محمد أبو تريكة.. مَلِك اللحظات القاتلة

كتب: عمرو عبيد الثلاثاء 24-07-2012 20:46

 

عقب اختياره ليكون ضمن القائمة الأوليمبية التي ستمثل مصر في منافسات كرة القدم بلندن نهاية هذا الشهر، وبعد تألقه مؤخرًا ليصل بأهدافه الدولية سواء مع الأهلي أو المنتخب المصري خلال عام 2012 إلى 11 هدفًا حتى الآن يحتل بها المركز الثالث في قائمة هدافي العالم، لا يزال «الساحر» محمد أبو تريكة يبهر الجميع بمهاراته الكروية المتنوعة.


ولم تكن أهداف «أبو تريكة» الأخيرة الحاسمة مع الأهلي أو منتخب مصر هي الأولى من نوعها لهذا اللاعب الأسطوري، بل هي إحدى لمسات الفنان المبهرة ضمن سلسلة طويلة جدًّا من أهداف رائعة ومميزة حسمت نتائج مباريات لا تحصى له مع ناديه ومنتخب بلاده.


وإذا كان «أبو تريكة» قد حسم برأسه نتيجة مباراة القمة الأفريقية الأخيرة أمام نادي الزمالك بعد مباراة قوية ومتكافئة جدًّا وفي توقيت قاتل قبل نهايتها بعشر دقائق تقريبًا، وقبلها ثلاثيته البارعة في مرمى الملعب المالي التي مكنت فريقه من التأهل إلى دوري المجموعات برابطة الأبطال الأفريقية 2012 بعد وضع هو الأصعب.


فقد كرر الأمر أيضًا بهدفين في توقيت حاسم ليعبر مع زملائه بمنتخب الفراعنة من عقبة غينيا في تصفيات كأس العالم مساهمًا في تصدر مصر لمجموعتها في أفضل بداية لها بتصفيات المونديال منذ سنوات طويلة.


ولا يزال أمير القلوب، كما يحب عشاقه أن يطلقوا عليه، يمتع جمهور كرة القدم سواء داخل مصر أو خارجها ليسطر بأهدافه وأخلاقه ومواقفه تاريخًا عظيمًا سيظل متوهجًا في ذاكرة كرة القدم مهما طال الزمن.


ابن (ناهيا) الذي ولد في 7 نوفمبر 1978 لم يكن في مخيلته أن يكون النادي الأهلي هو محطته الكبرى والعلامة الفارقة في تاريخه الكروي، ولكنه اجتهد منذ كان في الترسانة قاد خلالها الفريق للعودة إلى دوري الأضواء عندما سجل 34 هدفًا في دورى الدرجة الأدنى موسم 1999/2000 وهو رقم ليس بالهين أبدًا، ليتألق في الدوري الممتاز ويلفت نظر الكبار حتى كان القدر الذي جمعه بالأهلي منتصف موسم 2003/2004 ليرتبطا بعقد أبدي مدى الحياة، بعد أن أصبح نجم نجوم الفريق وينطلق بعدها دوليًّا ليضع اسمه ضمن أهم اللاعبين في عالم الساحرة المستديرة.


وكان من الطبيعي أن يهتم به الاتحاد الدولي للعبة «فيفا» مؤخرًا ويفرد له سطورًا وصفحات كبيرة استحقها الأسطورة «أبو تريكة» بالفعل، خاصة بسبب أهدافه الحاسمة في بطولات هي الأكبر والأهم، فمن ينسى هدفه التاريخي في مرمى نادي «الصفاقسي التونسي» برابطة الأبطال الأفريقية عام 2006، ثم هدف الفوز على الكاميرون في نهائي نسخة الأمم الأفريقية 2008 بغانا، وقبلها تسديد الركلة الترجيحية الأخيرة أمام كوت ديفوار في نهائي نسخة 2006 من كأس الأمم أيضًا، مرورًا بحسمه لبطولة السوبر المصري مرتين مع الأهلي عامى 2006 و2010.

