قال الدكتور حازم الببلاوى، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية السابق، إن حكومة الدكتور عصام شرف كانت تميل إلى الاستجابة لمطالب الناس، رغم أنه كان من الأفضل أن تصارح المواطنين بحقيقة الوضع، وأن «شرف» شعر لبعض الوقت بأن وظيفته هى الاستجابة بدلاً من القيادة، وأنه كان يجب عليه أن يلبى احتياجات الناس فى الأمور بالأولى الرعاية، موضحاً أن المواطن المصرى قاسى لأكثر من 50 أو 60 عاماً، ولذلك كان يتوقع بعد الثورة جنى الثمار سريعاً، رغم أن الأمر يحتاج إلى نوع من الشدة والقيادة، بالإضافة إلى اختلال الأمن وسقوط قتلى أكثر من مرة، مشيراً إلى أنه حين اختل الأمن بدأت مصداقية الحكومة تتآكل.
وأضاف «الببلاوى» فى حواره مع الإعلامى خيرى رمضان فى برنامج «ممكن» على قناة«cbc» مساء أمس الأول أن مجىء الدكتور عصام شرف من التحرير كان عبئاً على الحكومة، وتساءل: «منذ متى تأتى حكومة مصرية بإرادة شعبية، لكن هذه الإرادة الشعبية كانت توجب على الحكومة القيادة والإرشاد وشرح الوضع للجمهور، إلا أن الحكومة توهمت أن مجيئها من الشارع يعنى إرضاء مطالب الناس فقط، مثل الأب الذى يحرص على مستقبل أبنائه فيستجيب لطلباتهم رغم قلة موارده، وغياب الوضوح والتوعية بالحكومة فى شرح الوضعين الاقتصادى والسياسى والمدى الزمنى الذى يمكن أن توفر فيه الحكومة مطالب الناس، فازدادت المطالب المصرية بزيادة الاستجابات».
وقال «الببلاوى»، الذى أصدر مؤخراً كتاب «4 شهور فى قفص الحكومة»، ويروى فيه شهادته عن حكومة «شرف»، إن التركة الحكومية ثقيلة وأن الأجهزة المصرية تعانى من مشكلات تؤدى إلى مشكلات إدارية، وأضاف: «عندما توليت وزارة المالية أردت أن أتعرف على رؤساء القطاعات فى الوزارة فقال لى رئيس أحد القطاعات إن عدد الموظفين نحو 50 ألفاً، فحين أدير يجب أن أستعين بهذا الجهاز، ويكفى أن هناك أشياء ترى أنها خاطئة، لكنك لا تستطيع تصحيحها بسبب هذا النظام الإدارى، فمثلاً تحدثت منذ عشرات السنين عن مشكلة الصناديق الخاصة، وأصدرت بياناً للمحافظات بأنه لا يجوز الإنفاق من الصناديق الخاصة فى غير الأغراض المنصوص عليها، فوجدت ثورة من المحافظات التى قالت إن عدداً كبيراً من الموظفين أجورهم صغيرة وأن معيشتهم تأتى من مكافآت من هذه الصناديق، وأننى لو طبقت ذلك لقامت ثورة فى المحافظات، فهناك أشياء الإصلاح فيها واجب، لكنك حين تكون مسؤولاً تجد أنك تحتاج لإصلاح تدريجى».
وأكد «الببلاوى» أنه رغم كل ما يحدث فإن الاقتصاد المصرى متماسك حتى الآن، موضحاً: «الاقتصاد المصرى متماسك وبعض القطاعات أضيرت مثل السياحة، لكن هذه القطاعات موجودة وتعمل، والمشكلة الأساسية هى التمويل، لذلك كان الهدف هو البحث عن موارد للتمويل فى الداخل أو الخارج، وعندما بحثت فى الميزانية وجدت أن المشكلة الكبرى هى الدعم، فإن كان الخلل والعجز بين المدفوعات والواردات نحو 160، فإن الدعم نحو 150 ملياراً، منه 60٪ فقط للمواد البترولية، والبعض يقول إن الدعم خدمة للناس، وهو أمر حقيقى، لكن خفض الدعم أو إلغاءه لن يؤثر على الخدمات، فالأموال التى سأحصل عليها ستخلق طرقاً ومدارس ومستشفيات أفضل، لأن أكبر فئة مستفيدة من الدعم هى الوسطاء، فمثلاً فى مشكلة البوتاجاز فإن سعر الأسطوانة فى المستودع 5 جنيهات، لكن المواطن يشتريها بنحو 40 و50 جنيهاً، فالفرق بين السعرين يذهب إلى جيوب الوسطاء، والدعم سيحل مشكلة الميزانية إلى جانب وضع حد أقصى للرواتب، ليس لأنه سيوفر أموالاً لكن لأنه سيعطى إشارة بأن الحكومة تشد الحزام عليها هى الأخرى وهى ما يرفع المصداقية».
وقال «الببلاوى» رداً على سؤال حول ما جاء فى كتابه بخصوص مفردات راتبه التى كانت نحو 30 ألف جنيه، إلا أنه فوجئ بإعطائه مكافأة حين حضر اجتماع وزارة البترول وأخرى فى اجتماع المعاشات: «كانت الأظرف تحتوى على بضع آلاف من الجنيهات وقد رفضت أخذها وقررت ضمها إلى ميزانية الدولة، لأننى أحصل على راتبى من أجل حضور تلك الاجتماعات، ولابد من تطبيق المبدأ فى أن نجعل المال العام خاضعاً للرقابة».
وأكد «الببلاوى» أن «شرف» لم يكن يعلم بتصرف الأمن العنيف مع المتظاهرين فى أحداث محمد محمود، وأنه أصر على الاستقالة أثناء أحداث ماسبيرو، وفى أحداث محمد محمود أصر الجميع على الاستقالة، وبعد أحداث ماسبيرو استدعاه المشير والفريق سامى عنان بشأن استقالته، وقال: «طلبوا منى الاستمرار لأن أوضاع البلد لا تحتمل الاستقالة، وقالوا إنهم سيرفضون الاستقالة، فقلت لهم إننى لن أسحبها، وأكدت أننى قلت مراراً إن استقالتى لها علاقة بالمسؤولية تجاه الشعب، وليس بالأوضاع الاقتصادية.