«الحفريات الإسرائيلية»: محاولة فاشلة للبحث عن «جذور» لإسرائيل

كتب: أحمد بلال الإثنين 20-02-2012 16:55

تعتقد النظرية الصهيونية بأن اليهودية ليست ديانة بقدر ما هي قومية، وأن اليهود يمثلون شعباً «نقي الدم» اختاره الله بنفسه كي يكون شعبه الحصري دوناً عن شعوب الأرض، تقوم النظرية الصهيونية أيضاً على أن ثمة «حق إلهي» و«تاريخي» لـ«الشعب اليهودي» في فلسطين، ومن ثم تجري المؤسسة الصهيونية على مدار عقود حفريات ضخمة أسفل الحرم القدسي، في محاولة لاكتشاف أي وجود لما يسمى بـ«الشعب اليهودي» في هذا المكان، وهي المحاولات التي باءت بالفشل حتى الآن، وتهدد المقدسات الإسلامية في المدينة.

وفيما تستمر الحفريات في القدس بهدف اكتشاف «مدينة يهودية» بحسب صحيفة «هاآرتس»، الأحد، كشفت الحفريات عن بقايا مدينة «إيليا كابيتولينا» التي أقامها القيصر الروماني هادريانوس في القدس، بين عامي 130 و 140 ميلادية.

ونقلت صحيفة «هاآرتس» عن د. عوفر شياون، الأثري بسلطة الآثار الإسرائيلية قوله: «لا يخفي أحد وجود إيليا كابيتولينا، لكننا كنا نريد أن نتحدث عن الهيكل الثاني»، وأضاف: «إيليا كانت مدينة ملعونة، طردنا منها، ولكن كان يتوجب علينا الحفر حتى نجد الهيكل الثاني».

وبدأت إسرائيل حفرياتها في القدس منذ عام 1967 حتى الآن، رغم قرارات الأمم المتحدة واليونسكو التي طالبتها بإيقافها، لما تشكله من خطورة على المدينة القديمة في القدس، والمقدسات الإسلامية بها.

ويقول د. مصطفى كبها، من فلسطينيي 48، وأستاذ التاريخ بالجامعة المفتوحة في إسرائيل، لـ«المصري اليوم» إن قضية الحفريات «فيها تجنيد (من قبل إسرائيل) لعلم الآثار لأهداف سياسية وأيديولوجية، فمثلاً عندما اكتشفت أشياء أخرى لم يعلن عنها، مثل الفترة الأموية، وفي بعض الأحيان تدفن هذه الاكتشافات».

واكتشف عالما الآثار «ويكسلر بدولح» و«أليكساندر أون» في عمليات الحفر الأخيرة التي قامت بها إسرائيل تحت حائط البراق (المبكى) أن «الجسر الكبير الذي يؤدي إلى جبل الهيكل (الحرم القدسي)، مثله مثل بقية الآثار الأخرى، اكتشف أنه روماني وليس جزء من الهيكل الثاني»، بحسب صحيفة «هاآرتس».

وعن الهيكل يقول د. ساهر رافع، الباحث المتخصص في الديانة اليهودية، لـ«المصري اليوم»: «ثبت بالأدلة الأثرية أن كل ضلع من مملكة داود كان من 14 إلى 16 كيلو، إلا أنهم يحاولون التضخيم في حدود المملكة لما هو أبعد من ذلك، وبعد موت داود تولى سليمان الحكم، وبدأت المشاحنات بين سليمان وأخيه الكبير، إلى أن قتله سليمان، بحسب الرؤية التوراتية، وهذا معناه أنه لم يكن هناك استقرار ولا توسع، وسليمان هو من أقام الهيكل، وكان يحاكي طريقة المصريين في البناء، بنى معبداً للصلاة، عادي في إطار رؤيته عمل مجتمع مستقر، كأي معبد عادي، وكل حالة التقديس حول هذا المعبد مصطنعة، هذا بالإضافة أن فترة داود وسليمان لم تتجاوز 70 سنة، وهي فترة غير كافية لبناء حضارة».

في الجزء الخلفي لحائط البراق (حائط المبكى)، وفي نفس المكان الذي يستعد فيه صندوق تراث الحائط إقامة مبنى كبير باسم «بيت هاليفا»، اكتشفت الباحثة شلوميت وكسلر، طريق روماني قديم، واكتشف عالم آثار آخر من سلطة الآثار الإسرائيلية، د. دورون بن عامي، على بعد 300 متر جنوب هذا المكان ما يعتقد إنه نهاية هذا الطريق الروماني. فقط آثار رومانية.

ويقول د. مصطفى كبهاعن هذه الاكتشافات إنها «تغطي جانبا من جوانب الحياة في القدس في فترات سابقة، والتي شهدت وجود حضارات مختلفة، إلا أن هناك محاولة لربط هذه الآثار بالفترة العبرية بشكل دائم، والمؤرخ المهني لا ينفي وجود أي مرحلة من مراحل المدينة».

ويقول د. ساهر رافع: «كل الآثار التي يتم اكتشافها في فلسطين تخص الشعب الفلسطيني، لأنها تعبر عن المراحل التاريخية التي مر بها. الحفريات مستمرة منذ 45 عاماً، ولم يجدوا أي أثر يخدم أهدافهم، وعلى كل حال، اكتشاف أي أثر لا يمنح شرعية للاحتلال، لأننا يجب أن نفرق بين العبرانيين، وبني إسرائيل، واليهود، والصهاينة».

ويتابع د. رافع: «االيهودية بدأت فعلياً مع بداية دعوة موسى، في الفترة ما بين 1200 إلى 1300 قبل الميلاد، وحتى هذه اللحظة لم يكن هناك ما يمكن أن نسميه مجتمع يهودي، وعندما خرج أتباع موسى من مصر لم تكن لديهم مقومات بناء حضارة، وكانوا غير قادرين على دخول كنعان إلا بعد تمكن المشاكل الداخلية من الكنعانيين، ولم يمكثوا فيها كثيراً، بحسب التوراة أيضاً، بسبب الحروب الكثيرة، وبالتالي أي آثار ستجدها ترجع للشعوب الأصلية كنعانيين وعمونيين وعماليق، بالإضافة إلى أن الصهاينة لا علاقة لهم بأتباع موسى».

ويقول د. ساهر رافع إن الإسرائيليين يعتمدون في حفرياتهم على التوراة، «وهي كتاب كتب بعد موسى بحوالي 800 سنة، أي أنهم يستخدمون نصوص ويضفون عليها صفة القداسة».