 

سجل «أبو تريكة» ما يزيد على 250 هدفًا، رسميًّا ووديًّا، سواء في الدوري الممتاز أو الدرجة الأولى مع الترسانة أو مع الأهلي ومنتخب مصر، وكان النصيب الأكبر بالطبع له هو ما أحرزه في الدوري المصري الممتاز الذي أصبح خلاله أحد أعضاء نادي المائة بعد أن وصلت أهدافه إلى الرقم (106) بحساب آخر أربعة أهداف له في الدوري الملغي 2011/2012، وكان قد هز الشباك مع الترسانة 29 مرة في الدوري الممتاز وكأس مصر، ومع الأهلي 120 مرة في كل البطولات، كما بلغ عدد أهدافه الدولية مع منتخب مصر الأول 31 هدفًا رسميًّا ووديًّا، بالإضافة إلى ثلاثة أهداف مع المنتخب العسكري المصري.


ولعب «أبو تريكة» مع الأهلي ومنتخب مصر حوالي 353 مباراة، أحرز خلالها 150 هدفًا، وبلغ معدل تهديفه فيها تقريبًا هدفًا واحدًا كل مباراتين، وكان قد حصد لقب هداف الدوري المصري 2005/2006 برصيد (18 هدفًا)، وهداف كأس مصر 2006/2007 (4 أهداف)، وهداف رابطة الأبطال الأفريقية 2006 (8 أهداف)، بالإضافة إلى كأس العالم للأندية في نفس العالم كما ذكرنا عاليًا.


وبلغ رصيد لاعب النادي الأهلي من البطولات المتنوعة 24 بطولة، 4 منها مع المنتخب المصري الأول والعسكري (2 كأس أمم، بطولة الألعاب العربية وكأس أفريقيا العسكرية)، و20 مع الأهلي (7 دوري، 2 كأس، 4 سوبر مصري، 3 بطولات أفريقية ومثلها سوبر أفريقي).


أول أهداف «أبو تريكة» الدولية مع المنتخب المصري كان في لقاء ودي أمام (ترينداد وتوباجو) عام 2004، وأول هدف مع الأهلي كان أمام (طنطا) في كأس مصر موسم 2003/2004، وأول هدف له مع الأهلي في بطولات أفريقيا كان عام 2005 أمام فيلا الأوغندي.


وسجل «تريكة» 3 مرات هاتريك في تاريخه المسجل (الأول كان وهو بقميص الترسانة في مرمى أسوان بالدوري موسم 2002/2003، ثم في مرمى المقاولون بقميص الأهلي في الدوري موسم 2005/2006، وأخيرًا الهاتريك الأفريقي في مرمى الملعب المالي الموسم الحالي)، كما سجل هدفين في مباراة واحدة عدة مرات بلغت 54 مرة، كان آخرها هدفيه الرائعين في مرمى غينيا بتصفيات كأس العالم.


كان موسم 2005/2006 موسمًا أسطوريًّا للنجم المصري الكبير، حيث سجل فيه 33 هدفًا سواء مع الأهلي أو منتخب مصر، وهو معدله الأفضل على الإطلاق في موسم واحد، وظهر أيضًا في موسم 2006/2007 بمستوى مميز وأحرز خلاله 20 هدفًا، ورغم الحديث عن تراجع معدلاته التهديفية، إلا أن هذا الأمر لم يحدث سوى في موسم 2010/2011 فقط وسجل فيه 11 هدفًا، ورغم توقف النشاط المحلي خلال الموسم الحالي إلا أن الساحر ارتفع معدل تهديفه مجددًا ليصل إلى 16 هدفًا حتى الآن، مما ساعده على احتلال المركز الثالث في صدارة هدافي العالم خلال 2012، برصيد 11 هدفًا ومن المتوقع أن يزيد رصيده في الفترة القادمة.


ولأنه يحمل لقب «هداف الدقائق الحاسمة» والمثيرة في الكثير من المباريات، فقد برز هذا بوضوح من خلال التحليل الدقيق لأهدافه، حيث سجل ما يقرب من ثلث أهدافه كلها خلال آخر ربع ساعة من كل المباريات التي شارك فيها (بين الدقيقة 76 و90 أو الوقت بدل الضائع)، وأحرز في الأشواط الثانية إجمالاً ضعف ما سجله في الأشواط الأولى خلال ثماني سنوات، وأحرز «تريكة» 10% من أهدافه تقريبًا في وقت مبكر من عمر مبارياته (أول ربع ساعة).


