة بين المجلس والشعب فيما بعد أو ما أطلق عليها «حينما تساءل المشير: «مين اللى بيعمل كده ولصالح مين؟» فى تصريحاته بتاريخ 2 أكتوبر 2011.
ولعل تكرار إحالة الأزمات إلى «مؤامرات» يحيكها «أعداء فى الداخل والخارج» تثير خطورة استخدام مفهوم غامض ومطاط كـ«الوقيعة»، فكل وقيعة، وكل فعل ضد «الاستقرار» هو «مؤامرة مدروسة» سيتم توقيع أقصى العقوبة على فاعليها من «الفئة الضالة»، مع مطالبة «أبناء الوطن العظيم» بـ«التحلى بالوعى والفهم والمسؤولية تجاه المخاطر»، أى أنها الصفات التى تفتقدها تلك «الفئة الضالة»، وهو ما يفسر وصف المشير لـ«بعض المواطنين» بأنهم ليسوا خونة وإنما «مش فاهمين» كما جاء فى خطاب المشير بتاريخ 29 يناير 2012.
كما أن الإحالة المتكررة إلى «المؤامرة» كإطار تفسيرى لكل الأزمات باختلاف ظروفها وسياقاتها، يعد نوعاً من القولبة أو التنميط، بإطلاق لفظ «المؤامرات المدروسة» وتعميمه على مجموعة من الأفعال غير المتجانسة، بعض منها مفهوم المعنى مثل إثارة الطائفية، والبعض غير مفهوم وغير محدد مثل الوقيعة بين الجيش والشعب، مع توحد الفاعل من حيث الصفة والدور بكونه «فئة ضالة تعبث بأمن واستقرار مصر»، حسب الرسالة رقم 51 بتاريخ 13 مايو 2011، فيما تكون هويته غامضة وغير محددة.