«دولة المستوطنين» تقضي على «حلم الدولة الفلسطينية» وتهدد «نتنياهو»

كتب: أحمد بلال الأحد 19-02-2012 15:54

فيما تصر السلطة الفلسطينية على وقف الاستيطان كأحد الشروط الأساسية لعودة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، تتوالى التقارير عن المساحات الشاسعة التي تلتهمها المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية، ورفض المستوطنون إخلاء البؤر الاستيطانية، التي تطالب إسرائيل بضمها إليها في أي اتفاق مستقبلي مع السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يهدد وجود «دولة فلسطينية» على أراضي الضفة وغزة من الأساس.

في المنطقة «ب» في الضفة الغربية، بحسب تقسيم اتفاقيات أوسلو، تلتهم البؤر الاستيطانية الإسرائيلية مساحات شاسعة، حسب تقرير لصحيفة «هاآرتس»، الأحد، وهو ما يتناقض مع اتفاقيات أوسلو، التي تخضع المنطقة بموجبها للمسؤولية المدنية للسلطة الفلسطينية.

ونقلت الصحيفة عن الباحث في النشاط الاستيطاني الإسرائيلي درور أتاكس، أن بؤرة «عمونا» الاستيطانية استولت على مئات الآلاف من الأمتار من الأراضي الخاصة التابعة لمنطقة «ب» في الضفة، كما قطعت الطريق على دخول الفلسطينيين إلى أراض أخرى بعد محاصرتها بالأراضي والطرق الالتفافية، وأشار الباحث أن المستوطنين في «إيتمار» استولوا على أرض مساحتها 93 ألف متر من المنطقة «ب»، بعد طردهم لأصحاب الأرض من الفلسطينيين.

ويبلغ عدد المستوطنات التي تعتبرها إسرائيل «شرعية»، لإقامتها بموجب تصريح رسمي من الحكومة الإسرائيلية، 120 مستوطنة، تضم 310 آلاف مستوطن، فيما يوجد أكثر من 100 بؤرة استيطانية «غير شرعية» مقامة دون تصريح رسمي في الضفة الغربية، أكبرها مستوطنة «ميجرون»، التي شقت لها الحكومة الإسرائيلية الطرق ومدتها بكل الخدمات، التي تكلفت ملايين الشواكل، رغم عدم شرعيتها حتى حسب القانون الإسرائيلي.

وأصدررت المحكمة العليا الإسرائيلية في أغسطس 2011 قراراً بإخلاء بؤرة مجرون الاستيطانية بحلول 31 مارس 2012، وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن الأرض المقامة عليها المستوطنة تخص الفلسطينيين.

ويرفض مستوطنو مجرون تنفيذ قرار المحكمة، ويهددون بأن إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تنفيذ القرار قد يكلفه منصبه.

وشهد عام 2011 انتساباً كبيراً من قبل المستوطنين لحزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، وبلغت نسبة المستوطنين المنضمين للحزب العام الماضي 30%. وحصل المستوطن الليكودي، موشي فيجلين، الذي خاض الانتخابات على رئاسة الحزب أمام نتنياهو الشهر الماضي، على نسبة 27% من أصوات أعضاء الليكود، ما يشير إلى صعود قوة المستوطنين داخل الليكود، والتي قد تؤثر على قرار نتنياهو الذي أعلن أن «الحكومة تريد تنفيذ قرار المحكمة، على نحو ينطوى على موافقة سلمية».

وتلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي تهديداً بالقتل مؤخراً على صفحته الشخصية على «فيس بوك»، احتجاجاً على عزمه تنفيذ قرار المحكمة، وجاء في التهديد: «مصيرك سيكون مثل مصير إسحاق رابين، أنت في العد التنازلي يا قذر, أنت غير مناسب لتكون رئيساً للحكومة ولا وجود لأمثالك بيننا, إنك تحب العرب أكثر من اليهود».

وقال «ياريف أوبنهايمر»، المدير العام لحركة «السلام الآن» الإسرائيلية، المناهضة للاستيطان، لوكالة «رويترز»: «هذا عبارة عن تصادم بين المستوطنين وحقوق الإنسان وسيادة القانون»، وأضاف: «إذا لم نكن قادرين على إزالة مجرون، فلن نتمكن من إزالة أي موقع استيطاني».

ونقلت «رويترز»، الأحد، عن المحامي الإسرائيلي الناشط في مجموعة تدعو للاستيطان، بيتزاليل سموتريتش، قوله: «لا يفعل ذلك في الخفاء. جميع الحكومات الإسرائيلية كانت تعرفه وتريده وتدفع له»، وأضاف سموتريتش: «الحكومات أرادت أن تنشئ مواقع استيطانية من ناحية لكنها لم ترد إغضاب الأمريكيين من ناحية اخرى».

وأدان رؤساء الممثليات الأوربية في القدس ورام الله، عمليات الاستيطان الإسرائيلية، يناير الماضي، في تقرير رفعوه للاتحاد الأوربي، وقالوا إنها «تقوض إمكانية الوصول إلى حل نهائي لدولتين على حدود 67».

وطالب التقرير رؤساء حكومات دول الاتحاد الأوربي، بعمل «قائمة سوداء» تضم أسماء المستوطنين المعروفين بالعنف، من أجل منعهم من الدخول إلى دول الاتحاد، بالإضافة إلى فرض عقوبات على الشركات والجمعيات التي تعمل على الترويج للاستيطان وجمع الأموال له.

وطالب التقرير الاتحاد الأوربي بعمل مشروعات تنموية في المنطقة «ج» في الضفة، التي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وذلك دون التنسيق مع إسرائيل.

وجاء التقرير الأوروبي في إطار الأزمة الدبلوماسية بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي، على خلفية إدانة دول الاتحاد لعمليات الاستيطان، التي تقوم بها إسرائيل في الضفة وشرق القدس، وهو ما رد عليه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، ببيان شديد اللهجة ضد الدول الأوروبية، طالبهم فيه بعدم التدخل فيما يحدث في إسرائيل، مطالباً إياهم بالتركيز في البرنامج النووي الإيراني.