حمص مدينة «البرد والجوع» تعيش رعب «المذبحة».. والحطام كل ما تبقى

كتب: غادة حمدي الخميس 23-02-2012 19:31

 

«أرجوكى.. قولى للعالم أن يساعدنا.. فقط يوقفون القصف».. هذه هى الرسالة التى حمّلها أحد سكان مدينة «حمص» السورية - التى تتعرض لقصف دام وحصار مشدد منذ نحو 3 أسابيع - للصحفية الأمريكية «مارى كولفين» لدى زيارتها للمدينة، التى حرصت بدورها على نقلها من خلال آخر تقرير كتبته لصحيفة «صنداى تايمز»، البريطانية وتحدثت فيه أيضاً عن المشهد المأساوى فى المدينة و«التكلفة الرهيبة للانتفاضة ضد الرئيس السورى بشار الأسد»، وذلك قبل أن تضمها نيران قوات الأسد لقائمة القتلى الاربعاء.

وفى تقريرها، الذى حمل عنوان «نحن نعيش فى رعب من وقوع مذبحة»، وصفت كولفين مدينة «حمص»، أبرز معاقل الاحتجاج ضد الأسد، بأنها مدينة «البرد والجوع التى تهزها انفجارات القذائف وأصوات طلقات الرصاص»، ورسمت ملامح الوضع الإنسانى المتردى الذى تعانيه تلك المدينة، موضحة أنه تم قطع التيار الكهربى والاتصالات عن السكان، فيما تفتقد أغلب المنازل للوقود الذى تحتاجه بشدة للاحتماء من البرد القارس، بينما تغلق كل المحال أبوابها، لذا تضطر العائلات لتقاسم ما تبقى لديها من مواد غذائية مع الأقارب والجيران.

ونقلت «كولفين» المشهد من داخل أحد ملاجئ حى بابا عمرو الذى ينزح إليه الفارون من القصف، قائلة إن المواطنين يصفون ذلك الملجأ بـ«قبو الأرامل»، حيث إنه يكتظ بالنساء والأطفال الهاربين من القصف المتواصل، الذين يعيشون حالة من الرعب. ونقلت كولفين عن نور «20 عاماً» - وهى إحدى اللاجئات التى فقدت زوجها وبيتها جراء القصف- قولها «لم يكن لدينا شىء سوى السكر والماء، وخرج زوجى فى محاولة للعثور على الطعام، وكانت هذه آخر مرة أراه فيها، حيث مزقته قذيفة هاون إرباً». وأوضحت كولفين أن مأساة نور «مزدوجة» حيث إن أخاها قتل أيضاً مع زوجها. بينما تقول فاطمة «19 عاماً» التى وضعت طفلها فى الملجأ ولا تعلم شيئاً عن زوجها «نجونا بمعجزة»، إلا أنها لا تجد لرضيعها طعاماً سوى الماء فقط.

ووصفت «كولفين» المشهد فى حى «بابا عمرو» بقولها «تقريبا كل المبانى بها ثغرات ملحوظة إثر القصف، وفى بعض الشوارع، انهارت مبان بأكملها، وكل ما يمكن رؤيته هو الملابس الممزقة والأوانى المكسورة وحطام الأثاث».

ولفتت «كولفين» إلى المعركة غير المتكافئة التى يخوضها «الجيش السورى الحر» - الذى يتكون من جنود منشقين - مع الجيش السورى النظامى بدباباته وأسلحته الثقيلة، وأوضحت أن سكان «بابا عمرو»، يعتبرون عناصر «الجيش الحر» هم جبهة الدفاع عنهم.

لكنها أضافت أن إعلان الانشقاق عن الجيش السورى أصبح أمراً صعباً أيضاً مؤخراً، حيث قال أبوسعيد «46 عاماً» - وهو قائد عسكرى منشق - إنه «يتم حالياً تعيين عنصر من جهاز المخابرات فى كل وحدة عسكرية سورية، الذى يأمر بتصفية أى جندى يرفض أمراً لإطلاق النار أو يحاول الفرار».

وتشير «كولفين» إلى أن «هناك سؤالاً يتردد على لسان كل شخص فى حمص: لماذا تخلى العالم عنا؟»، حيث قدم عبدالمجيد «20 عاماً» - الذى كان يساعد فى إنقاذ الجرحى - مناشدة للعالم من خلال كولفين قائلا «من فضلك قولى للعالم ساعدونا»، وتابع «فقط يوقفون القصف».

واختتمت «كولفين» تقريرها بقولها إن الأمل الحقيقى الوحيد لمعارضى الأسد لتحقيق الانتصار هو مدى استعداد المجتمع الدولى لنجدتهم، وذلك فى الوقت الذى تنمو فيه نبرة اليأس فى «بابا عمرو»، وهو ما استشفته «كولفين» من حديث حميدة «30 عاما»، التى دمر القصف منزلها وتعيش حالياً فى شقة صغيرة مع شقيقتها و13طفلاً، بقولها «الأطفال يصرخون طوال الوقت، أشعر بأننى عاجزة»، وأضافت، وصوتها يتهدج من البكاء: «أشعر بأن العالم تخلى عنا. إنهم قدموا للأسد الضوء الأخضر لقتلنا».