نفى محمد دحلان، القيادي الفلسطيني وزعيم تيار الإصلاح في حركة فتح، عجز المجتمع الدولي عن لجم نظام رجب طيب أردوغان الذي يعدّ عجوزًا أكثر من عجز السلطنة العثمانية، وبالأرقام والوقائع فالمواطن التركي منهك اقتصاديا، وفي تركيا أكثر من 1.5 مليون جامعي عاطل عن العمل، و7 ملايين موظف يعيشون على الحد الأدنى للأجور، وأكثر من 80 ألف مواطن تركي ينتظرون المحاكمات، ولسجناء يتقاسمون النوم كل أربعة سجناء لمكان واحد.
وأضاف دحلان، في تصريحات صحفية، أنه رغم كل تلك الوقائع، نظام أردوغان الإخواني صامد لأنه يرقص على حبل التناقض الرفيع بين الشرق والغرب، ويستغلّ الجغرافيا لأغراض عدوانية معلنة، لكن علينا دائما أن نتذكّر بأن في تركيا شعب شقيق أقرب إلينا من حبل الوريد، وعلينا أن نؤمن بأن هذه الموجة الإخوانية بقيادة أردوغان في حكم تركيا مرحلة لها نهاية، نرجو الله أن لا تكون دموية بحلول استحقاقات انتقال السلطة«.
وحول وجود رابط بين انتشار التطرّف وفكر الإخوان، أكد دحلان عمق تأثير وتحفيز جماعة الإخوان للإرهاب الدولي على نطاق واسع، فليس هناك حركة عنف متأسلمة مسلحة دموية إلا وانطلقت من رحم الإخوان، فكل الشخصيات والحركات والتنظيمات نبعت وتنبع من رحم الجماعة، «اليوم نرى مثل أردوغان وغيره ينطلقون من القواعد ذاتها، لذلك أقول وأكرر بأن العالم في خطر شديد إن لم ير الحقيقية، والعالم سيصدم حين يرفض أردوغان نقل السلطة بسلاسة حال خسر التصويت مستقبلا، لأن صناديق الانتخابات كانت طريقه للوصول ولن تكون بوابة المغادرة بالنسبة إليه».
وقال إن خطة السلام الأمريكية تطرح مشروع دولة بلا سيادة جوًا وبرًا وبحرًا، دولة منزوعة السيادة بالكامل عاصمتها في بقعة محشورة سموها إن شئتم القدس الجديدة، «باختصار فريق الرئيس ترامب رمى جمرة ملتهبة للجانب الفلسطيني، فإن تلقفها حرقته، وإن تجنّبها قالوا الفلسطيني أضاع فرصة سلام جديدة».
واعتبر القيادي الفلسطيني، أنه من العبث النظر إلى الخطة المريكية أو البحث في تفاصيلها، لأن العقل السوي يفرض وجوبًا النظر لتوقيت وأهداف المشروع، فالتوقيت انتخابي بحت والأهداف واضحة للغاية منذ ما قبل الإعلان عن المشروع.
وأشار دحلان إلى أن الرئيس ترامب يقول سنعطي 40% من أراضي القدس والضفة الغربية فورًا للاحتلال الإسرائيلي، وننتظر لنرى إن كنتم أنتم الفلسطينيون أولادًا طيبين في السنوات الأربع القادمة، وإذا ما تأكدنا من ذلك وفق مقاييسنا نحن، سوف نمنحكم بعض ما تبقى من 60% من أراضي الضفة الغربية، لكن عليكم أولًا أن تسموها دولة فلسطين، وأن تعتبروا ذلك نهاية للصراع بشروطنا، وأولها الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل دولة يهودية وإسقاط حق العودة، ولكم دولة بلا حدود إلا مع إسرائيل.
وأشار دحلان عن الأوراق الرابحة في يد السلطة في المعركة الراهنة مع الجانب الإسرائيلي، أنه في أي صراع أوراق القوة دائما موجودة بقليل أو كثير من الجسارة الوطنية، وهناك نقاط ضعف في كل صراع، فالنقص ليس في شح الأوراق الرابحة بل في شح الإرادة، ومن هو جاهز للمخاطرة، وقادر على توظيف أوراق القوة، فالمصالح والقناعات الشخصية تلعب دورا خطيرا في التأثير على طبيعة قرارات هذا القائد أو ذاك.
