ملك الأردن يدخل عامه الخمسين بمخاوف «الربيع العربى»

كتب: غادة حمدي السبت 28-01-2012 17:42

مع استقباله عامه الـ50 غداً، يواجه العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى تحديات داخلية تتصدرها مطالب الإصلاح ومكافحة الفساد، التى تصاعدت وتيرتها تأثراً برياح «الربيع العربى». ولم تكن فترة حكم الملك عبدالله - الذى تولى عرش المملكة فى 7 فبراير 1999 - سهلة لأسباب كثيرة، منها على وجه الخصوص تداعيات هجمات 11 سبتمبر 2001 على المنطقة، والغزو الأمريكى للعراق عام 2003، والأوضاع فى الأراضى الفلسطينية وتأثيرها على المملكة، التى يشكل الأردنيون من أصول فلسطينية نحو نصف عدد سكانها، وأخيراً «الربيع العربى» وتداعياته على الأردن، والذى يعد التحدى الأبرز للملك، كونه نابعاً من الداخل.

وبشكل عام، تتمتع المملكة بسمعة طيبة فى مجال الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى انفتاح نسبى وهو ما كان يميزها دائماً عن الكثير من الدول العربية، الأمر الذى ساعدها على الصمود فى وجه «خماسين» الربيع العربى، فالملاحظ أن المظاهرات التى خرجت فى الأردن كانت سلمية، وليست واسعة النطاق، ولم يردد المتظاهرون خلالها أى هتافات تطالب بإقصاء الملك من الحكم، وإنما انحصرت أهدافها فى مكافحة الفساد واعتماد المزيد من الإصلاحات، والحد من ارتفاع نسبة البطالة التى وصلت إلى 13%.

وفى محاولة منه لتهدئة الاحتجاجات فى بلاده، قام الملك عبدالله باعتماد عدد من الخطوات الإصلاحية، من بينها إنشاء لجنة للحوار الوطنى، مكلفة بإجراء تعديلات فى الدستور لمنح المواطنين حقوقا أكبر للتعبير عن آرائهم السياسية، فضلاً عن تطبيق نظام جديد لاختيار الحكومات فى المستقبل، حيث تعهد العاهل الأردنى فى أكتوبر الماضى بأن البرلمان سيشارك فى تشكيل الحكومة الجديدة، حتى يتم إجراء تعديل لانتخاب رؤساء الحكومة عن طريق التصويت الشعبى. وبموازاة ذلك، تشهد المملكة دعوات واسعة لمحاكمة مسؤولين متهمين باختلاس مليارات الدولارات.

لكن المحللين السياسيين يتشككون فى قدرة الأردن على تحقيق التغييرات المنشودة، فمن ناحيته، رأى المحلل السياسى لبيب قمحاوى أن ما يحدث هو «ترقيع للنظام السياسى»، و«مضيعة للوقت». وأضاف فى حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى» إن «المشكلة تكمن فى النظام الذى يحظر على الأحزاب السياسية أخذ نصيبها الشرعى فى البرلمان عن طريق تزوير الانتخابات نفسها». وبالفعل، يبدو أن الأردن لم يستطع حتى الآن تفادى رياح التغيير، حيث شارك نحو ألف شخص الجمعة الماضى فى مظاهرة وسط عمان دعت لها الحركة الإسلامية تحت عنوان «جمعة التأكيد» على مطالب الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد، وذلك فى الوقت الذى أظهرت فيه بعض المؤشرات تراجعاً فى مستوى الحريات فى المملكة، حيث أعلنت منظمة «مراسلون بلا حدود» فى تقرير لها أن المملكة خسرت 8 نقاط فى تصنيفها لحرية الصحافة عام2011 وحلت فى المرتبة 128، بينما أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكماً بالسجن سنتين بحق ناشط شاب «18 عاماً» أحرق صورة للعاهل الأردنى.

ويقول الباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية فى الجامعة الأردنية محمد المصرى: «للمرة الأولى يواجه الملك تحديات داخلية، بالتالى فإن قدرته على المناورة أصبحت أقل فى مواجهة التحديات الخارجية»، فيما قال على الحباشنة، رئيس اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين، الذى شكل الأسبوع الماضى حزبا سياسيا سيكون فى حال الترخيص له أول حزب منبثق عن الحراك الشعبى، حيث قال: «يجب على الملك أن يعلن بكل وضوح وصراحة إرادته الحقيقية بفتح تحقيق فى كل قضايا الفساد بغض النظر عن الصداقة أو صلة القرابة منه». ودعا الحباشنة الملك إلى «الاقتداء بأجداده وأن يعلن تبرعه بأمواله المنقولة وغير المنقولة لصالح خزينة المملكة».

من جهته، قال زكى بنى ارشيد، رئيس المكتب السياسى فى حزب «جبهة العمل الإسلامى»، الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة فى الأردن. أن «المخرج الحقيقى هو فى الاستئناف السريع للإصلاحات الدستورية والذهاب بشكل مبكر إلى انتخابات برلمانية نزيهة وفقا لقانون انتخابى ديمقراطى جديد واعتماد الملكية الدستورية».