الصعود السني لـ «الأخوان» يعزز مخاوف «العلويون» من سقوط «الأسد»

كتب: رويترز الخميس 02-02-2012 16:49

في ظل التظاهرات الرافضة لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، بدأ التعصب الديني الكامن تحت السطح منذ فترة طويلة  في الظهور، خاصة ضد أبناء الطائفة العلوية، الذين يؤيدون الأسد، ليس إعجابا بالنخبة الثرية التي حكمت البلاد بقبضة حديدية دموية في أحيان كثيرة على مدى 4 عقود، وإنما لكونهم علويين أيضا.

وقال سكان علويون من مدينة «برزة»، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إنهم «يخشون في حالة سقوط الأسد، العلوي، من سفك دماء ذويهم الذين يشكلون سدس سكان سوريا، البالغ عددهم 23 مليونا، والتي يعيش فيها كذلك أقليات كبيرة من المسيحيين والأكراد».

وقال محمود، طالب علوي في جامعة أخرى بدمشق، «إذا صار في تهديد على الأسد سنذهب إلى القصر ونحميه بأرواحنا». وأضاف شخص آخر في المجموعة يدعى علي: «إذا رحل الأسد، إما سأكون ميتا، أو سأغادر البلد».

وغالبا ما ينفي زعماء معارضون التلميحات بأن الانتفاضة ستؤدي إلى تقسيم السوريين على أسس عرقية وطائفية، على الرغم من أن بعضهم حمل السلاح في مواجهة تزداد عنفا، أسفرت عن سقوط أكثر من 5 آلاف قتيل على مدار 11 شهرا.

وتعلو نبرة الكراهية الدينية في بلد شهد تدفق لاجئين، هربا من العنف الطائفي في العراق في السنوات القليلة الماضية. ويتهم كثير من غالبية السكان السنة، وهم يشكلون 75% من تعداد السكان، الأسد ووالده، بمحاباة العلويين، الذين كانوا يتعرضون للازدراء من قبل.

ويشكل تقدم حركة الأخوان المسلمين السنية، وغيرها من الحركات السنية المحافظة، في صفوف المعارضة، والتي تتهم العلويين بـ «الهرطقة»، سببا يدعو العلويين للشعور بالقلق بشكل خاص.

وقال فادي (رجل ثلاثيني) يدير متجرا لبيع الملابس في دمشق، وتعرض لمضايقات على ما يبدو: «إذا خسر بشار السلطة، سيستلمها واحد غير علوي». وتابع قائلا «النظام الجديد سيكون قاسيا معنا، وبالتأكيد سيضطهدنا».

واعترف فادي بأن بعض معارفه نقلوا معارضتهم للتغيير إلى دائرة الفعل، مدفوعين بالخوف، وأنهم هاجموا وضربوا بعض المتظاهرين، الذين تجرأوا على الأسد وقوات أمنه التي يسيطر عليها العلويون.

في المقابل، حرص آخرون على خفض رؤوسهم، في محاولة لإخفاء أي علامة على انتماءاتهم الدينية. وقد يتراوح ذلك من اللهجة، فكثير من العلويين ينحدرون من قرى جبلية قرب الحدود اللبنانية ولهجتهم العربية مميزة، إلى أسمائهم، إذ يحمل البعض أسماء تشيع بين العلويين أو تلك التي تشيع بين السنة.

ولا يثير التأييد الطائفي للأسد الخوف من أعمال انتقامية وحسب، إنما يثير أيضا الخوف من التهميش التاريخي للعلويين طيلة قرون منذ حكم العثمانيين السنة، وحتى ظهور حافظ الأسد، والد بشار، الذي تولى السلطة عام 1970 وتوفي في عام 2000.

ويقول العلويون إنه قبل حكم عائلة الأسد كانوا يعاملون عادة كمواطنين من الدرجة الثانية ويضطهدون ويحرمون من شغل المناصب العليا في الحكومة.

ويتذكر معارضو الأسد عقود الخوف والقهر تحت حكم الأسد، ولا يقتصر الأمر على الإسلاميين السنة، وإنما يشمل أيضا الليبراليين العلمانيين والشيوعيين والأكراد، ويشمل كل من يجرؤ على تحدي احتكار عائلة الأسد للسلطة.

وتحمل الإسلاميون نصيبهم التاريخي من اللحظة الأكثر دموية في حكم عائلة الأسد، عندما أطلق العنان لقوات أمنه قبل 30 عاما في حماة، وكان العلويون «رأس الحربة». وقتل عشرة آلاف على الأقل وربما مثل هذا العدد مرتين أو ثلاث مرات عندما قصفت المدفعية والدبابات معقل جماعة الأخوان المسلمين المعارضة في حماة وسوت معظم البلدة القديمة بالأرض خلال العملية.

ويسيطر العلويون على المناصب الرفيعة في جهاز الأمن، لكن آخرين كثيرين يقولون إنهم لا يرون سوى القليل من المزايا، التي حصل عليها أفراد الدائرة المقربة من الأسد على مدى 4 عقود.

ويصف البعض العلويين، الذين يسعون لتطبيق إصلاحات، بأنهم «سذج»، ويضربون مثلا بالأقلية المسيحية في مصر، التي احتضنت الثورة إلى جانب المسلمين، لكنها تخشى الآن من حكم جديد يسطير عليه السنة المحافظون.

ويدفع احتمال الحياة بدون عائلة الأسد، وهو احتمال يراه الكثير من الزعماء العالميين والعرب، حتميا، العديد من العلويين إلى أفعال متطرفة يائسة. فقد كانت المسيرات المؤيدة للرئيس وعائلته في الأيام الأولى للانتفاضة رصينة نسبيا، حيث نقل المؤيدون من المعاقل العلوية بالحافلات وهم يرددون الشعارات المعروفة لحزب البعث.