كاتب فرنسي: تجربة الجزائر مع الإسلاميين لن تتكرر في مصر

كتب: رويترز الإثنين 13-02-2012 10:42

انعكس ولع الكاتب الفرنسي المعاصر، روبير سوليه، بمصر، في أحدث كتبه «قاموس عاشق لمصر»، الذي أكد فيه أن ظروف الدولة المصرية تحول اندلاع صراع بين السلطات والإسلاميين، على غرار ما حدث في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي.

وتناول سوليه في كتابه قضايا متفرقة تصب في مجرى واحد هي الروح والشخصية المصرية، التي يقول إن ماء النيل، وليس الدم، هو ما يجري في أوردتها، لذا فهو لا يخشى على مستقبلها من الحركات الدينية.

ويرى سوليه أن السيطرة على النهر كانت سببا في توحيد المصريين منذ فجر التاريخ، مستشهدا بقول الكاتب الألماني، إيميل لودفيج، في كتابه «النيل - حياة نهر» إن الشعب المصري تكون وتطور «بواسطة 2 من آلهة الطبيعة فعبدهما، هذا الشعب يدين للشمس بحبه للحياة، وباعتداله في طباعه، ويدين للنيل بتعلم روح الانضباط والامتثال، النيل الذي رمز له بالإله (حابي) في مصر القديمة هو تجسيد للخصوبة وتجدد الحياة».

ويسجل سوليه أيضا ما كتبه المؤرخ جوانفيل، الذي صاحب حملة لويس الـ 9 الصليبية «الكارثية» على مصر عام 1249 ميلادية، قائلا إن النيل يختلف عن غيره من الأنهار لأن «فيضانه جالب الخير لا يمكن أن يأتي إلا بإرادة الله».

ولد سوليه لأسرة لبنانية في مصر عام 1946 وغادرها عام 1962 وله كتب أخرى منها «مصر ولع فرنسي».

وفي كتابه الجديد «قاموس عاشق لمصر» يسجل أن الولع بمصر الفرعونية وحضارتها «يعود إلى أزمنة قديمة جدا»، مستشهدا بأن الرومان نقلوا إلى روما القديمة بعض المسلات المصرية واعتنقوا بعض المعتقدات المصرية، ثم حصلت فرنسا «على نصيبها» من الولع بفنون مصر القديمة منذ بداية عصر النهضة في القرن الـ 15 الميلادي.

والكتاب، الذي يقع في 495 صفحة من القطع الكبير، ترجمه الكاتب المصري، عادل أسعد الميري، وصدر الشهر الجاري عن المركز القومي للترجمة في القاهرة.

ويضم الكتاب 144 مقالا تستعرض مصر، تاريخا، وجغرافيا، وأساطير، ورحالة، وشخصيات بارزة، ومعالم دينية، ومعابد تتصدرها مسلات، رأى الكاتب أن المصري القديم اعتقد أنها «تربط الأرض بالكون السماوي» رغم أن العدد الأكبر من المسلات المصرية يعيش «في المنفى»، إذ توجد مسلة في كل من باريس ولندن ونيويورك و13 مسلة في روما، في حين بقي بمصر 6 مسلات فقط.

وتحت عنوان «الأصوليون الإسلاميون»، يقول سوليه إن مصر يمكن اعتبارها «مهد الأصولية الإسلامية الحديثة»، نظرا لأنها شهدت تأسيس جماعة الأخوان المسلمين عام 1928، عندما رفعت شعار «القرآن دستورنا». لكنه أضاف أن الأخوان «الذين يظهرون الآن كما لو أنهم الفرع المعتدل من الأصولية الإسلامية رأوا أن الحركات التي ولدت في كنفهم قد تخطتهم»، ومنها حركة الجهاد الإسلامي.

والكتاب الذي صدرت ترجمته العربية بعد عام تقريبا على نجاح الاحتجاجات الشعبية المصرية في خلع الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 كتبت فصوله في ذروة صعود المد الأصولي غير الرسمي قبل سقوط نظام مبارك، إذ يسجل المؤلف أن «مصر كلها تنتسب إلى الله»، في إشارة إلى تدين المصريين.

ويرى سوليه أن «الأصوليين عاجزون حتى الآن عن اقتراح مشروع برنامج صالح للتطبيق في كل المجالات على جميع أفراد المجتمع المصري»، خاصة في المجال الاقتصادي، الذي يراه نقطة ضعف ما يسميه بـ «المشروع الأصولي».

لكن سوليه في الوقت نفسه يعبر عن عدم خشيته على مستقبل مصر من الإسلاميين، فيسجل أن «مصر ليست الجزائر، حيث تحول الصراع بين السلطات والإسلاميين في التسعينيات إلى ما يشبه الحرب الأهلية». وأضاف: «وضع مصر مختلف عن الجزائر التي ما زالت منذ استقلالها سنة 1962 تبحث عن هويتها.. عربية، إسلامية - أمازيغية، صحراوية - غربية، فرنسية، أما مصر بلد الفراعنة فهي بلد عجوز جدا، منذ توحدت سياسيا في إطار دولة مركزية قبل أكثر من 5100 عام».

يقول سوليه إن المجتمع المصري «يتمتع ببنية صلبة قوية، تقوم الدولة المدنية فيه على أساس متين مع اتساع نفوذ السلطات الدينية المقربة إلى السلطات المدنية، إنه مجتمع مستقر جدا على قواعده الثابتة وهي القواعد التي تتمتع بتجانس ثقافي تندمج فيه الأقلية المسيحية»، كما يسجل أن الإخوان المسلمين موجودون بقوة في النقابات المهنية «وقد يبدو أحيانا أن الجيش هو الجهاز المصري الوحيد الذي يخلو منهم».