ولفت إلى أن قيادة السلطة الفلسطينية الرسمية لم تستخدم أوراق قوتها بعد، «فضلت المغامرة بأضعف الأوراق المرتكزة على تأكيد وتكرار المواقف التقليدية، هل أنا قلق من ذلك لا ونعم. لا: لأن الأصدقاء الدوليين يرغبون في رؤية الهدوء وحالة اللاعنف استنادا لنظرية دع المراكب تسير بلا مخاطر، ولا بأس من إتاحة بعض الوقت للأصدقاء ليفعلوا ما يعتقدون بأنهم قادرون عليه، شريطة وضع سقف زمني قصير وواضح لذلك، مع تحفيز المقاومة الشعبية فورا، ونعم: لأن هذه الوداعة السياسية الفلسطينية قد تصبح نهجا ثابتا يطلب أصحابه من الشعب التطبع عليه، وهذا يخالف جوهر حقنا الفلسطيني في مقاومة المحتل».
وتابع: «لا أحد على وجه الحياة يملك من القدسية والسلطة الوطنية والأخلاقية ما يؤهله منع الشعب الفلسطيني من مقاومة المحتل بكل الوسائل المشروعة في القانون الدولي، وهنا ستبدأ المعضلة والصراع بين وداعة الطبقة السياسية، والغضب الشعبي العارم المشروع».
كما أكد محمد دحلان أن الانقسام الفلسطيني آفة فتاكة أضعفت وتضعف المناعة الفلسطينية بشكل عام وعلى نحو شامل، وإنهاء الانقسام وتعزيز قوة الجبهة الداخلية ضرورة إستراتيجية، بغض النظر عن المخاطر والاستحقاقات الراهنة ومن بينها مشروع ترامب، دعوني أقول ما يلي: أولًا وعلى أرض الواقع ينفذ الاحتلال الإسرائيلي بالقوة مشاريع تغيير ديموغرافية عميقة وآخرها الخطة الاستيطانية لابتلاع أراضي مطار قلنديا، ونتنياهو كان سينفذ تلك المشاريع بوجود أو عدم وجود مشروع ترامب، لأنه وبكل بساطة ليس أكثر من استجابة لوقائع يعمل نتنياهو على فرصها بقوة الاحتلال العسكري.
وقال «إن من يعطّل التفاهم الوطني وإنهاء الانقسام يخدم مخططات نتنياهو الاستيطانية، ومن بينها مشروع ترامب، لأنه ليس أكثر من اشتقاق هامشي لطموحات وأهواء نتنياهو وعصبة توراتية متشددة يقودهم رابايات نيويورك».
وحول اتهام بعض الفصائل الفلسطينية للدول العربية بالتخاذل في دعم فلسطين ضد خطة ترامب، دعا دحلان إلى الكف عن هذا التلاسن العبثي وفي ذلك مصلحة وطنية فلسطينية، والشكر والعرفان لما قدّمه الأشقاء العرب بلا استثناء، فقد قدّموا للفلسطينيين كل الدعم السياسي والاجتماعي والمالي على مدى سنوات وعقود، وطلب الفلسطينيون من الأشقاء العرب قبول ما نقبل ورفض ما نرفض، وذلك ما فعلوه تماما، وكل العرب تبنّوا شعار الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين (مع فلسطين ظالمة أو مظلومة)، والمواقف العربية الرسمية لم تنزل يوما عن الموقف الرسمي الفلسطيني.
وأوضح دحلان، أنه لا يسعى ولا وقت لديه لمعارك جانبية سخيفة مع بعض الإخوان أو غيرهم، رغم سعي البعض إلى إدامة هذه المعركة الجانبية، ومن كان يفعل ذلك لأسباب فلسطينية أقول له ركّز على الاحتلال والاستيطان، ولدينا المتسع من الوقت للعراك لاحقًا، «أما من يريد افتعال المعارك معي لأسباب إقليمية فأقول له العب بعيدا يا شاطر، أنت مكشوف وأطماعك وشهواتك معروفة ومكشوفة، وليس لديّ وقت لتفاهاتك الرخيصة، لكن إن قررت المضيّ قُدما في معركتك المشبوهة معي، فلن تجد مني إلا الإهمال والاحتقار، فارجع إلى أسيادك هنا أو هناك وقل لهم لم نستطع استدراج دحلان للجدل».