وبلغ عدد أهدافه التي حسمت مباريات الأهلي أو المنتخب لصالحهما بالفوز 31 هدفًا (أي ما يقرب من 20% من أهدافه المسجلة أرشيفيًّا) وحصدت أهدافه المباشرة الحاسمة 5 بطولات للأهلي والمنتخب المصري، كما نجح في إنقاذهما خلال 10 مباريات بتسجيل أهداف أنهت المباريات بالتعادل.

        

وبإجمالي 160 هدفًا تم توثيقها بالفيديو، سجل «أبو تريكة» بقدمه اليمنى السحرية 121 هدفًا (75%) بالإضافة إلى استخدامه ببراعة لقدمه اليسرى (أحرز بها ما يقرب من 12.5% من أهدافه، وهي نفس نسبة إحرازه للأهداف برأسه)، وسجل «تريكة» ما يقرب من 80% من أهدافه من لمسة واحدة فقط (ضمنها ركلات الجزاء والركلات الحرة)، بالإضافة إلى توقعه الرائع لبعض الكرات وقطعها واستخلاصها قبل التسجيل، وسجل أربعة أهداف بطريقة واحدة بعد تصحيح مسار تسديدة زميل، فسجل في مرمى الزمالك مرتين والمنصورة وسموحه بنفس الطريقة بعد أن تعامل برد فعل سريع مع تسديدة «أحمد حسن استاكوزا، شريف عبد الفضيل، معتز إينو» على الترتيب.


85% من أهدافه كانت من داخل مناطق الجزاء بينها 10% تقريبًا على حافة المنطقة، واكتفى بتسجيل 15% من كراته من خارجها، ولأن مهاراته فائقة، فكان طبيعيًّا أن يحرز 22 هدفًا بعد مراوغة عدة لاعبين (15% تقريبا) حيث راوغ ما يقترب من 30 لاعبًا قبل التسجيل، بالإضافة إلى مراوغته لـ10 حراس مرمى لم يكونوا أسعد حظًا من 13 حارسا وضع الكرة «لوب» فوق 11 منهم بينما سجل بوضع الكرة بين أقدام الحراس في مرتين.


قام «ملك اللحظات السعيدة» بتسجيل 70% من أهدافه عبر ألعاب متحركة، بينما سجل 30% من ركلات ثابتة متنوعة ما بين 12 ركلة حرة و35 ركلة جزاء سددها ببراعة وفي كل الزوايا وعلى كل الارتفاعات.. واستخدم وجه القدم الخارجي في تسجيل أهداف أكثر من رائعة بلغت حوالي 12 هدفا، كما سجل 3 أهداف من لعبة خلفية مزدوجة.


وسجل «أبو تريكة» في مرمى فرق بالتخصص، كان أولها هو الزمالك الذي استقبلت شباكه 11 هدفا بقدميه ورأسه في كل البطولات، ثم الاتحاد السكندري 9 أهداف، وطلائع الجيش 8 أهداف.. كما سجل في مرمى فريقه القديم (الترسانة) 6 أهداف بقميص الأهلي، وهو نفس عدد أهدافه في مرمى الأندية التونسية بالتخصص في بطولات أفريقيا مع الأهلي.. أما على صعيد المنتخبات، فهز شباك كوت ديفوار 3 مرات سواء في تصفيات كأس العالم أو كأس الأمم الأفريقية، وهو ما كرره أيضا مع منتخب السودان.


يبقى فقط أن نقول إن تاريخ الكرة المصرية يضم الكثير من العظماء، ومن كل الأندية المصرية، لهم كل التحية والتقدير، ولأن ما قدمه «أبو تريكة» طوال سنوات طويلة يكلله حاليا بأداء رائع ومستوى مميز، فاستحق أن نبرز أهم ما قدمه للكرة المصرية على كل المستويات، وتظل ثقة الجماهير المصرية به كبيرة جدًّا لقيادة الفراعنة أولا لتحقيق إنجاز أوليمبي جديد، ثم الحلم الكبير بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم بالبرازيل 2014، ولعلها ستكون مسك الختام لمسيرته الكروية المشرفة.