لم يكن يعرف الرئيس السابق حسنى مبارك أن ما سيسجل فى تاريخه هو نقاط سوداء عبارة عن الأخطاء التى ارتكبها طوال فترة حكمه، وأن هناك شخصاً تفرغ لرصد أخطائه وتسجيلها بطرق مختلفة إما فى بحث مستوفى البيانات..
كل خطأ بتاريخه وظروفه، وإما على شرائط كاسيت، ليشهد التاريخ على تلك الأخطاء، وإما فى قصيدة شعر.
محمد الرفاعى، مدرس لغة عربية يسكن فى منطقة عابدين، لم يرزقه الله بأولاد، فقرر أن يفرغ نفسه لكتابة «صحيفة مبارك التاريخية»، أى تسجيل كل الأخطاء التى وقع فيها لمحاسبته عليها، وطوال سنوات عديدة لم يترك «الرفاعى» خطأ لـ«مبارك» إلا سجله: «لأن التاريخ لا يكذب قررت أن أكون شريكاً فى كتابة تاريخ عهد مبارك بكل مساوئه وأن أرصد على مدار ستين عاماً مساوئ الحكم الفردى بدءاً من حكم جمال عبدالناصر وصولا إلى حكم مبارك الذى يعد نموذجاً صارخاً للحكم الفردى وتبعاته».
رحلة «الرفاعى» مع التاريخ بدأت بعد تخرجه من معهد المعلمين بعد التوجيهية فى عصر الملك فاروق الذى مازال يحتفظ بقدر كبير من الذكريات له، فقد كان «الرفاعى» أول طفل يتم اختياره لتقديم الورود للملك فاروق فى عيد ميلاده، وبعد رحيل الملك فاروق وانتهاء النظام الملكى، وبداية حقبة جديدة من الحكم، بدأ فى تسجيل أخطاء الحكم الفردى، من خلال جمع الكتب التى تتحدث عن الحكم الفردى وتبعاته لأكثر من عشر سنوات، وبعدها قام بعمل بحث عن الحكم الفردى وعلاقته بالعسكر، وربط بينه وبين تاريخ مصر الفرعونية والإسلامية ومصر المعاصرة.
بعد هذا البحث انتقل «الرفاعى» إلى حكم مبارك، الذى كان بداية حقبة تاريخية جديدة فى التدوين، إذ لم يكتف الرفاعى بعمل أبحاث عن خطايا نظام مبارك، بل امتد أيضاً إلى تسجيل كل أخطائه على شرائط لكى يظل التاريخ مسجلا، ويظل هناك شاهد على ما يحدث.
متابعة الصحف المصرية والعالمية يومياً كانت خطوة اتبعها «الرفاعى» لمساعدته فى تسجيل التاريخ، حيث كان يجمع قصاصات الصحف التى ترصد حكم مبارك وأخطاءه، ثم يقوم بتسجيلها ولا يكتفى بذلك بل كان يقوم بتحويلها إلى شعر سياسى: «كتبت قصيدة كبيرة من الزجل السياسى ترصد 49 خطأ قام بها مبارك على مدار سنوات حكمه، وهدفى من كل ده الأجيال القادمة ماتقعش فى نفس أخطائنا» .