جدا الطفل ضحية التعذيب حتى الموت: «أمه ضربته بسبب البكاء» (صور)

الطفل لم تصدر له شهادة ميلاد.. وأمه كانت تجبره على «تعاطي الحبوب المنومة»
كتب: محمد القماش الأحد 02-02-2020 19:55

على أريكة خشبية، أمام خيمة داخلها بطانيتان على الأرض، وسط ركام إزالات العقارات، فى منطقة سور مجرى العيون، جلس جد الطفل «سيف»، ابن السنوات الأربع، والذى قُتل على يد أمه لكثرة بكائه.

«المصرى اليوم» التقت بالجد، على أمين، الذى روى تفاصيل الواقعة بمزيد من الأسى، قائلًا: «بنتى (بسمة) عملت مصيبة، ما اعرفش ضربته إزاى كده؟!، الولد كان بيبكى كتير من صغره، وأبوه وأمه كانوا متعودين يدُّوله عقاقير منومة، غير أن الصغير كان عاجزًا عن الحركة، ولا يستطيع القيام من مكانه بسبب نقص الكالسيوم فى جسمه».

الجد «على» بدا حزينًا، وعيناه ووجهه غير واضحة الملامح، موضحًا: «نسيت الاستحمام من زمان لأننا عايشين فى الشارع، ولو تحبوا تعرفوا مأساة بنتى المتهمة، فهى بدأت منذ 8 سنوات عندما تزوجت من محمد فولى، سروجى السيارات، وأنجبت منه 4 أولاد، بينهم الضحية (سيف)، جميعهم غير مقيدين بشهادات ميلاد ولا وثائق رسمية، وزواج بنتى دون أوراق ثبوتية، زيجة مأساوية انتهت بكارثة قتل الطفل».

الرجل الذى لا يعرف سنه تحديدًا، ولا يعرف على وجه التحديد سن أولاده يحكي «أنه قبل 10 سنوات تقريبًا، تقدم (فولى) لخطبة بنتي الكبيرة بسمة، ورفضت الخطبة»، مبررًا: «أصله الراجل ده تزوج مرتين، إحدهما ماتت، والثانية طُلقت، فقلت: أكيد نصيب بنتي لن يكون أقل سوءً، وطلع أسود من قرن الخروب».

عش جد الطفل ضحية التعذيب في منطقة سور مجرى العيون

ذات صباح، فوجئ «على» باستدعاء ابنته بسمة له، وهي تقول: «أنا ومحمد هنتزوج عرفيًّا، تعال اشهد على الزواج»، فقال لها: «أنتٍ لا بنتي ولا أعرفك»، ثم نهر زوجها العرفي: «إياك تيجي عندى، أنا لم أضع يدي فى يدك، ولا تسألنى شئ ولا أسئلك»، أثمرت الزيجة عن إنجاب 4 أطفال: «الضحية ترتيبه الثانى بينهم، وجميعهم غير مقيدين بشهادات ميلاد، ولا وثائق رسمية، وزواج ابنتى دون أوراق ثبوتية».

زوج «بسمة»، من منطقة الحوامدية، يعمل بورشة بأبوالنمرس، استأجر حجرة بسور مجرى العيون، ليعيش حينئذ إلى جوار أسرة زوجته، والأخيرة كانت تتردد على والديها ومطمئنة، غير أن الأحوال تغيرت بين ليلة وضحاها إلى الأسوأ، بحسب قول الجد «على»، موضحًا: «صدرت قرارات إزالات منذ عام تقريبًا، والأوضة بتاعتى اتهدت، وبنتى أوضتها كمان اتهدت».

أقام «على» خيمة ملاصقة للسور، تؤويه هو وزوجته المُسِنّة، التى تبيع مناديل فى الإشارات، وابنه، الولد الوحيد الذى يعمل معه فى جمع البلاستيك وعلب الكانز، بينما كانت ابنته «بسمة» وزوجها وأولادهما الأربعة ينامون عند إشارة مرور قريبة من السور.

صباح أحمد، والدة «بسمة»، تحركت مشاعرها وقالت لابنتها: «تعالِى عندنا فى الخيمة وهاتى عيالك، البرد هيموِّتكم»، وكأنهم أفضل حالًا، كما تقول الجدة لأم الطفل «سيف»: «كنت بنام أنا وبنتى والعيال وابنى داخل الخيمة، وزوجى ينام على الأريكة، ولما الجو يمطر كان بيدخل الخيمة».

داخل الخيمة اعتدت «بسمة» بعصا خشبية على نجلها «سيف» فوق رأسه ويديه وقدميه، حسب تقرير الطب الشرعى الأولى، ويقول جدا الطفل: «الولد مش بينام، وهى معاها 3 أطفال غيره، (كمال)، عمره 8 سنوات، و(شيرين) و(سوكة)، والأولى رضيعة، الظاهر ضربته علشان ينام».

الجد «علي» كان يشاهد ابنته تجبر طفلها «سيف» على تعاطي حبوب منومة، ولما سألها: «ليه يا بنتى يأخذ منوم»، قالت له: «محمد زوجى، من أول ما الطفل دا بلغ عامين تقريبًا، كان يعطيه المنوم، علشان يبطل عياط».

«المصري اليوم» تحاور جد الطفل ضحية التعذيب في منطقة سور مجرى العيون

«(سيف) أعصابه كانت سايبة، لا يستطيع القيام من مكانه، الدكاترة قالوا جسمه ناقص كالسيوم»، يقول جدا الطفل، لافتين إلى أن الضحية عُرض على طبيب منذ صغره، وقال إنه يحتاج رعاية لكن قلة الفلوس والاعتناء أدت إلى أنه كان شبه مشلول.

لدى عودة الجدين من عملهما، مساء الجمعة قبل الماضى، كما قالا، وجدا ابنتهما «بسمة» تبكى، قائلة: «سيف مات»، كانت جثته ممددة على الأرض، وقلنا إنه مات من البرد.

جد الضحية لأمه، طلب من محمد زيد، عامل الطوب والأسمنت: «اتصل بأبو الطفل سيف، وقول له: ابنك مات»، فاستجاب وقال لوالد سيف: «البقاء لله الولد مات، تعال علشان تعمل تصريح دفن»، سأل الأب: «مات إزاى؟»، استغرب الرجل حينها السؤال: «أكيد مات من البرد».

والد الضحية توجه إلى قسم شرطة مصر القديمة، وأبلغ باشتباهه فى وفاة نجله، وحضرت قوة من الشرطة، وضبطت الأم المتهمة التى اعترفت: «ضربته بالعصا الصغيرة دى على جسمه وراسه لأنه بيعيّط كتير، ومات مش عارفة إزاى؟!».

«المباحث» اكتشفت أن الضحية وأشقاءه الثلاثة غير مُسجَّلين رسميًا بالسجلات، وأن زيجة والديهم تمت دون عقود رسمية ولا أوراق ثبوتية.

شهود العيان أفادوا بأن والد الطفل كان «بيجى أحيانًا وينام داخل الخيمة مع زوجته وعياله وحماه وحماته»، والأخيرين قالا: «كنّا بنصرف على عيال بنتنا، وزوجها كان يتركها دون مصاريف، ولا عمره سأل عن الطفل»، فيما اتهم والد الطفل الضحية زوجته بـ«القتل العمد».

النيابة العامة قررت حبس المتهمة 4 أيام، وأمرت الطب الشرعى بإعداد تقرير وافٍ حول سبب وفاة الطفل.