ذكر تقرير أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان، حول أحداث العنف التى شهدتها البلاد فى شهري نوفمير وديمسبر الماضيين، أن رجال الشرطة المدنية والعسكرية «استخدموا القوة المفرطة فى فض الاعتصام السلمي بميدان التحرير في 19 نوفمبر، على نحو غير مبرر».
وأكد التقرير، الذى أعلنه «القومي لحقوق الإنسان»، أمس، توفر أدلة على استخدام الأعيرة النارية الحية فى قتل المتظاهرين وإصابتهم، وإصابة رجال أمن، مطالبا باتخاذ الإجراءات القضائية تجاه كل مرتكبي تلك «الجرائم والانتهاكات» التى رصدها التقرير، وشدد على أن «التأخير في الردع القانوني لانتهاكات حقوق الإنسان يعد في مقدمة أسباب زيادة الاحتقان وتكرار هذه الأحداث في الشارع المصري».
وأدان التقرير بشدة الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة أثناء أحداث شارع محمد محمود، ومجلس الوزراء، وأضاف أن قوات الأمن بشقيها المدني والعسكري مسؤولة عن حماية المتظاهرين والكشف عمن يسمونهم «الطرف الثالث»، وإلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم. وقال إنه «لم يثبت للجنة استخدام مكونات سامة وغازات أعصاب ضمن مكونات القنابل المسيلة للدموع التى أطلقت على المتظاهرين».
وانتقد، ما سماه، «محاولات لتشويه سمعة المتظاهرين فى ميدان التحرير»، وأبرزها «اتهامهم بالتحايل من أجل الحصول على التعويضات المقررة للمصابين بغير وجه حق» وإدعاء وقوع تحرش جنسى واغتصاب فى 3 حالات على الأقل فى ميدان التحرير، وادعاء انتشار المواد المخدرة بين المعتصمين، مستدركا أنه «لوحظ تورط بعض الموجودين بميدان التحرير فى تصرفات تسئ إلى باقي المتظاهرين والمعتصمين، كان أبرزها الاشتباكات التى نشبت بين المتظاهرين والباعة الجائلين فى الميدان، وفاقمت من زيادة عدد المصابين، وغياب الشعور بالأمان».
وأضاف التقرير، أن جميع طلبات المجلس القومي لحقوق الإنسان وغيره من المنظمات الحقوقية، بمتابعة سير التحقيقات فى هذه الأحداث، لم يتم الاستجابه إليها، «بل على العكس من ذلك، جرى تجاهل الرد على مطالب الوصول إلى مصادر المعلومات الرسمية».
وطالب التقرير بإعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة باعتباره مؤسسة قومية مملوكة للمصريين يتعين أن تقوم بدورها فى النهوض بالمرأة والدفاع عن حقوقها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتفعيل القرارات والتعهدات التي قدمتها الحكومة بالنسبة لقضايا حقوق الإنسان والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، وفى مقدمتها تأكيد الحق فى التظاهر السلمي، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، والحد الأدنى للأجور، وسياسة ضريبية تتمشى مع العدالة الاجتماعية.
وأوصى بضرورة تطوير التشريعات المتعلقة بتنظيم حقوق الإضراب والتظاهر والاعتصام بما يتماشى مع إطلاق الحريات العامة بعد ثورة 25 يناير، مشددًا على أنه «لا يجوز الاعتداد بقوانين أقرت فى عهد الاحتلال البريطاني في مطلع القرن الماضي، تنظم الحق فى التظاهر السلمي، وتأهيل قوات الأمن على التعامل مع الاضطرابات المدنية على نحو آمن وفق المعايير الدولية المتبعه فى هذا المجال.
ودعا التقرير إلى تطوير آليات التفاوض بين السلطة والمجتمع خلال ما تبقى فى المرحلة الانتقالية، على نحو يضمن تسلسلها الطبيعي، ويتجاوز الالتباسات التي كانت أحد مصادر الاحتقان الاجتماعي، وإلى تشكيل «مجموعة أزمات» من الشخصيات العامة ذات المصداقية، تكون قادرة على التواصل مع الجمهور، وتخويلها صلاحيات التفاوض الميداني لاقتراح حلول سياسية تكون موضع اعتبار لدى السلطات.