«تعليق مؤقت لتأشيرات العُمرة.. ومنع زيارة الحرم النبوي الشريف»، بيان أطلقته وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية، صباح اليوم، ردًا على تفشّي «كوفيد 19» أو الذي عُرف عالميًا بفيروس كورونا، وخطورة انتقال المُسافرين حاملي المرض إلى السعودية، لذا تتجه السلطات إلى حفظ الأرواح وضمان سلامة المُعتمرين بتلك الطريقة.. سعيًا نحو تطويق وتحجيم المرض عن التسرب إلى الأراضي السعودية، والذي رأته دار الإفتاء المصرية أنه «قرار يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية».
رغم القرار الأخير إلا أن وزارة الصحة السعودية لم تكشف إلى الآن عن إصابة أي سعودي يعيش بين حدود أراضيها، نافية توارد شائعات حول وجود مُصاب بالدمام، ولفتت إلى ضرورة عدم الانسياق وراء الأقاويل، في حين أعلنت وزارة الصحة الكويتية اكتشاف مُصاب سعودي، وهو يستقر حاليًا بالكويت بعد عودته من إيران، وسيبقى لحين شفائه، أما وزارة الصحة السعودية فأكدت على تعاونها مع وزارة الصحة الكويتية لعلاج المواطن السعودي.
لا تزال السعودية تُحكم سيطرتها على المرض، لكن يبدو أن الحذر لا يمنع من القلق الذي يزداد مع توافد المُعتمرين إلى السعودية بأعداد مُضاعفة، وتحديدًا مع اقتراب شهر رمضان، الذي يحل في الـ24 إبريل المُقبل، لذا لجأت السلطات إلى المنع المؤقت، مُعتبرة إياه وسيلتها لحماية قاطني السعودية، لكن ذاك السلاح الوقائي لم يستعمل للمرة الأولى، إذ اتجهت السعودية إلى مواقف مُشابهة من قبل.
منذ 5 سنوات مع تفاقم مرض إنفلونزا الخنازير عالميًا، تسلل المرض إلى السعودية، لذا أعلنت وزارة الصحة السعودية، في يوليو 2009، عن وفاة مواطن سعودي بفيروس «إتش1 إن1»، وقالت الوزارة إن الرجل كان يبلغ 30 عامًا وعاش بالمنطقة الشرقية، وهي الحالة الأولى بالمملكة وقتذاك، تعالت الأصوات المُطالبة بتأجيل الحج والعمرة منعًا للإضرار بالمُسافرين. وهو ما دفع المُتحدث باسم وزارة الصحة السعودية حينها، خالد المرغلاني، إلى إعلان منع المسنين والأطفال الصغار من أداء فريضة الحج، بعد اكتشاف الحالات الأولى من مرضى الإنفلونزا.
وكان ذلك القرار، في إطار توصيّات ودعم مؤتمر وزراء الصحة العرب، الذي دعا إلى عدم السماح بأداء الحج للأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 عاما والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما. في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية أن فيروس إنفلونزا الخنازير انتشر في 160 بلدا ويمكن أن يصيب حوالي ملياري شخص في غضون العامين المقبلين.
وحظرت إيران على مواطنيها تأدية العمرة في شهر رمضان، بعد مرور أسبوعين على قرار السعودية، في محاولة لاحتواء انتشار المرض، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن محمد باقر لانكراني، وزير الصحة الإيراني، زمن تفشي ذاك المرض، قوله «لن يكون لدينا معتمرون في السعودية خلال شهر رمضان».
وأضاف أن الأعداد الضخمة من المسافرين للأماكن المقدسة خلال شهر رمضان تزيد خطر انتشار المرض ونقله معهم إلى إيران، في حين أبدت سلطنة عُمان الموقف ذاته تجاه العمرة، خلال بيان، مُعربة عن حرصها على صحة الأفراد والمجتمع وعنايتها بالمعتمرين وضمان سلامتهم.
وحول جواز القرار دينيًا، أكد مُفتي الجمهورية السابق، الدكتور علي جُمعة، لـ«المصري اليوم» ضرورة الاجتهاد الجماعى بين المجمعات الفقهية الإسلامية للخروج بفتوى موحدة توضح موقف الشريعة من هذا التأجيل.
وقال: «إن صدور قرار بالتأجيل في حالة انتشار المرض، يعتمد على تقارير فنية لوزارات الصحة والزراعة والبيئة، واجتهادات علماء الأمة الإسلامية لتحديد موقف موحد من هذا الخطر».
وسبقه بسبع سنوات، تفشي وباء «سارس»، فهو الالتهاب الرئوي الحاد الذي ظهر في أواخر 2002 بالصين، وهي ذات البيئة التي خرج منها فيروس كورونا، إذ أصاب أكثر من 8 آلاف شخص على مدار 8 أشهر، مُنتشرًا بين 29 دولة، ووصف بـ«أول وباء في القرن الحادي والعشرين»، فبادرت السعودية بحماية الوافدين لأداء فريضة العمرة والحجاج، واشترطت السعودية حينها خلو المُسافرين من المرض، والخضوع إلى الفحص قبل دخول الأراضي السعودية، من أجل حماية الأرواح القادمة إلى المملكة.
وبالعودة إلى التاريخ، نجد ابن كثير الدمشقي، مُحدّث ومفسر وفقيه، ذكر في كتابه الموسوعي «البداية والنهاية»، انتشار داء الماشري في مكة، ويرجع زمن الأحداث إلى سنة 357 هجرية، والذي أدى إلى موت أعداد كثيرة، كما نفقت جِمال الحجيج في الطريق عطشًا، ولم يصل إلا أعداد قليلة إلى مكة.
ويرجّح أن المرض الذي تفشى حينها «الماشري» هو الطاعون، ويسجّل على أنه من بين الأمراض التي انعكس تأثيرها على الحجاج والمعتمرين في ذاك التوقيت، شأن الأوبئة والأمراض السابقة.