«فقراء لكن سعداء».. مقولة تنطبق على أطفال منشأة ناصر، تلك المنطقة العشوائية التى يعيش سكانها فى بيوت قديمة آيلة للسقوط، محرومين من أبسط الحقوق التى تكفل لهم حياة آدمية، فإذا كان الكبار قد استسلموا للحياة القاسية التى لا تعرف إلا الفقر المدقع، فإن الصغار قد تحايلوا على ظروفهم وقرروا أن يعيشوا حياتهم كما يعيشها أقرانهم، وسخروا إمكاناتهم البسيطة فى تحقيق ذلك، عملاً بالمثل الشعبى: «الشاطرة تغزل برجل حمار».
عدم وجود مركز شباب يلعب فيه أطفال منشأة ناصر كرة القدم، لم يقف عائقاً أمامهم، ولم يمنعهم من ممارسة هوايتهم المفضلة بعد العودة من المدرسة وأثناء الإجازة، حيث اجتمع مجموعة من الأطفال وقرروا اختيار قطعة أرض فى الجبل وتسويتها وإقامة ملعب عليها عن طريق إحاطتها بالحجارة، لتكون هى المكان الذى يجتمع فيه الجميع ويرفهون عن أنفسهم عبء حياتهم القاسية، ولعدم وجود إمكانيات لإقامة مرميين فى الملعب استعاض الأطفال بوضع عدد من الحجارة على شكل مرمى.
أحمد نبيل «11 عاما»، هو صاحب الفكرة، وجد فى البداية صعوبة فى تنفيذها لأن كل شوارع المنطقة غير ممهدة، لكن سحر كرة القدم وشغفهم بها تجاوزا أى مشكلة، وهو ما دفع أحمد وأصدقاءه مصطفى وتامر ومحمد، إلى اللجوء إلى المرتفعات عند الجبل، وإلى جوار البيوت المهدمة والمتهالكة اختاروا مكان الملعب وبدأوا فى تمهيده، دون أن يفكروا فى مشقة وعناء تمهيد جبال مرتفعة.
قسم الأطفال أنفسهم إلى ثلاثة فرق للعمل، الفريق الأول يعمل من الثانية عشرة ظهرا بعد انتهاء المدرسة، ومهمته تتمثل فى تكسير الطوب الموجود أعلى الجبل وهى المهمة الأصعب، والفريق الثانى، يبدأ من الثالثة مساء ويستكمل العمل نفسه، أما الفريق الثالث فيعمل من السادسة مساء ويقوم بتسوية ما قام الفريقان الأول والثانى بتكسيره، وهكذا إلى أن انتهت الفرق من تجهيز ملعب «منشأة ناصر» الخاص، وبعدها قاموا بلعب أول مباراة ودية بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و13 عاما.. بعد ذلك أصبح الملعب مكانا لكل من يرغب اللعب بعد المدرسة.