انقطع البث الحي من مدينة حمص السوريّة وتوقف مؤقتًا سيل التسجيلات المصورة التي توضح ملامح القصف الجنوني الذي تتعرض له المدينة المحتجة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، إذ استشهد صباح الأربعاء رامي السيد، الذي تولّى لعدة أشهر مضت تصوير الأحداث الساخنة ونقلها مباشرة على شاشات التلفزيون.
«لا بثاً مباشرًا من حمص.. لأنه لا وجود لرامي». هكذا يقول عضو الهيئة العامة للثورة السورية، هادي العبد الله، وأحد أصدقاء رامي.
وتولى رامي لأشهر طويلة مضت، تصوير العنف الذي تمارسه قوات الأسد، والشبيحة، في مواجهة المحتجين وسكان مدينة حمص، ورفعه على موقعي «يوتيوب» و«فيس بوك»، ثم التنسيق مع عدة فضائيات لنقله على الهواء مباشرة.
وفي تسجيل فيديو لم يصوّره رامي، يظهر الشاب ممددًا على سرير وحوله أطباء وممرضون، يحاول أحدهم إفاقته بضربه على وجهه وهو يقول له «رامي مشان (لكي) ترجع تصور لنا جرائم بشار الأسد.. ياللا يا حبيبي».
وأضاف «هي (هذه) قوة بشار الأسد، قوته على الضعفاء، قوته على الأطفال، 4 شهداء من عائلة واحدة». ويواصل ضربه على وجهه «لا تغيب لا تغيب.. رح (سوف) تعيش إن شاء الله».
وقالت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد»، التي تنظم الاحتجاجات ضد النظام منذ مارس الماضي، إن رامي، الذي ولد في بابا عمرو عام 1985، استشهد «عندما كان يقوم بإيصال عائلة إلى المشفى الميداني في بابا عمرو، حيث أصيبت سيارته بقذيفة صاروخية».
ورامي، والد الطفلة مريم التي لم تكمل عامها الأول، لم يستشهد على الفور. ولكنه «استشهد لعدم توافر الكادر الطبي الكافي والمعدات الطبية اللازمة لإسعافه وإيقاف نزيفه»، حسب صفحة الثورة السورية.
ونعت لجان التنسيق المحلية رامي السيد، مشيرة إلى أن جيش النظام «قتل أحد أبرز النشطاء الإعلاميين في حي بابا عمرو بمدينة حمص، الشهيد رامي السيد الذي فضح بكاميراته وبالبث الحي كذب الإعلام الرسمي وفند تلفيقات النظام عن المدينة منذ بداية الثورة».
ورامي السيد هو واحد من مئات المواطنين – الصحفيين المنتشرين في كل انحاء سوريا، لا سيما في المناطق التي تشهد اضطرابات منذ منتصف مارس، والذين يخاطرون بحياتهم لتصوير وتحميل أشرطة الفيديو والصور على مواقع «يوتيوب» و«فيس بوك» والمدونات الالكترونية. وقد قتل العديد منهم.
ويهتم بالمشفى الميداني في بابا عمرو، بحسب العبدالله، 3 أطباء وعشرون ممرضا وممرضة. وقال إن هؤلاء «تأثروا كثيرا وذرفوا الدموع على رامي» الذي يعتبر «أحد أعمدة» شبكة المواطنين الصحفيين الذين يزودون وسائل الإعلام العالمية وشبكة الإنترنت بالأخبار وأشرطة الفيديو والصور عن أحداث سوريا.
وأشار العبد الله إلى أن رامي السيد كان من أكثر الأشخاص الذين يصورون في المدينة، ومن أبرز مزودي الكاميرا الثابتة التي بدأت خلال الفترة الأخيرة تبث مباشرة من حمص عبر الإنترنت بالمواد.
وفي تسجيل مصور بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» يظهر رامي وهو يقول «في كل لحظة نتوقع أن نستشهد أو نصاب بقذيفة».
وبث النشطاء بعد استشهاد رامي تسجيلاً آخر يعود تاريخه إلى بضع أشهر مضت، يظهره وهو مكانٍ عالٍ يصوّر احتجاجات في بابا عمرو على صوت أهازيج تأييد الثورة وتدين بشار الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد، يغنيها إبراهيم القاشوش، الذي قتله شبيحة موالون للأسد في وقت لاحق.
وساهم رامي في نقل ما يجري في سوريا، وبالذات في حمص، إلى خارجها، إذ تمنع السلطات السورية دخول الصحفيين الأجانب إلى أراضيها. كما تمارس ضغوطًا على الصحفيين السوريين الذين يعملون لحساب مؤسسات صحفية مستقلة وأجنبية.
د
واعتمدت قنوات فضائية منها «الجزيرة» و«العربية» على رامي في الشهور الأخيرة، لبث صور حية للقصف الذي تقوم به قوات الأسد على حمص، وللاعتداءات التي يتعرض لها متظاهرون ومحتجون من الأمن والشبيحة.
ورامي السيد هو ابن عم باسيل السيد (24 عاما)، المواطن الصحفي الذي قتل في 29 ديسمبر 2011 أثناء قيامه بالتصوير في بابا عمرو في حمص.
كما قتل قبل أسابيع المواطن – الصحفي عمر السوري، واسمه الحقيقي مظهر طيارة، في حي الإنشاءات في حمص أثناء محاولته إسعاف جرحى أصيبوا في سقوط قذيفة مصدرها قوات النظام، فأصيب بدوره إصابة قاتلة.