كشفت مصادر مسؤولة في اللجنة العليا لترسيم حدود أعالي البحار، عن أن اللجنة طلبت من وزارة الدفاع إحداثيات الحدود البحرية مع اليونان وإسرائيل لبحثها خلال اجتماع اللجنة المقبل، واتخاذ الخطوات القانونية حيال ترسيم حدود مصر مع هذين البلدين، والتعامل مع أي طلبات حالية أو مستقبلية تعنى بترسيم الحدود البحرية، تمهيدا لطرح وزارة البترول مزايدة للتنقيب عن الغاز في المياه العميقة بالقرب من حدود بعض الدول، ومنها قبرص وإسرائيل.
وقال عضو بارز في اللجنة، في تصريحات لـ «المصري اليوم»: «إن هذه الإحداثيات مهمة للغاية لمساعدة الوزارات المعنية في اتخاذ قرارات حيال الاستثمارات والأنشطة التي تمارس في المناطق الاقتصادية الخالصة لمصر».
وأوضح أن وزارة الدفاع أبدت تعاونا في تقديم كل المعلومات المتعلقة بالإحداثيات إلى اللجنة، للتعامل بشكل دقيق مع أي اكتشافات أو ثروات طبيعية تقع في المناطق الاقتصادية الخالصة، وبما يدعم الموقف المصري في أي محادثات أو مفاوضات مع الجهات الدولية الأخرى مثل اليونان، والتي تسعى للتنقيب عن الغاز في المياه العميقة بالبحر المتوسط.
وعلق الدكتور إبراهيم زهران، خبير البترول، على هذه المطالبة، باتهامه وزارة الخارجية بـ«التقاعس» عن المطالبة بترسيم الحدود البحرية مع الدول المختلفة في منطقة البحر المتوسط، محذرا من حدوث مشكلة على غرار مفاوضات اتقافيات حوض النيل، والتي تم تجاهلها حتى حدثت المشكلة وأصبحت إثيوبيا تفرض أمرًا واقعا وترغب في تغيير عمليات اقتسام مياه النيل.
ودعا «زهران» الحكومة المصرية إلى انتهاج سياسة تركيا في توجيه تحذيرات لشركات البترول العالمية بعدم العمل في مناطق الامتيازات البحرية التي لم يتم ترسيم الحدود بشأنها، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ساعدت أنقرة على تجنب توسع إسرائيل وقبرص في عمليات التنقيب.
وقال الدكتور رمضان أبوالعلا، أستاذ هندسة البترول بجامعة «فاروس» بالإسكندرية: «إن إسرائيل تسعى إلى تشكيل محور غربي في البحر المتوسط، وتستهدف ضم قبرص واليونان ورومانيا وبلغاريا وكرواتيا إلى هذا التحالف، لمواجهة انتخاب الحركات الأصولية الإسلامية لقيادة مصر وتونس وليبيا وتوقع سيطرة هذا التيار أيضا على سوريا.«
وتابع: «إسرائيل تأمل من خلال اكتشافات الغاز المتتالية في البحر المتوسط تعزيز اعتماد الدول الأوروبية عليها كدولة مصدرة للغاز بديلا عن الغاز الروسي والنفط العربي، بما يجعلها تلعب دورا سياسيا واقتصاديا يمكنها من تغيير خريطة المواقف السياسية في المنطقة».
وأضاف «أبوالعلا» أن «إسرائيل استطاعت عبر اكتشافات الغاز الأخيرة ومحاور العلاقات السياسية التي تستهدف صياغتها مع الدول المجاورة خصم رصيد سياسي معنوي للقضايا العربية عبر ضمان تأييد قبرص واليونان لها في الكثير من المواقف».
وأشار إلى أن «تل أبيب تستهدف خلال الفترة المقبلة نقل هذا النموذج للدول الأخرى التي تقوم (بتعشيمها) بتصدير الغاز لها مثل الهند والصين ودول جنوب شرق آسيا، والتي تؤيد الحقوق العربية والفلسطينية».
يأتي ذلك في الوقت الذي يتابع قادة وسكان قبرص بقلق، الأزمة التي تهز اليونان، نظرا لارتباط اقتصادهم بها إلى حد كبير، لكنهم يرون أنهم سيتمكنون من النجاة بفضل اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز.
واكتشفت الشركة الأمريكية «نوبل» خلال 2011 حقلا يضم كميات من الغاز الطبيعي، يمكن أن تصل إلى 224 مليار متر مكعب، تقدر الحكومة القبرصية قيمتها بـ100 مليار يورو.
وقال بيار جوديك، الخبير في الشؤون النفطية: «إنها ليست سوى البداية»، ولا يبعد الحقل القبرصي الذي يحمل اسم «أفرودايت» أكثر من بضعة كيلومترات عن حقلي الغاز الإسرائيليين الهائلين «ليفياتان» و«تامار»، ما يدل على أن المنطقة غنية بالغاز، بينما يفترض منح امتيازات للتنقيب في 12 مربعا قبرصيا آخر قبل نهاية العام.
والنتيجة العملية الأولى لاكتشاف الغاز هي أن قبرص تمكنت من اقتراض 2.5 مليار يورو من روسيا، التي تتطلع إلى الحقول التي يتم توزيعها، مما سمح لها بتغطية ميزانيتها لعام 2012 دون اللجوء إلى قرض أوروبي مرفق بشروط قاسية.