السيدة نفيسة.. دع همومك أنت في حضرة «جناح الرحمة»

كتب: سوزان عاطف الثلاثاء 24-07-2012 19:12

حالة روحانية نادرة تبعث على الهدوء والسكينة فى نفس كل زائر لمسجد السيدة نفيسة، الذى يحظى بمكانة عالية فى وجدان المصريين، الذين يكثرون من زيارته خاصة يوم الأحد من كل أسبوع أو كما يسمونه «يوم الحضرة». بنى مسجد السيدة نفيسة عام 1314 هجرية، الموافق 1897 ميلادية. مُشرفا باسم «السيدة نفيسة» بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، رضى الله عنه. ولدت بمكة ونشأت بالمدينة، وقدمت إلى مصر سنة 193 هجرية، الموافق 809 ميلادية، وأقامت بها إلى أن توفيت فى سنة 208 هجرية الموافق 824 ميلادية.

كانت سيدة صالحة زاهدة تحفظ القرآن وتفسيره. ويقال إن أول من بنى على قبرها هو عبيد الله بن السرى بن الحكم، أمير مصر. وفى سنة 482 هجرية، الموافق 1089 ميلادية، أمر الخليفة الفاطمى المستنصر بالله بتجديد الضريح، كما أمر الخليفة الحافظ لدين الله فى سنة 532 هجرية، الموافق 1138 ميلادية بتجديد القبة.

وفى سنة 714 هجرية، الموافق 1314 ميلادية، أمر الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء مسجد بجوار مشهدها، وفى سنة 1173 هجرية، الموافق 1760 ميلادية، جدد الضريح والمسجد الأمير عبدالرحمن كتخدا. ولما أتلف الحريق قسما كبيرا من المسجد سنة 1310 هجرية، الموافق 1892 ميلادية، أمر الخديو عباس باشا الثانى بإعادة بنائه هو والضريح، وتم ذلك فى سنة 1314 هجرية، الموافق 1897 ميلادية، وهو المسجد القائم الآن بالحى المعروف باسمها. ويقول المريدون إن الحجرة التى كانت تتعبد فيها، حافظ عليها رعاة مشهدها جيلاً وراء جيل، وإن «خاصتهم» يمكنهم البقاء فيها لساعات أو أيام، ومنهم فنانون ومثقفون ورجال أعمال وساسة.

واجهة المسجد الرئيسية يتوسطها المدخل، وهو بارز عن سمتها ومرتفع عنها، تغطيه طاقية مقرنصة، وتقوم أعلاه منارة رشيقة، بنيت مع الوجهة على الطراز المملوكى. ويؤدى هذا المدخل إلى «دركاه»، يدخل منه الزائر المسجد، وهو عبارة عن حيز مربع، تقريبا مسقوف بسقف خشبى منقوش بزخارف عربية جميلة، ويعلو منتصف البائكة الثانية منه شخشيخة مرتفعة، وهو محمول على ثلاثة صفوف من العقود المرتكزة على أعمدة رخامية مثمنة القطاع.

يتوسط جدار القبلة محراب، مكسو بالقاشانى الملون البديع، وفى طرف الجدار، وعلى يمين المحراب، باب يؤدى إلى ردهة مسقوفة، بوسط سقفها شخشيخة حليت بنقوش عربية، ومن هذه الردهة يصل الإنسان إلى الضريح بواسطة فتحة معقودة، وبوسطه مقصورة نحاسية أقيمت فوق قبر السيدة نفيسة، ويعلو الضريح قبة ترتكز فى منطقة الانتقال من المربع إلى الاستدارة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات. ومن الطرائف الأثرية التى نقلت من مشهد السيدة نفيسة، ذلك المحراب الخشبى المتنقل الذى صنع للمشهد بين سنتى 532-541 هجرية، 1137-1147 ميلادية، والمودع الآن بدار الآثار العربية، مع محرابين خشبيين آخرين، صُنع أحدهما للجامع الأزهر، والثانى لمشهد السيدة رقية، وفيها تتمثل دقة صناعة النجارة الفاطمية وروعة بهائها.

وعادة ما ترتبط زيارة «المقام النفيسى» بصلاة العصر، ولا يعرف أحد ما هو سر ارتباط الزيارة بيوم الأحد وبصلاة العصر تحديداً، ومبرر خصوصيتهما لدى مريدى السيدة، وإن فسّر الشيخ حسن، حفيد أقدم أئمة المسجد الشيخ عبدالخالق، الأمر بـ«اجتهاد من المصريين توارثوه جيلا عن جيل» فمن منطلق حبهم لآل البيت، خصصوا لكل ضريح من أضرحتهم يوما للزيارة، أطلقوا عليه «الحضرة». أما هى، فمع خصوصية الأحد وصلاة العصر، اختصها المصريون بقائمة طويلة من الألقاب، فمع لقبها الأشهر «نفيسة العلوم»، هى نفيسة الدارين، السيدة الشريفة العلوية، والسيدة النقية، والعفيفة والساجدة والمتبحرة، وأم العواجز.. تتشارك فيه مع «السيدة زينب»، وفرع الرسالة، وجناح الرحمة، ونفيسة المصريين.