الإعلام الغربى يسرد لقارئ مُندهش أحداث موت مُعلن ويتألم مثلنا

كتب: أيمن عبد الهادي الإثنين 13-02-2012 16:14

من بوسعه أن يوقف يد المسخ الذى يفجر الدم المصرى أنهاراً؟ قطعاً لا أحد يستطيع، فالأمر يريدون له أن يكون سراً! لكن الشىء الوحيد المؤكد أن وسائل إعلام الدنيا طالتها بعض من هذه الدماء على شكل صور وكلمات تنقل لقراء مندهشين دراما لم ينجح حتى الإغريق فى صنعها. هى الحرب إذن تلك التى جرت وقائعها فى بورسعيد الأربعاء قبل الماضى كما صورها الإعلام الغربى حينها عن حق وبشكل مؤثر ولايزال، فها هى مجلة «لونوفيل أوبزرفاتور» الفرنسية تسرد وقائع ما جرى فى عددها الصادر هذا الأسبوع، تنقل المأساة من خلال ما نقله مراسلها مروان شاهين على لسان المصادر وكان العنوان «حتى المصابين أجهزوا عليهم». كانت المجلة وغيرها من «الميديا» كمن يسرد أحداث موت معلن لجماهير ذهبت لاستاد المصرى ولم ترجع.

بعد الأحداث مباشرة عرض موقع«RTL» الفرنسى المقولات التى يتبناها معظم المصريين وتم التأكد منها: «ما حدث مؤامرة معدة سلفاً»، «لم تتدخل الشرطة إطلاقاً وتركت الجموع تدخل دون أن تفعل شيئاً». «كان لابد من زيادة الأمن كما أنهم أطفأوا أنوار الملعب (أثناء الأحداث)» تنقل المجلة على لسان أحد الغاضبين بعد المباراة. الموقع ربط بين الحدث وبين تأكيد الصعوبات التى تواجه التحول السياسى فى مصر بعد الثورة، ولم ينس الإشارة إلى «أهل طرة» عبر نقل حوار دار بين الثائرين بعد المباراة: «ما حدث وراءه حبيب العادلى ليخرج فهو يريد أن يقول طالما أنا بالسجن فستظل الفوضى».

«باسكال بونيفاس» المحلل الفرنسى المرموق ومدير معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بباريس، ومؤلف كتابين عن كرة القدم والعولمة والجغرافيا السياسية لكرة القدم، وأكد لمجلة «لونوفيل أوبزرفاتور» أن ما حدث ليس إلا تسييساً للعبة كرة القدم باستغلالها لأهداف غير واضحة. واستغرب من عدم تدخل الأمن بإجراءاته الوقائية وحسبه يدفع هذا، للأسف، للاعتقاد بأن ثمة تعمداً فى الأمر، فبتبنى استراتيجية «الصدمة» يبرهن على أن غياب سلطة عسكرية قوية سيفاقم من حالة الفوضى و«هذا سيناريو معروف ولسنا فى حاجة إلى نظرية المؤامرة لتأكيده أو ربما هو السيناريو الأكثر احتمالاً»، لأن «المثير للدهشة أن العنف وقع بعد الانتصار»، والأمر المثير للفضول كذلك حقيقة قدوم جماهير إلى الاستاد بسكاكين وعصى حديدية أما الأكثر غرابة، يضيف، هو دخولهم الملعب دون اعتراض الأمن لهم: «عدم تدخل الأمن فى دولة كان الأمن يتدخل فيها على الدوام أمر يثير أسئلة خطيرة حتى لا نقول العديد من الشبهات. ويقول: المسألة تتعلق بالسياسة أكثر ما تتعلق بكرة القدم بدليل تضامن ألتراس الزمالك وألتراس الأهلى بعد الأحداث، فى إشارة واضحة إلى أن المسألة تتجاوز العداوة والعنف. ويضيف: السؤال الذى لا أستطيع الإجابة عنه من سينتصر بين الطرفين: القوة السلطوية التى تسيطر على الفوضى بالقمع أم الثائرون الذين سيعاندون أكثر؟ فى هذا السياق تساءلت مجلة «لاكسبريس» هى الأخرى: هل كان الجيش مسؤولاً عن دراما بورسعيد؟ وحسب «صوفى بومييه» الأستاذة بمعهد العلوم السياسية والمتخصصة فى الشأن المصرى يبدو أن هناك استخداماً لنظرية «إما أنا أو الفوضى» التى كان نظام مبارك السابق يستخدمها دوماً، لذلك يعتقد الكثيرون أن «ثمة مؤامرة ضد الثورة».

صحيفة «لوموند» اعتبرت أن ما حدث يشهد على الوضع المتفجر الذى تعيشه مصر حالياً بعد مرور عام على قيام الثورة، وسألت الصحيفة «وليام نيوتنز» الخبير فى علم الاجتماع الرياضى وفى جماعات التشجيع الكروى الجماهيرية بجامعة «أرتوا» فقال: «من المحتمل أننا شاهدنا عنفاً وقتياً حدث فى ظل وجود حشود فتغلب الوعى الجماعى على الفردى، ففى مصر توجد خمس مجموعات من الألتراس، تواجد اثنان منهما فى الوقت نفسه يوم الأربعاء فى المباراة، لا نندهش إذن من إمكانية تصادمهما العنيف»، لكن نيوتنز أضاف: «بالنظر للسياق المصرى ربما كان هذا العنف منظماً ومعد سلفاً». وربطت «صوفى بومييه»، هذه المرة لـ«لوموند»، بين الأحداث وقوة الألتراس التنظيمية باعتبارها لعبت دوراً مؤثراً فى الثورة المصرية، وحتى من قبلها قبل سقوط مبارك، حيث كانوا يعارضون بشدة النظام وداخليته.

«جنيف تربيون» الصحيفة السويسرية سألت بدورها خبيراً آخر فى علم الاجتماع الرياضى هو جون- مارى بروم مؤلف كتاب «كرة القدم.. الوباء العاطفى» عن رأيه فيما جرى وقال: «لا يمكن استبعاد أى شىء بالنظر للمرحلة المضطربة التى تمر بها مصر حيث تتواجه قوى النظام السابق والقوى الثورية»، «فى كل ملاعب العالم القوى المتطرفة تحاول السيطرة على المشجعين وتجرجرهم فى أفعال احتجاجية»، ويضيف «مشجعو الكرة مستعدون للتورط فى أقل حدث».