أصوات من السماء.. الشيخ عبدالعظيم زاهر.. أمير التلاوة يصدح بـ«مزامير داوود»

كتب: أسامة الشاذلي الإثنين 30-07-2012 16:26

يستيقظ الشيخ عبدالعظيم زاهر لقيام الليل كعادته، ثم يبدأ قراءته لكتاب الله بعد أداء ركعتى الفجر «إن قرآن الفجر كان مشهوداً»، لينفصل عن العالم رويداً رويداً، وكأنه يعيش فى ملكوت خاص به، وكلما تعمق فى القراءة زاد خشوعه وزادت رهبته، وصار لصوته حلاوة تشبه ما يقرأ، خاتماً قرأته دائماً بدعائه المفضل «اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا وأحشرنى فى زمرة المساكين».

وقد زامل ورافق الشيخ عبدالعظيم زاهر الشيخ محمد رفعت طوال طريق القرآن، وتأثر به الشيخ أبوالعينين شعيشع ووصفه بأنه مزمار من مزامير آل داوود، أما الشيخ الكبير على محمود فقال عنه أنه لم يخطئ قط.

تعرف مزامير داوود لغوياً بأنها تسابيح لله، وأناشيد حمد وسجود وتمجيد له، وقد كان صوت النبى داوود ساحراً حين يقرأ مزاميره وعادة ما كان يرتلها بمصاحبة المزمار، فيزيد القراءة سحرا وجمالاً ومساً للروح، لذلك اعتبر اللغويون مزمار داوود تعبيراً عن الصوت رائع الجمال مرهف الحس، الذى يلمس روح سامعه ويؤثر فيها، وهو اللقب الذى أطلق على الشيخ عبدالعظيم زاهر المولود عام 1904 بقرية مجول بمحافظة القليوبية، والذى حفظ القرآن الكريم مبكراً عندما أتم الثامنة، ثم درس القراءات على يد الشيخ خليل الجناينى، قبل أن يلتحق بالإذاعة سنة 1936، وتم تعيينه قارئاً بمسجد محمد على عام 1942 ثم بمسجد السيدة زينب عام 1956 ثم مسجد صلاح الدين بالقلعة.

يتذكر الشيخ عبدالعظيم زاهر جيداً قراءته لسورة «مريم» بطلب من جارته المسيحية فى القرية، وهو ما علمه لأبنائه الثمانية وهم:

الدكتور حسين زاهر أستاذ الكيمياء العضوية بجامعة عين شمس، والمهندس صلاح زاهر، والمهندس حسام الدين زاهر، والمهندس طلعت زاهر، والمهندس شمس الدين زاهر، والمهندسة علية زاهر، والمهندس عزالعرب زاهر، والمهندس عصام الدين زاهر، ودكتور سمير زاهر، ورشيدة زاهر، وقوت القلوب زاهر، أن يحبوا أهل قريتهم، ويبروهم، لدرجة أنه فى أحد الأيام الممطرة تعطلت سيارته بسبب الطين فخرج الفلاحون من الأرض وأقسموا أن يرفعوا السيارة والشيخ بداخلها حتى خرجت.

أحب الشيخ أيضاً صوت عبدالوهاب وأم كلثوم مقدراً خامة صوت كليهما، واصفاً إياه بالصوت القوى.

وكان الشيخ عبدالعظيم زاهر أنيقاً يحب ارتداء جلباب وعباءة وطاقية ناصعى البياض داخل البيت، أما فى خارج المنزل فكان حريصاً على ارتداء الجبة والكاكولا والعمة التى كانت تأخذ منه وقتاً طويلاً لإعدادها، لدرجة أنه قبل أن يتوفى قام بالحلاقة والاستحمام قائلاً «انا هقابل ربنا وشكلى حلو»، وبعدها بيوم عادت روحه إلى بارئها فى 2 يناير 1971، ليغادر الدنيا وتبقى تسجيلاته حية، وينال وسام الجمهورية بعدها بـ20 عاماً تقديراً من الدولة لقيمة الراحل العظيم.