انتقد خبراء في الإعلام، أداء القنوات الفضائية خلال متابعاتها أحداث بورسعيد، وقالوا إنها افتقدت العمق فى تغطيتها للأحداث، وإنه كان لزامًا عليها أن تكشف عن وقائع حقيقية، وتتعمق فى تغطية الحدث، بدلًا عن تحول البرامج إلى «مكلمات» تنقل رأي الضيوف في الحدث فقط.
قال الدكتور محمد الخولى، الخبير الإعلامي، إن التعامل الإعلامى مع أحداث استاد بورسعيد يحتاج إلى التعمق، والتحليل، بالإضافة إلى مزيد من المنهج التحليلي وتقديم حلول منطقية للأحداث، بدلًا من إشعال الأوضاع، لافتًا إلى أن الصحافة أدت دورها فى نقل الأحداث.
وأضاف: «نقلت وسائل الإعلام المختلفة من الفضائيات والمواقع الإلكترونية الأزمة، وحاولت أن تعكس مدى فداحتها، لكنها مازالت تسير فى اتجاه النظام السابق بتقديم إشارة إلى وجود طرف ثالث أو لهو خفي، أو مخطط خارجي، فى محاولة لتبرئة الذات من الجريمة التى ارتكبناها فى حق أنفسنا، وهو ما ورثناه من النظام السابق».
وتابع: «ورثنا من النظام السابق متابعة الرياضة حتى التعصب القبيح، وهو ما حدث ما بين الجزائر ومصر، وانتقل من المستوى الإقليمى للمستوى المحلي بين الأندية المصرية»، واستطرد: «نحتاج إلى التأنى في تحليل ما جرى، خاصة دراسة السلبية التي أبدتها الشرطة، فضلا عن فشلها في التنبؤ بالأحداث، خاصة أننا أمام جزء مأساوي، يعد تسلسلًا واضحًا للانفلات الأمنى الذى نعيشه بداية من قطع الطرق، ثم حوادث الاختطاف والسرقات التى تحدث نهارًا».
وطالب الخولي، بتنظيم حملات توعية للمواطنين، بعد انتشار العنف واستخدام السلاح الأبيض والناري، ومعاقبة كل من يحمل السلاح بعقوبات تصل إلى الأشغال المؤبدة، وتنظيم مؤتمر للعلوم النفسية لدراسة السلوك الإجرامي وسلوك الشرطة، فضلًا عن ظاهرة تفشي العنف المسلح والتجاهل الصارخ للقانون.
وقال ياسر عبد العزير، الخبير الإعلامي، إن هناك قصورًا إعلاميًّا كبيرًا يتعلق بالأداء المهني، موضحًا أن القصور لم يتمثل في إثارة الفتنة أو إشعالها، مثلما حدث في أزمات سابقة، ولكنه تمثل في تركيز معظم وسائل الإعلام على «المكلمات» التي تنقل انطباعات وتحليلات ورؤي، دون أن تركز على الجانب الأهم وهو كشف الوقائع الموثقة التي يمكن أن توضح للرأى العام ماهية الأحداث، وأضاف: «بدلًا من الإجابة عن السؤال لماذا وكيف وقعت الكارثة، ركز الجميع فى الإجابة عن سؤال (ما رأيك في الكارثة، وما تحليلك لها؟)».
وتابع: «أثبتت الأحداث الماضية أن ما يسمى بالإعلام الرياضي، إحدى أدوات صنع الفتنة الرياضية، وهو سبب رئيسي فى تأجيج حالة الاحتقان التي أدت إلى تفجر الوضع فى أحداث بورسعيد، لكنه ليس السبب الوحيد، ويتحمل مسؤولية أكبر منه المجلس العسكرى بسبب تركه الانفلات الأمني يستفحل، بالإضافة إلى أن الجسم الرياضي وعلى رأسه اتحاد الكرة أظهر عدم وعي كامل بالبيئة الرياضية وما يتصل بها من إطار سياسي»، مستطردًا: «لا يجب أن ننسى التدني الأخلاقي والانحطاط الثقافي لدى بعض جمهور كرة القدم منذ أحداث موقعة مصر والجزائر الشهيرة في «أم درمان»، ووقتها بات واضحًا أن الإعلام الرياضي يمكن أن يفجر مشكلات كبيرة، وللأسف لم يتم اتخاذ أي إجراء نحو تقنين وتقويم الممارسات المنفلتة في هذا المجال عبر المضادات الذاتية لتقويم الأداء».